"تراش باك" لعبة من وحي عالم "القمامة"!

"تراش باك" لعبة من وحي عالم "القمامة"!

18 مارس 2014
+ الخط -
انتشرت في قطر مؤخراً بين أوساط الأطفال بين 4 و12 سنة من العمر، لعبة اسمها "تراش باك" trash pack، ما يعني بالعربية "حزمة القمامة"!

بسرعة كبيرة تنفد اللعبة الاسترالية الصنع من رفوف متاجر الألعاب والالكترونيات في الدوحة، ما استدعى زيادة طلبات استيرادها، واثار التساؤلات حول سرّ اعجاب الأطفال بها.
اللعبة عبارة عن مستوعبات قمامة مختلفة الأحجام والألوان، داخل كلّ منها دمى كاوتشوكية ملوّنة تجسّد وحوشاً صغيرة أو حيوانات مثل التنين والدجاج والدود والحشرات المختلفة أو أشياء مثل تلفاز وغسالة... لها جميعاً ملمس طريّ، وفجوة في الأسفل تمكّن الطفل من إلصاقها على الحائط او الطاولة بطرق طريفة، أو تعليقها بقلمه. هذا كلّ شيء من حيث الشكل. هذه الدمى لا تتحرّك، لا تصدر موسيقى، لا تغيّر ألوانها، لا تقوم بالخدع، وفوق كلّ هذا: هي مجرد قمامة، توزّع معها سوائل لزجة لأجل تلطيخها، ويتطاير الذباب حولها في الملصقات المرفقة بها، لكنّها مع ذلك نالت إعجاب الأطفال من أميركا وأستراليا وصولاً إلى قطر، وانتشر حبّهم لها بشكل واسع مع توافد صدور مجموعاتها الواحدة تلو الأخرى (6 مجموعات وأكثر من مئة دمية)، وتوسّعت دائرة توزيعها، حيث انضمّت عدة متاجر عالمية لشبكة موزعيها بينهم "تويز آر أس" و"فيرجين ميغا ستورز"... كما لها فيديوهات على موقعها الالكتروني وألعاب الكترونية متوفرة عبر "أبل ستور".

قد يكون عامل المفاجأة الذي تتمتع به اللعبة حاسماً، فحين يشتري الطفل "تراش باك" تكون الدمى الكوتشوكية الصغيرة مخبأة في علب القمامة الملوّنة غير الشفّافة، ولن يتمكّن من معرفة نصيبه الا بعد دفع ثمنها وفتحها. هذا لا يُغضب الأطفال بعكس ما قد نظنّ، لأنّ المفاجأة تثير فضولهم واعجابهم، ولأنّهم في حال حصلوا على دمية لا يريدونها أو لديهم مثلها فسيستخدمونها في عملية التبادل مع رفاقهم من هواة اللعبة. عنصر المفاجأة يذكّرنا ببيض الشوكولاتة الشهير الذي يحوي داخله لعبة والذي تراجع توزيعه مؤخراً بسبب صعوبة تخزينه ونقله (لهشاشة طبقة الشوكولاته فيه وقابليته للذوبان)، مما أعطى لعبة "تراش باك" الفرصة لتصدّر اهتمامات الأطفال المعجبين بالمفاجآت وتجميع الألعاب الصغيرة.

بدأت حمى لعبة "تراش باك" في المدارس، حيث راح التلامذة الصغار يستعرضون تلك اللعبة فيما بينهم، ثم راحوا في مرحلة ثانية يتبادلون الألعاب نفسها لإكمال المجموعات.

وبدا أن زمن اللعب الفطري - غير الالكتروني، قد عاد وأستعاد بعض الأهل ذكريات تعلّقهم بالمجموعات، سواء جمع الطوابع أو جمع الكرات البلورية وتبادلها او حتى تجميع أغطية زجاجات الكولا...

السيدة نهال، والدة سليم، تقول إنها في البداية شجّعت ولدها على شراء هذه الألعاب لأنها لم تلمس فيها خطراً صحّياً أو ذهنياً، ولأنّها ذكّرتها بطفولتها حين كانت توجد في السوق "سحبة" داخلها صور معينة، كان على الطفل أن يجمع كل صور المجموعة كي يحصل على جائزة. ولكن لاحقاً، وفق نهال، تحوّل الأمر إلى هوس عند ولدها، حتى إنّه أجبرها أن تصحبه إلى الجيران في ساعة متأخّرة من المساء كي يتبادل مع صديقه ويكمل مجموعة معينة.

سليم (6 سنوات) يذكر جيداً كيف بدأ الأمر: "صديقي كميل اشترى تراش باك وطلب مني أن اطلب من ماما أن تشتري لي كي اتبادل معه".

وحين سألنا كميلاً (8 سنوات) حصلنا على إجابة شبيهة، هو أيضاً تعرّف إلى "تراش باك" عبر أصدقائه، اشترى أحدهم، فأشترى الآخرون تباعاً... وفي مدرسة كميل يبدأ اليوم الدراسي باستعراض ما يملكه كل منهم من "تراش باك". يتحلّق هواة اللعبة ويعرض كلّ منهم الجديد لديه ثم تبدأ عملية التبادل والمقايضة. إذا كنت متردّداً خجولاً فلن تحصل على ما ينقصك، لذا الأفضل أن تدخل دائرة التبادل بكامل أسلحتك.

اللعبة ليست حكراً على الذكور، هذا ما تقوله ورد (10 سنوات) التي تهوى بدورها تجميع الدمى الصغيرة، ولكنها لم تتعلّق بها الا لفترة محدودة، لأنّها تلحظ ولع الأصغر منها وتحديداً من هم في السادسة من العمر. ورغم أنها وزميلاتها يفضلن شراء ألعاب أخرى فإنهن يملكن عدداً من "التراشي" في حقائبهن، كما تقول ورد.

تتراوح أسعار "تراش باك" التي تنتجها شركة “Mooze” الأسترالية المتخصّصة بصناعة الألعاب بين 5 و100 دولار أميركي، وفق اختلاف الأحجام، ووفق الألعاب المرفقة من سيارات خاصة بتجميع براميل القمامة وناقلات،  ولا يعرف إن كان اقبال الأطفال على هذه اللعبة الغريبة مجرد صدفة أم انه نابع من ميل الأطفال إلى شيء غريب وغير اعتيادي، لا يشبه شيئاً من الألعاب المتوفرة في الأسواق، ما سيفتح شهية مصنّعي الألعاب على ابتكار المزيد من الدمى الغريبة ويوحي لهم بأفكار غير مألوفة جديدة!

 

المساهمون