صلاة من أجل حلب

صلاة من أجل حلب

05 مايو 2016
+ الخط -
حلب التي كانت الموسيقى تغني لها القدود والمواويل في الزمن الماضي، أضحت الألحان اليوم أكثر حزناً عليها من كل تنديدات المجتمع الدولي والعالم كافة.
لثلات دقائق و49 ثانية، تجلت فيها الموسيقى صلاة لحلب التي ارتسمت قلعتها وشوارعها وجدرانها وأسواقها الأثرية ودكاكينها باللون الأحمر، مارست طقوسها المغنية السورية، ليندا أحمد، لتشعل فينا بصوتها، شموع أرواح الموتى بمهارة فنية بسيطة، وتعزف في الليل نوبات نباح متقطع، لتكون حلب بصوت ليندا مدينة من أغنية تطارد القصف، وتتفحص قواميسها لتجد آخر معنى للحياة، قبل أن تغرق بكامل أصالتها في الجفاف الإنساني الدائم.
تنقلنا كلمات الأغنية الذي كتبها الممثل والسيناريست السوري رافي وهبي إلى رحلة قصيرة، بدايتها محاكاة مع شخص غائب أو شيء مجرد، تحمل، في طياتها، رفضاً لكل المبررات التي من شأنها أن تبعدنا عن كل الشغف والأحلام التي نطمح إليها، والأشخاص الذين نفقدهم، كل لحظة، مع كل قذيفة هاون، ومع كل خطوة للموت الذي يجول في حارات المدينة، متعرياً من كل مبادئ الرحمة، وقد غُنيت بإطار رومانسي هادئ، "ما تقلي شي ولا أي شي..خليني حدك تركني وامشي"، مع تداخل أصوات من سرق الدمار حقهم في الحياة الطبيعية.. تحيلنا الكلمات، بعد ذلك، إلى ترجي سكان المدينة باحتوائها لهم بطمأنينة وأمان، لأنها كانت، وماتزال، بمثابة كل ما يملكون من هذه الدنيا "خبيني عندك اغفى ع زندك..لا قبل عندي ولا عندي بعدك"، مع تداخل جديد لصفارات سيارات الإسعاف، لنقل أجواء المدينة وواقعها المؤلم، لنكون، في النهاية، أمام مناجاة روحية، وبجملة متكررة "دخلك يا ربي بحلب تبقى"، لتأخذ الأغنية، على الرغم من بساطة الإبداع فيها، بعداً مهماً من خلال التقنية الذكية التي استخدمها فنّي الغرافيكس إياد شهاب أحمد، عند إعداده فيديو الأغنية، فقد أظهر أحمد وجه المغنية، وكأنّه يجول بين المشاهد الصادمة التي اختارها بعناية لأشخاص من مدينة حلب، أغلبهم يشبهون بعضهم، بوجوه شاحبة رمادية، حاملين أبناءهم الذين تحطم قدرهم بسبب ضغائن الحرب، لتطفو الحرب الثقيلة على أرواحنا بسلاسةٍ على سطح الموسيقى، لتلقي بنورها على تفاصيل حربٍ ملّ الشعب من سوادها.
avata
avata
صالح (سورية)
صالح (سورية)