هل نُشاهد "أهل اسكندرية" رمضان المقبل؟

هل نُشاهد "أهل اسكندرية" رمضان المقبل؟

16 أكتوبر 2015
+ الخط -
بغض النظر عن العشرين مليوناً "المُهدرة" حالياً، بسبب وقف مسلسل أهل اسكندرية ومنعِه من العرض، وقد أنتجته مدينة الإنتاج بأموال الدولة المصرية، ولم يعرض، لن أخوض في مسألة "إهدار المال العام"، الناتجة عن تعنت المسؤولين ونضالهم غير المُبرر لعدم عرض المسلسل. ولكن، أركز هنا على مضمون المسلسل ومحتواه الفني، وغاياته وأهدافه، ربما أجد عُذرًا يقبله عقل ومنطق، لمنع مسلسل ما، أيا كان سبب المنع، عامين، ولا يزال "المنع" مستمراً.
تدور أحداث المسلسل قبل عام واحد من ثورة 25 يناير، محاولاً رصد ملامح الفساد في الدولة المصرية آنذاك، بدءاً بممارسات جهاز الشرطة، وكذلك وزارة الإعلام وما كان يدور فيها، حتى رجال الأعمال نالوا نصيبهم في المسلسل، فيرصد هذه الأحداث من عدة وجهات نظر في إطار اجتماعي، محاولًا إيجاد حلول جادة وحقيقية لهذه المشكلات.
لا أعلم، هل تم منع المسلسل بسبب تناول مثل هذه القضايا التي ربما لا أجد حرجاً في الحديث عنها أو تناولها في أي عمل درامي، لأنها تتحدث عن مصر في حقبة "عدت وانتهت"؟ فهي بمثابة تأريخ فترة مهمة من تاريخ مصر، كان من الأولى التأكيد على أهمية إنجاز مزيد من "الإبداعات" التي تؤصل جيداً الأسباب التي قامت من أجلها الثورة، حتى يستفيد المستقبل من أخطاء الماضي وخطاياه، أم أن السبب الحقيقي لعدم عرض المسلسل المُشاركون فيه، من كاتب، ربما كتاباته الساخرة، لا "تمشي" على هوى السواد الأعظم من الطامحين في السُلطة، وفنانين كل ما في الأمر أن مواقفهم السياسية باتت الحائل الأساسي أمام مستقبلهم الفني، فمن يريد أن يُنتج لفنان مُعارض؟
عمرو واكد هشام سليم وبسمة، فنانون يعرفهم الجميع جيدًا، ولا يمكن أن يتناول أحد وطنيتهم وانتماءهم بسوء. فقط هم مُعارضون، ولا يجب أن نُقصي من يخالفنا الرأي أو "نقطع" عيشه، لأنه تبنى رأياً غير الذي نراه. وبلال فضل، سيناريست وكاتب معروف بمعارضته منذ أيام حسني مبارك، ربما تختلف معه كثيراً. لكن، لا يمكن أبدا إلا أن تحترمه. وأفلامه التي كتبها قد يعجبك بعضها، وقد تغلق شاشة التلفاز بمجرد أن ترى الآخر، هذا هو الطبيعي، وهذا هو المطلوب.
على الدولة أن تُعيد النظر في مسألة "المنع" إذا كانت هي المانعة، أو أن تتدخل وتحل الأمر، إذا كان غير ذلك. ربما قبول مثل هذه الأعمال يؤصل فكرة تنوع الآراء وحرية التعبير، لأن مسلسلا كهذا لن يكون سبباً في قيام "انتفاضة" مثلا، لا يجب أن نتخوف هكذا، فمواجهة الأخطاء وعرض المشكلات خير من دفنها.
وعلى من يدّعي أن هدف مسلسل أهل اسكندرية تشوية مصر وجهاز الشرطة أن ينتبه جيدا، ويعرف أن منع مسلسل من العرض أكبر تشويه لمصر. أفرجوا عن المسلسل، يرحمكم الله.


CA3C5746-7DF9-411C-BE6C-D10446770D72
CA3C5746-7DF9-411C-BE6C-D10446770D72
محمد كمال (مصر)
محمد كمال (مصر)