محمد دياب: اعتزلت السياسة لسنتين من أجل "اشتباك"

محمد دياب: اعتزلت السياسة لسنتين من أجل "اشتباك"

23 مايو 2016
المخرج محمد دياب (العربي الجديد)
+ الخط -
هو واحد من أكثر الأفلام الجذابة لعام 2016. عملٌ فنيّ، استطاع تقديم صورة مُشرّفة عن الإنسان المصري بمختلف توجهاته. هذه أقل العبارات التي قيلت في وصف فيلم "اشتباك" للمخرج، محمد دياب، والذي شارك به في مهرجان "كان"، ويتوقّع أن يحصد عدّة جوائز بعد ردود الفعل الإيجابية عن العمل. 
على الجانب الآخر، تعرَّض دياب وفريقه لهجوم غير مبرّرٍ من قبل البعض، زاعمين أنَّ المخرج وفريقه حاولوا تشويه صورة مصر، ونظامها الحالي في الخارج.

أجرى "العربي الجديد" لقاءً مع مخرج "اشتباك"، محمد دياب، كي يشرح لنا التفاصيل.


حدثنا عن كواليس الفيلم والعوائق التي قابلتك؟
العمل استغرق سنتين ونصف السنة في كتابة السيناريو. وأول العوائق التي قابلتنا هي إنتاج العمل. الكلّ كان خائفاً من تمويل عمل سينمائي ظاهره سياسي وباطنه أيضاً. لكن بعد عرض الفكرة، تحمس لها جداً المنتج، محمد حفظي، وصديقي معز مسعود. وبدأنا مرحلة البحث عن إنتاج مشترك عربي - أجنبي، وبالفعل شاركت معنا شركة "بيراميت" من فرنسا، والتي كانت تقوم بتوزيع أفلام يوسف شاهين، وكانت قد وزعت لي من قبل فيلم "678"، وباعت للفيلم نحو 265 ألف تذكرة، وكسبت ما يقارب 2 مليون دولار، واقتنعت بالفكرة وشاركت معنا. بالإضافة إلى وجود شريك ألماني.

ومتى سنرى العمل في السينما المصرية؟
الصيف المقبل إن شاء الله، وتحديداً بين عيدي الفطر والأضحى تقريباً.

تعرضت لهجومٍ شرس، آخره من التلفزيون المصري الرسمي، لماذا هذا الهجوم؟
نحن نعرف منذ البداية أن موضوع الفيلم سيسبب هذا الهجوم، الفيلم إنساني من الدرجة الأولى، ومحاولة لأنْسَنة الجميع في ظل حالة الانقسام المجتمعي والاحتقان بين كل الناس تقريباً، فالغضب متوقع تماماً. وعلى فكرة، الغضب والهجوم متوقعان من الجميع، فهناك طرف يعزف دائماً على نغمة "صورة مصر" وتشويهها، وهذا بدأ بالفعل بالهجوم والتشويه. والأطراف الأخرى المعارضة، أيضاً، رافضة أنسنة خصومها. لكن، للأسف، لم يوجد أحد رأى الفيلم كاملاً وهاجمه. ندعو الجميع لمشاهدة العمل كاملاً.

تم ضمك إلى عضوية اللجنة الاستشارية لمهرجان القاهرة السينمائي، بعضهم هاجم هذا القرار، بعد مهاجمة السيسي والداخلية. ما ردك؟

للمرة الألف أنا لم أهاجم أحداً، وأعيب على الصحافة التي تتناقل هذه الأمور دون التأكّد من المصدر. وهؤلاء، مثلهم مثل من انتقد الفيلم وهو لم يشاهده. وأزيدك، أنا اعتزلت السياسة مدة سنتين، ولم أكتب أي منشور سياسي بسبب الفيلم، لأنني كنت أريد أن يشاهد الجمهور الفيلم بإنصاف وليس من وجهة نظر محمد دياب السياسية. فأرجوك وكل الإعلاميين، لا تتناقلوا أموراً مغلوطة. كل التقارير الصحافية الأجنبية المنشورة عن العمل إيجابية.

وهل فعلاً القصة مستوحاة من قضية عربة الترحيلات التي قتل فيها الكثير، ومنهم المخرج، محمد الديب؟
حتى يأخذ الفيلم تصريحات لا بدّ أن يمر على الرقابة. فهل من المعقول أن تسمح لنا الرقابة بالفيلم، وهو عن سيارة الترحيلات مثلاً. الفيلم كله من خيال المؤلف، ولا علاقة له بالقصة الحقيقية لعربة الترحيلات. وهناك تقارير كتبت عن العمل وكُتّابٌ شاهدوه، يمكنك الرجوع إليها. الخلاصة: ليس للعمل علاقة بما ذكر.



وأين تصنّف أنت فيلم "اشتباك"، هل هو فيلم درامي أم كوميدي أم اجتماعي؟
كل ما سبق. "اشتباك"، عمل فني يجمع كل ما ذكرته، فهو عمل إنساني سياسي اجتماعي درامي، لكن هناك ما نسميه "هيكل" العمل، وهو باختصار هيكل "إنساني"، وذلك للبحث عن البعد الإنساني عند كل البشر المختلفين والمتفقين.

ننتقل للإنتاج، والمثير فيه هو وجود الداعية معز مسعود، ومشاركته في العمل. ما السبب ذلك؟
أنا ومعز مسعود صديقان منذ فترة طويلة، وكان له دور في توسيع دائرة معارفي، خاصة الفنية. وساهم في إدخالي إلى هذا المجال، بعد سماعه قصة فيلم لي، وشجعني جداً. كما قدمنا أعمالاً مشتركة معاً، ومنها أغانٍ مشتركة، أنا كتبتها، وهو قام بتلحينها، مثل "تتجوزيني" و"الطريق الصح". وعملنا مسلسل "خطوات الشيطان"، وهو عمل قريب في توليفته من فيلم "اشتباك"، والأخير توافق مع رؤية معز. فما الغريب أو المثير في ذلك؟. المهم هو العمل، وكيف نجح.

مجلة "سكرين إنترناشيونال" اختارت الفيلم ليكون واحداً من أكثر الأفلام الجذابة لعام 2016. ما شعورك تجاه هذا التكريم؟
طبعاً هذا الاختيار لم يكن من قبيل الصدفة أو المجاملة. كما ذكرت لك، هذا عمل بذل فيه مجهود كبير جداً. بداية من السيناريو حتى ظهور العمل، فالاختيار جاء نتيجة هذا التعب. كما أن "سكربت" الفيلم فاز بعدّة منح، وهذه أمورٌ تفيد في التقييم.

وهل التكريم هوّن عليك حملة التشوية والهجوم؟
الفيلم لاقى ردود فعل عالمية إيجابية، والكل شكر المجهود والفريق وزاوية التناول. كل التقارير التي كتبت واللقاءات التي أجريت معنا، تثني على العمل، وحتى الانتقاد جاء مثمراً. كما أن هذا التكريم ليس الوحيد للفيلم؛ فالعمل فاز بعدة جوائز ومنح، منها، تكريم من قناة Arte، وهي قناة ثقافية فرنسية – ألمانية، ومن وزارة الثقافة الفرنسية، كما تم اختيار الفيلم من أهم 10 أفلام في المهرجان ووصفوه بـ"الجوهرة المدفونة".




أنت محسوب وبقوة على تيار ثورة 25 يناير، لماذا تخشى وتتحسس من تصنيف الفيلم بأنه ذو أبعاد سياسية؟
أنا إنسانٌ شجاع. ولو كان الفيلم سياسيّاً كنت سأقول ذلك فوراً وبصوتٍ عال. العمل بالفعل بعيدٌ عن الانحيازات، وليست له أدنى علاقة حتى بمواقفي السياسية التي يعرفها الناس. "اشتباك"، للمرة المليون، عمل إنساني.

وهل "اشتباك" يعد بداية انتقال محمد دياب للسينما العالمية؟
"اشتباك" ليس أول عمل لي يتجاوز حدود السينما المصرية إلى العالمية، ونجاح "678" هو من عرّف الناس بي، وأسهم في موضوع الإنتاج كما ذكرت لك.

من فيلم "678" إلى "اشتباك".. ما الذي تغيّر في دياب المخرج؟
أهمُّ تغييرٍ حدث لي هو النضوج على المستوى الإنساني، وعلى المستوى المهني. قرأتُ كثيراً عن الإخراج، كذلك خضت تجارب لأول مرة، وهي تصوير مشاهد "أكشن"، وهذا جديد عليّ. وكذلك تغلبي على تحدي أن أصور الفيلم في مساحة صغيرة جداً، وهو تقنياً صعب جداً، لكني، بفضل الله، استطعت تنفيذه.

تقديم الفيلم في هذه الظروف الصعبة في مصر ألا يعد مجازفة؟
طبعاً مجازفة خطيرة جداً، وكل من يعرفوننا، حذّرونا من إنتاج عمل في هذا التوقيت، خاصة أن موضوع الفيلم ربما لن يتقبله كثيرون في حالة الانقسام والاحتقان الاجتماعي الحاصل، لكن إيماني بأن الفكرة ستنجح شجّعني على الاستمرار.

المساهمون