الاحتلال يستخدم فتاة فلسطينية درعاً بشرياً في جنين: بكيت من الخوف

فتاة فلسطينية استخدمها الاحتلال درعاً بشرياً في جنين: بكيت من شدة الخوف

21 مايو 2022
اتّهم الاحتلال عهد بأنّها "إرهابية" وجعلها تحت رحمته (الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال)
+ الخط -

كشفت مؤسسة حقوقية، اليوم السبت، أن قوات الاحتلال الإسرائيلي استخدمت فتاة فلسطينية، تبلغ من العمر 16 عاماً، كدرع بشري أمام مركبة عسكرية إسرائيلية، في أثناء اقتحامهم مدينة جنين شمالي الضفة الغربية، في الثالث عشر من شهر مايو/أيار الجاري، الأمر الذي يُعَدّ جريمة حرب وفق القانون الدولي الإنساني.

وبحسب المعلومات التي جمعتها الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال - فلسطين، ونشرتها في بيان صحافي، اليوم السبت، فقد أجبر جنود الاحتلال الفتاة المراهقة عهد مرعب، من سكان حيّ الهدف غربي جنين، على الوقوف أمام مركبتهم العسكرية لمدّة ساعتين تقريباً، وسط تبادل لإطلاق الرصاص الحيّ بشكل كثيف بينهم وبين شبّان فلسطينيين.

وقالت عهد، في إفادتها للحركة العالمية فرع فلسطين، إنّه قرابة الساعة السادسة من صباح ذلك اليوم، "استيقظتُ وأفراد عائلتي على أصوات انفجارات قوية قريبة من منزلنا، وسمعت شخصاً ينادي بصوت عال: محمود سلّم نفسك. حينها عرفتُ أنّ جيش الاحتلال يحاصر المنزل بهدف اعتقال شقيقي محمود، البالغ من العمر 20 عاماً".

أضافت عهد: "بعدها بدأ أحد جنود الاحتلال بالمناداة، وطلب منّا جميعاً الخروج من المنزل، فخرجتُ مع والدي ووالدتي وشقيقَيّ فارس (8 سنوات) وعبد الرحمن (3 سنوات)، فيما بقي شقيقي محمود داخل المنزل"، متابعة أنّه عند خروجهم لم يشاهدوا جنود الاحتلال ولا مركباتهم العسكرية، "لكنّ أحد الجنود طلب منّا بصوت عال أن نتقدّم وندخل إلى ساحة أحد المنازل المقابلة لمنزلنا، ففعلنا ذلك".

وأشارت عهد إلى أنّه "فور وصولنا (إلى تلك الساحة) قام جنود الاحتلال بتفتيش والدي وتكبيله، وفي خلال ذلك كنت أنا وشقيقاي فارس وعبد الرحمن نبكي من شدّة الخوف. بعدها طلب أحد الجنود من والدتي أن تصطحبنا إلى نهاية الشارع المحاذي لمنزلنا، والذي يبعد عن محيطه نحو 100 متر. وعند وصولنا إلى هناك، كان يقف جيب (مركبة) عسكري إسرائيلي، فطلب منّا الجنود أن نجلس أرضاً أمام أحد المنازل القريبة، وكنّا نبكي ونرتجف من شدّة الخوف. فقام أحد الجنود بإدخال شقيقَيّ إلى المنزل الذي جلسنا بجواره، وكنت ووالدتي نشاهد ما يجري في محيط منزلنا (...) وبعد نحو نصف ساعة وصل إلى المكان جيب عسكري إسرائيلي، وقام الجنود باقتياد والدتي إلى داخله ثمّ غادر، فبقيتُ بمفردي بين جنود الاحتلال، وهنا ازداد خوفي ورعبي".

وفي إفادتها للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، فرع فلسطين، ذكرت عهد أنّه نحو الساعة الثامنة صباحاً، "وقع إطلاق نار كثيف من قبل مسلحين باتّجاه الجيب العسكري الذي كنت أجلس بالقرب منه، فأمسكني الجنود بسرعة وطلبوا منّي أن أبقى واقفة أمام مقدّمة الجيب الذي كان يتعرّض لإطلاق النار. وبعدها صعدوا جميعهم إلى داخل الجيب، وفي تلك اللحظات كان الرصاص يحيطني من كلّ جانب. كنت أرتجف وأبكي، طلبتُ من الجنود أن يبعدوني عن المكان لأنّ الرصاص يمرّ من فوق رأسي، فقال لي أحدهم باللغة العربية ومن خلال نافذة صغيرة في الجيب: ظلّك مكانك وما تتحرّكي، إنت إرهابية... وظلك محلك حتى تودّعي أخاكِ محمود".

وشرحت عهد أنّه "بسبب كثافة النيران باتّجاه الجيب الذي كنت أقف أمامه، أنزلت رأسي إلى الأسفل لكي لا يصيبني الرصاص. حينها صرخ الجندي من داخل الجيب وقال لي: ارفعي رأسك ما تنزليه. وهذا ما حصل فعلاً. طوال تلك الفترة لم أنقطع عن البكاء والطلب من الجنود لكي لا أبقى في مكاني، إلا أنّهم لم يستجيبوا لي نهائياً. وبعد مرور نحو ساعتَين على وقوفي أمام الجيب، ومن جرّاء الخوف والرعب، إذ لم يعد بمقدوري مواصلة الوقوف، غادرتُ المكان وتوجّهتُ نحو شجرة قريبة وجلست على الأرض. وكنت حينها منهارة بكلّ معنى الكلمة. حينها صرخ عليّ أحد الجنود من نافذة الجيب وطلب منّي العودة إلى مكاني، إلا أنّني لم أستجب له وبقيت جالسة بالقرب من الشجرة أشاهد ما يجري في محيط منزلنا، الذي كنت أبعد عنه مسافة نحو 100 متر".

وبعد نحو ساعتَين، أخلت قوات الاحتلال الإسرائيلي منزل العائلة المؤلّف من طبقتَين، حيث تعيش عهد مع والدَيها وثلاثة أشقاء بالإضافة إلى جدَّيها وأعمامها وزوجاتهم وأطفالهم الثمانية الذين تتراوح أعمارهم ما بين عام واحد و11 عاماً. ثمّ قصفت تلك القوات المنزل بقذائف صاروخية، الأمر الذي أدّى إلى اشتعال النيران فيه، وأطلقت الذخيرة الحيّة في اتّجاه المنزل، بحسب المعلومات التي جمعتها الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال.

وعند نحو الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر ذلك اليوم، انسحبت قوات الاحتلال من حيّ الهدف بعد اعتقال محمود شقيق عهد، فيما نُقلت عهد إلى مستشفى في جنين وعولجت من ضغوط نفسية شديدة ونقص حاد في الأوكسجين.

وأوضحت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال - فلسطين أنّ "القانون الدولي صريح ويحظر بشكل مطلق استخدام المدنيّين كدروع بشرية، أو إجبارهم على تقديم المساعدة المباشرة للعمليات العسكرية أو استخدامهم لحماية القوات المسلحة أو الجماعات المسلحة أو الأهداف من الهجمات، وهذه الممارسة محظورة أيضاً بموجب القانون الإسرائيلي بناءً على حكم صدر في عام 2005 عن المحكمة العليا الإسرائيلية".

وبحسب ما جاء في بيانها، فإنّه منذ عام 2000، وثّقت الحركة العالمية ما لا يقلّ عن 26 حالة تتعلّق باستخدام أطفال فلسطينيّين كدروع بشرية من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، وقد حدثت كلها باستثناء حالة واحدة بعد قرار المحكمة العليا الإسرائيلية بهذا الخصوص. وبيّنت الحركة أنّه "أُدين في حالة واحدة فقط من تلك الحالات جنديان إسرائيليان بتهمة سلوك غير لائق وتجاوز للسلطة"، وقد خُفّضت رتبتاهما "وحكم عليهما بالسجن ثلاثة أشهر مع وقف التنفيذ".

المساهمون