السلام وسورية والأمم المتحدة

السلام وسورية والأمم المتحدة

15 ديسمبر 2015
+ الخط -
فقد 250 ألف سورى حياتهم منذ مطلع عام 2011، طبقًا للأمم المتحدة، وقد اضطر سبعة ملايين إلى الفرار من منازلهم، بينهم نحو أربعة ملايين لاجئ، وذلك بجانب حاجة حوالي 14 مليون شخص للمساعدات الإنسانية.
ميثاق الأمم المتحدة واضح في مثل هذه الأمور، فعندما يحدث أي تطور من شأنه عرقلة السلام والأمن في أية بقعة، يتوجب على الهيئة الدولية اتخاذ إجراءات فورية من أجل التوصل إلى حل باستخدام الوسائل السلمية، فمثلاً، اتخذت الأمم المتحدة إجراءات فورية عندما غزت كوريا الشمالية جارتها الجنوبية عام 1950، وعندما غزا العراق الكويت عام 1990، فلماذا لم تتدخل الأمم المتحدة في سورية؟
الإجابة تم إخفاؤها داخل ميثاق الأمم المتحدة نفسه الذي وُقع عام 1945، فقد منح مهمة حفظ السلام في العالم لمجلس الأمن، ولكن في مقدرة أي واحدة من الدول الخمسة دائمة العضوية (أميركا، بريطانيا، فرنسا، روسيا، والصين) عرقلة أي قرار يتخذه مجلس الأمن. لم يتم ذكر مصطلح "الفيتو" في الميثاق، ولكن من الشائع استخدامه في مثل هذه الحالات.
منذ بداية الحرب الأهلية في سورية، قُدمت مسودات مشاريع لأربعة قرارات إلى مجلس الأمن التابع لهيئة الأمم المتحدة، وقد عرقلتها روسيا والصين باستخدام حق الفيتو، من أجل حماية مصالحهم وحليفهم في دمشق.
يتبادر إلى الذهن عند هذه المرحلة، حلان: أن تُصاغ القرارات بطريقة ما لإرضاء جميع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، أو تحجيم (أو حتى إلغاء) استخدام حق الفيتو، غير أن الحل الأخير ليس حدوثه مرجحاً، لأن كلًا من روسيا و الولايات المتحدة أوضحتا، على الدوام، أنهما لن يصوتا أبدًا مع تلك الخطوة التي من شأنها تقييد هذا الحق أو إزالته.
وعلى هذا الأساس، يبدو أن بذل الجهود من أجل إيجاد حل فى إطار النظام الحالي سيكون الأكثر قابلية للتحقيق، وهو ما يتيحه قرار 377 ألف (د-5) للجمعية العامة للأمم المتحدة، وهو قرار "الاتحاد من أجل السلام".
تم الاتفاق على إيجاد حل عملي في فترة الحرب الكورية، من أجل تجاوز حالة الجمود التي حدثت نتيجة استخدام الاتحاد السوفيتي حق الفيتو، كالذي نراه يحدث، اليوم، مع سورية، فقد أجرت الجمعية العامة تفسيراً وتأويلاً موسعاً للمادة رقم 12 من ميثاق الأمم المتحدة، ومُرّر القرار على شكل "توصية" للدول الأعضاء، لذا من الممكن استخدام قرار "الاتحاد من أجل السلام" لتجاوز الأزمة السورية، أو بالأحرى، استخدامه مع تلك الأزمات المزمنة الأخرى المشابهة لتلك الأزمة.
من الأهمية بمكان في هذه المرحلة أن يصدر القرار على شكل "توصية"، بعبارة أخرى، يجب أن يكون القرار غير ملزم للدول الأعضاء، لاحتواء تلك التوصية التي تحوز على موافقة ثلثي أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة على قدر كبير من الشرعية، وهو ما يُعد من الأمور الضرورية للقانون الدولي.
وبناء على ذلك، وفي ظل استحالة إجراء تعديل بشأن تقييد استخدام حق الفيتو في ميثاق الأمم المتحدة، سيكون قرار "الاتحاد من أجل السلام" الخطوة العملية التي من شأنها إرساء السلام، وسيظل، في الوقت نفسه، داخل الإطار والنظام الحالي للأمم المتحدة.
6CDB8DD5-0266-422A-AF0D-1E8B6F808880
6CDB8DD5-0266-422A-AF0D-1E8B6F808880
هارون يحيى (تركيا)
هارون يحيى (تركيا)