ماذا فعل مشعل في الرياض؟

ماذا فعل مشعل في الرياض؟

22 يوليو 2015

حماس: زيارة مشعل السعودية مثمرة وناجحة

+ الخط -
بين يدي زيارة خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، السعودية، نقف على عدة تفسيرات وقراءات، خصوصاً أن الحركة لم توضح ماذا جرى في الرياض، واكتفت ببيان مقتضب، وصفت فيه الزيارة بأنها ناجحة ومثمرة، واعتبرتها بداية واعدة لإعادة "العلاقة التاريخية مع الأشقاء". لكن الأطراف المختلفة، كإيران ومصر والإمارات والسلطة الفلسطينية، فسّرت الزيارة على نحو مختلف. 
ربطت إيران (على لسان وسائل إعلام مقربة من السلطة) بين الزيارة وما يجري في اليمن، ورأت أن السعودية تحاول أن تستخدم حماس ورقة ضدها وضد الحوثيين. وهاجمت وكالتا أنباء فارس ومهر وصحيفتا "قانون" و"الأخبار" اللبنانية (المقربة من حزب الله)، "حماس" بشدة، وزعمت أن الحركة سترسل 700 مقاتل مدرب على حرب الجبال، من غزة إلى اليمن، بناء على طلب السعودية.
أما مصر والإمارات ففسرتا الزيارة على أنها جزء من سياسة السعودية الجديدة، الهادفة للتقرب من جماعة "الإخوان"، الأمر الذي يمثل "نقطة خلاف بينهما وبين الرياض"، بالإضافة إلى ربطها بما يجري في اليمن أيضا.
في مصر، كتبت صحيفة البوابة، المعروفة بقربها من أجهزة أمنية، أن القاهرة أبلغت الرياض رفضها مناقشة أي تقارب مع حركة حماس، (ذات الجذور الإخوانية) على خلفية زيارة مشعل. وأضافت أن مصر أبلغت كل الوسطاء أنها لا يمكن أن تكون طرفًا في أي مشروع يكون "الإخوان" طرفًا فيه، على اعتبار أن الجماعة "خطر على الأمن القومي العربي". وفي الإمارات، فقد هاجم نائب رئيس الشرطة في دبي، الفريق ضاحي خلفان، (في تغريدات على موقع تويتر) سياسة الملك سلمان، تجاه ما رأى أنه "مواقف إيجابية تبديها الرياض تجاه الإسلاميين"، بعد أيام من زيارة مشعل.
ويبدو الطرف الأخير، وهو السلطة الفلسطينية، وحركة فتح (الخصم السياسي لحماس)، في حالة ترقب حذر، في أعقاب الزيارة، حسبما يُفهم من تصريحات صحفية لعضو اللجنة المركزية لحركة فتح، نبيل شعث الذي لمّح إلى شعور السلطة بالقلق تجاه تقارب حماس مع الرياض، وقال: "نأمل أن تكون لقاءات الرياض دافعاً للوحدة، وليس أمراً تفسره حماس بأنه يعطيها مزيداً من الجهد في الاستقلال في غزة".
في ظني أن تفسير الأطراف السابقة للزيارة مرتبط بأنها جاءت بعد أيام من الاتفاق الدولي مع إيران بخصوص ملفها النووي، وفي وقت متزامن مع زيارة عبد المجيد الزنداني (القيادي الإخواني اليمني) للرياض. ويتوقف الحصول على تفسيرات منطقية لحقيقة ما جرى على الإجابة على سؤالين: ماذا تريد حماس من الرياض؟ وماذا تريد الرياض من حماس؟
تريد حماس دعما عربيا، وفك الحصار عن غزة؛ لكنّ الاعتقاد أن السعودية راغبة في لعب دور أكبر فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، مستبعد تماماً في هذا التوقيت، فلدى الرياض ما يشغلها عن التفكير بذلك، خصوصاً في ظل صراعها المحتدم مع إيران، وعدم حسم أي من المعارك المشتعلة في المنطقة لصالحها، وإمكانية تغوّل طهران، وزيادة قوتها ونفوذها في أعقاب "الاتفاق النووي".
ماذا تريد "الرياض" من حماس؟ من السخف تصديق المزاعم الإيرانية بأن حماس سترسل قوات إلى اليمن لمحاربة الحوثيين، فلا السعودية يمكن أن تفكر أو تطلب ذلك، ولا حماس ستقبل، بالإضافة إلى أن الأمر مستحيل التنفيذ على الأرض.
للسعودية هدفان، استراتيجي وتكتيكي، الأول ضم حماس إلى المحور السني، نظرا لكونها حركة ذات "قيمة معنوية كبيرة لدى الشعوب العربية والإسلامية"، وإبعادها عن طهران، وبالتالي حرمان الأخيرة من الادعاء بأنها تدعم "فلسطين، وشعبها ومقاومتها". والهدف الثاني قد يتمثل في فرضية طلب وساطتها بين السعودية وحزب التجمع اليمني للإصلاح، نظرا لغياب الثقة بينهما، خصوصاً أن أنباءً صحفية تحدثت عن وجود مثل هذه الوساطة قبل شهور، على الرغم من أن حماس والسعودية نفتاها.
EE1D3290-7345-4F9B-AA93-6D99CB8315DD
ياسر البنا

كاتب وصحافي فلسطيني مقيم في قطاع غزة