فتوى السيستاني وتبعية العراق لإيران

فتوى السيستاني وتبعية العراق لإيران

30 يوليو 2014
+ الخط -


دعا المرجعية الدينية العليا في النجف، علي السيستاني، إلى الإسراع في تشكيل الحكومة في إطار الحراك السياسي المطلوب لتجاوز الأزمة الراهنة، وركز المرجعية على أن تكون هذه الحكومة تحظى بقبول وطني واسع، حتى تتمتع بالقدرة على تجاوز تحديات المرحلة المقبلة، ومعالجة الأخطاء المتراكمة، والخروج من نفق المحاصصة الطائفية والمذهبية والعرقية التي كانت مدعاة إلى التقسيم والانفصال.

خطورة هذه المرحلة تحتم على جميع الأطراف التحلي بروح المسؤولية الوطنية، والتي تتطلب استشعار التضحية وعدم التشبث بالمواقع والمناصب، بل التعامل بواقع ومرونة مع تقديم مصالح البلد والشعب، على تحقيق بعض المكاسب الضيقة والخاصة بالحزب والطائفة والعرق.

استثمر نوري المالكي، الرئيس المنتهية ولايته، فتوى السيستاني بالتطوع لمواجهة داعش، ولكن، استدركت المرجعية تصحيح الفتوى، وحذرت من إراقة دم إنسان بريء، بل وانتقدت لغة الخطابات المتشددة، وتقصد بذلك نوري المالكي، الذي يصر على البقاء في السلطة لولاية ثالثة، وعندما بدأت المرجعية تضغط عليه من أجل التنحي، خصوصاَ وأن المالكي لا يحظى بقبول وطني واسع، اتجه إلى مفهوم الكتلة الأكبر، بعد فشله في تأمين الغالبية السياسية.

وبدأ هناك نزاع بين الكتل، باعتبار أن كتلة التحالف الوطني هي الأكبر في البرلمان، وليس أي كتلة، أو طرف آخر، بينما يصر المالكي على أن ائتلاف دولة القانون هو الكتلة الأكبر، وليس التحالف الوطني، وعندها يكلف رئيس الجمهورية الكتلة الأكبر بتعيين مرشحها لرئاسة الوزراء.

لكن المرجعية كان لها رأي واضح وصريح في التغيير والمقبولية الوطنية، وترى أنها لم تعد تتوفر في المالكي، أي أن المرجعية بدأت تواجه إيران، لاسترداد القرار الإيراني الداعم للمالكي، ضد بقية المكونات، والذي يهدف إلى إقصائها، بسبب تبعية المالكي الكاملة إلى القرار الإيراني.

وسبق أن صرح مقتدى الصدر، أن في العراق مليوني إيراني دخلوا العراق، وهم المسؤولون عن تشكيل الميليشيات التي تمارس القتل في البلاد، ولا زالت الطائرات تنطلق من إيران، وتضرب العراقيين في مدن ثارت على حكم المالكي الطائفي.

وهناك الآن منهجان في العراق، التغيير التي تقوده المرجعية الدينية العليا في العراق، والتأخير الذي يتحجج بأولوية الوضع الأمني وتدعمه إيران، بينما التردي الأمني سببه تردي الوضع السياسي في البلاد.
وبعد أن تم اختيار رئيس البرلمان، سليم الجبوري، ورئيس الجمهورية، فؤاد معصوم، لم يتبق سوى ترشيح رئيس للوزراء، وبعد رسائل السيستاني إلى المالكي بضرورة تخليه عن فكرة الولاية الثالثة، بدأ حزب المالكي يهادن المرجعية، من خلال تأكيد التزامه بتوجيهاتها، ورفض التشبث بالمناصب. لكنه بات يسعى إلى ضمان أن يكون ائتلافه الكتلة الأكبر، وأن يكون بديله منها حتى تستمر التبعية إلى إيران.

فالصراع في العراق بين الكتل السياسية، هو بين تعزيز بقاء تبعية العراق الكاملة لإيران، حتى يبقى القرار في يد إيران، وليس في يد السياسيين في العراق، وبين من يريد تحرير العراق من تلك التبعية، وعلى رأسهم المرجعية الدينية، فهل تنجح المرجعية في ذلك؟

avata
avata
عبد الحفيظ محبوب (السعودية)
عبد الحفيظ محبوب (السعودية)