العراق: هل تنجح حكومة الكاظمي بالحفاظ على "هدنة الكاتيوشا"

"هدنة الكاتيوشا" في العراق تنهي أسبوعها السادس: هل تنجح حكومة الكاظمي بالحفاظ عليها؟

16 نوفمبر 2020
مخاوف من عودة الهجمات (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

تُنهي "هدنة التهدئة" التي أعلنتها مجموعة من المليشيات الموالية لإيران في العراق، والمتضمنة وقف هجماتها الصاروخية ضد القواعد والمصالح الأميركية في العراق أسبوعها السادس على التوالي، وسط مساع كبيرة من قبل حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي للحفاظ عليها، ومنع عودة الهجمات.
وأعلنت مجموعة مليشيات مسلحة أطلقت على نفسها اسم "الهيئة التنسيقية للمقاومة الإسلامية"، وتضم عدة مليشيات أبرزها: "كتائب حزب الله"، و"النجباء"، و"الطفوف"، و"سيد الشهداء"، و"جند الامام"، مطلع أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وقف الهجمات ضد القوات الأميركية ومنح فرصة للحكومة للعمل على إخراجها بالطرق الدبلوماسية.
وجاءت الخطوة بعد تقارير أكدت نية واشنطن إغلاق سفارتها في بغداد، بسبب تصاعد الهجمات وعزمها على توجيه ضربات للمليشيات المتورطة بتلك العمليات، ما أدى لتحرك سياسي واسع في العراق شمل عدة زيارات إلى إيران وانتهى بنجاح مساع للتهدئة.
ومنذ مقتل زعيم "فيلق القدس" بالحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني ونائب رئيس "الحشد الشعبي"، أبو مهدي المهندس، بغارة أميركية قرب مطار بغداد الدولي مطلع العام الحالي، قامت مليشيات مسلحة باستهداف المصالح الأميركية في البلاد قبل أن تتوسع لتشمل قوات التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش" الإرهابي.
ونفذت تلك المليشيات سلسلة هجمات بواسطة صواريخ الكاتيوشا فضلا عن تفجير عبوات ناسفة، كما صارت تلاحق العراقيين العاملين في أنشطة لها علاقة بالولايات المتحدة حتى على مستوى وسائل الإعلام والمنظمات الإغاثية والإنسانية.
واليوم الاثنين قال مسؤول عراقي بارز في بغداد، لـ"العربي الجديد"، اشترط عدم ذكر اسمه، إن حكومة الكاظمي تعمل بجد على منع عودة هجمات الكاتيوشا، مشيرا إلى أن هناك خلية عمل سياسية وحكومية تواصل مهمة الحفاظ على التهدئة.
وأكد أن الحكومة العراقية بصدد الإعلان عن خطواتها المتعلقة بجدولة الانسحاب للقوات الأجنبية من العراق، موضحاً أن هناك تعاوناً أميركياً في هذا المجال وأن العدد الإجمالي للقوات الأميركية حاليا في البلاد لا يتجاوز 3 آلاف عسكري بينهم غير مقاتلين ويؤدون مهام تدريب وصيانة ودعم لوجيستي وآخرون متعاقدون مدنيون.

وأشار إلى أن هذا العدد أقل بكثير مما كان عليه الحال بعد تسلم الكاظمي الحكومة منتصف العام الحالي والذي كان يتجاوز عتبة السبعة آلاف عسكري، مضيفا أن الهدف هو الإبقاء على وضع أمني مستقر طيلة الفترة التي تسبق الانتخابات لأن أي انهيار من شأنه أن يتسبب بتعذر إجراء الانتخابات في البلاد بالسادس من يونيو/ حزيران المقبل.
لكنه لم يخف قلقه من أن الوضع في العراق مرتبط إلى حد كبير بالتطورات بين طهران وواشنطن تحديدا كون تلك الفصائل تتحرك بناء على أوامر طهران ويمكن أن تعيد التصعيد ضد الأميركيين من خلالها.
في المقابل، قال عضو المكتب السياسي لحركة "الأوفياء"، أحد الفصائل المرتبطة بإيران، علي الفتلاوي لـ"العربي الجديد"، إن "الفصائل ملتزمة بالتهدئة ومنح الحكومة فترة لتنفيذ قرار البرلمان بإخراج القوات الأميركية من العراق"، مضيفا أنها "مهلة ليست مفتوحة وهناك مراقبة لأدلاء الحكومة بهذا الملف تحديدا".
ولوح بما سماه "معاودة ممارسة أسلوب الضغط المباشر من قبل فصائل المقاومة الإسلامية، في حال فشلت حكومة الكاظمي بإنهاء الوجود الأميركي بالعراق".
في الأثناء اعتبر عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، النائب كاطع الركابي، مسألة خروج القوات الأميركية من العراق بأنها استحقاق لا يتغير مع تغيير الإدارة الأميركية، مضيفا في إيجاز صحافي له بأن "قرار خروج القوات الأميركية محسوم والموضوع مسألة وقت لتنفيذه ويقع تنفيذه على عاتق الحكومة".
وأضاف أن على الحكومة العراقية أن تعمل على جدولة خروج القوات الأميركية بالتنسيق مع البيت الأبيض سواء مع الرئيس دونالد ترامب أو القادم جو بادين، مشدداً على أن "قرار إخراج تلك القوات لا رجعة عنه ونعتبره أمرا بالغ الأهمية لأنه يمثل رؤية وطنية مدعومة بموقف شعبي رافض لوجود القوات الأميركية".
الخبير بالشأن السياسي العراقي، أحمد النعيمي، قال إن "ما حدث لا يعتبر عمليا هدنة بالمعنى المتعارف عليه بالقانون الدولي على الأقل، خاصة وأنها جاءت من طرف واحد"، مضيفاً في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "ما بات يعرف اصطلاحا في العراق بهدنة الكاتيوشا هي أقرب لوقف هجمات أو تهدئة مؤقتة ويمكن أن تنهار بأي وقت لأسباب سياسية بحتة".

ولفت إلى أن "حكومة الكاظمي باتت تدرك حرفيا أن عليها عدم استفزاز المليشيات بأي ملف سواء موضوع ملفات محاربة الفساد أو إخراجها من المدن التي تسيطر عليها، أو الانتهاكات التي تتورط بها ضد المدنيين أو ملف حصر السلاح المنفلت بيد الدولة لأن المقابل سيكون تصعيد من قبل تلك المليشيات أمنيا وهو ما يعني أن الحكومة خاضعة حرفيا لابتزاز الجماعات المسلحة تلك".

المساهمون