فرنكات الوزيرة شرفات

فرنكات الوزيرة شرفات

21 ديسمبر 2015

الوزيرة المغربية شريفة أفيلال.. ضجيج في "فيسبوك" ضدها

+ الخط -
الفضاء الأزرق في المغرب ضاج هذه الأيام بالتعاليق حول "سقطة" وزيرة الماء في المغرب، الشابة التقدمية شرفات أفيلال، والتي اعتبرت في برنامج حواري تلفزيوني مباشر، أن تقاعد نواب البرلمان المقترح في حدود ثمانية آلاف درهم مغربي، هو "جوج فرنك"، أي مجرد فرنكين لا قيمة لهما قياساً إلى ما يبذله "نواب الأمة" من جهد جهيد طوال مدة انتدابهم البرلماني.
فكان أن قامت الضجة في العالم الأزرق، وتناسلت التعليقات الساخرة من كلام وزيرة "تقدمية"، ورّطت نفسها في تعبير ممجوج، له إحالة سلبية في الثقافة الشعبية المغربية، لم تقدره حق التقدير، وربما انجرّت إلى لعبة الاستفزاز التي نصبها بعناية مقدم البرنامج، فكان أن رسبت في الامتحان.
طبعاً، لم يكن هذا ليحصل، لو أن الوزيرة التي كانت محل ثناء على أدائها الحكومي، اهتمت بتطوير تقديم صورتها إلى الرأي العام، في مثل خروج إعلامي كهذا، كان عليها ألا تغفل أن الزمن التواصلي قد تغيّر، وأن النشر الفيسبوكي أتاح للجميع أن يتحول إلى صاحب رأي في التو واللحظة، زيادة على أن الروابط والمجموعات الفيسبوكية الكبرى التي تضم آلاف الحسابات تحولت إلى ما يشبه لوبيات ضغط، في وسعها أن تحدث التغيير الذي تريد، والضرر الذي تستهدف.
وهي، هنا، قوة ضاغطة، لا توازيها أي وسيلة إعلامية أخرى، مهما كانت. فما أن انتهى برنامج الوزيرة شرفات، حتى اندلقت التعليقات مثل تيار مائي هائل، جرف في طريقه، أو كاد، تلك الصورة التي كانت مرسومة في أذهان المغاربة عن وزيرة لها أسلوب مختلف في التعاطي مع القضايا والمشكلات. فهي، من حيث لا تدري، مسّت، في العمق، مخيالاً شعبيا صعب المراودة، يتصل بالصورة العامة التي رسمت على "نواب الأمة"، تكاد تحشرهم جميعاً في خانة اللصوص وناهبي المال العام، حتى أن فناناً ساخراً مغربياً شهيراً، كان يسخر بطريقته الخاصة من مؤسسة البرلمان، عندما كان يقطع كلمة "برلمان" إلى كلمتين، تحملان مدلولا آخر "بر....لمان"، أي بر الأمان. في إشارة إلى أن من يصل إلى القبة التشريعية منتخباً سيدير ظهره للناخبين والمواطنين الذي أوصلوه، وينجو إلى "بر...لمان" الامتيازات، هو وعائلته.
أما وأن تطلع وزيرة في حزب تقدمي، وتطالب جهارا بالرفع من المبلغ التقاعدي للبرلمانيين، على اعتبار أن ثمانية آلاف درهم هي لا شيء، ومجرد "جوج فرنك"، فإنها، في أحسن الأحوال، لم تكن لتستقبل بالورود من شعب "فيسبوك"، وعليها أن تنتظر مزيداً من التعريض ومن السخرية في الفضاء الأزرق.
في محاولة لإطفاء غضب سكان القارة الزرقاء، سارعت وزيرة الماء إلى الاعتذار على صدر صفحتها، وحاولت مواقع عديدة تقديم ساعد النجدة لها. لكن خرجة مثل هذه، لها كلفة، سياسياً وعلى المستوى الشخصي، ومن شأنها أن تقضي على المستقبل السياسي لصاحبها.
فالسلطات العليا في البلاد، حريصة أشد الحرص على صورتها، وهي ترسمها بعمل وجهد كثيرين، ولا تسمح لمعاونيها بخدش تلك الهالة التي تذهب في اتجاه التطبيع مع خطاب الفقراء والمظلومين، وتحاول التخفيف من عبء الفوارق الصارخة في البلاد، والتي كانت السبب وراء خروج المغاربة في "20 فبراير".
ولأن شعب "فيسبوك" خلاق، فقد بادر بإصدار عملة نقدية تحمل اسم الوزيرة، من فئة "جوج فرنك"، وبعضهم عاد إلى بث الحياة في عملة "الفرنك" المغربي سنوات الاستعمار الفرنسي، قبل سنّ عملة الدرهم لحظة الاستقلال. ودعا آخرون إلى اعتماد "جوج فرنك" والتي تساوي عند الوزيرة ثمانية آلاف ردهم، الحد الأدنى للأجور في البلاد. في حين ذهبت تعليقات أخرى بعيدا، واقتربت من التشهير المجاني والسخرية اللاذعة.
وفي أتون هذه الحملة المستعرة، ظهر بعض نواب البرلمان، على السطح، وصرّحوا أنهم سيتخلون عن رواتب تقاعدهم، محاولين تلميع صورتهم، لينتقل الأمر إلى توظيف سياسي، فيقضي كل من هفوة وزيرة الماء وطرا.
لقد تغير العالم، أيها السادة، انتبهوا جيداً لمخارج الحروف ومهاوي الكلمات.
6A0D14DB-D974-44D0-BAC8-67F17323CCBF
حكيم عنكر
كاتب وصحافي مغربي، من أسرة "العربي الجديد". يقول: الكرامة أولاً واخيراً، حين تسير على قدميها في مدننا، سنصبح أحراراً..