عاشور العاشر vs السلطة: الدراما الجزائرية بدأت تتحلى بالجرأة

عاشور العاشر vs السلطة: الدراما الجزائرية بدأت تتحلى بالجرأة

06 يوليو 2015
من مسلسل "السلطان عاشور العاشر" 2
+ الخط -
"السلطان عاشور العاشر"، هو مسلسل جزائري كوميدي ساخر، على طريقة "سيتكوم". تجري معظم أحداثه المتخيّلة حول مملكة السلطان عاشور العاشر الذي يقوم بدوره الفنان صالح أوقريت. ويروي حكايته من خلال علاقته بأسرته وحاشيته وشعبه، في محاولة من كتّاب العمل لتسليط الضوء على بعض عيوب الديكتاتور ومساوئه بطريقة غير مباشرة، من خلال مجموعة قصص متّصلة مفصّلة تعكس تارة تسلط هذا الحاكم وديكتاتوريته، وطوراً الأوضاع العامة في مملكته.
تلجأ هذه السلسلة إلى الفانتازيا والخيال كوسيلة للحديث عن معاناة تعيشها شعوب عربية في الحاضر، فتسقط عليها انتقاداتها بجرأة، على اعتبارها عملاً من وحي الخيال والكوميديا، وتختبئ خلف المبالغة المفترضة.

تطوّر دراما الجزائر

تسعى الدراما الجزائرية جاهدة لتطوير نفسها. لا تبخل في إنتاجاتها، لكنّها لا تضع نصب عينيها المنافسة على وضع اسمها في خريطة الدراما العربية. كذلك تفعل جلّ الدراما المغاربية، وليس الجزائرية فحسب. والدليل على ذلك، أنّها لم تحاول يوماً أن تخرج من محليتها أو حتّى أن تبسّط من لغتها العربية المحلية المحكية لتكون مفهومة في الخليج والمشرق. هذا إضافة إلى أنّها لم ترتَقِ بنفسها كما فعلت السينما هناك مثلاً، لتكون دراما حقيقة تحكي معاناة الشعب اليومية بشكل درامي مقنع ومباشر. بل هي بقيت أسيرة أعمال درامية بسيطة معظمها من نوعية "سيتكوم"، إذا استثنينا بعض الأعمال التراجيدية. الأمر الذي بدوره جعل المشاهد الجزائري نفسه يلجأ إلى متابعة الأعمال الدرامية العربية الأخرى.

السلطان والتجديد

لكنّ مسلسل "السلطان عاشور العاشر" يشذّ عن هذه القاعدة. إذ يعتبر محطة جديدة وأساسية في تطوّر تاريخ الدراما الكوميدية في الجزائر. ليس فقط لأنّه منتج بميزانية مرتفعه وبسخاء، وليس لأنّ بطله الفنان المخضرم، صالح أوقريت، واحد من أبرز نجوم الدراما الجزائرية، بل لأنّه أوّلاً، وإن بطريقة مواربة، استطاع أن ينتقد المجتمع والحاكم والحاشية على حدّ سواء .
"العربي الجديد" التقت محمد يبدري، وهو أحد أبطال المسلسل. يقيم في الولايات المتحدة الأميركية، ممثل ومخرج مسرحي، يلعب في هذه السلسلة دور "الجنرال فارس"، شقيق الزوجة الثانية للسلطان: "العمل عبارة عن قصّة أسطورية تدور أحداثها في القرن الـ12. مع ذلك لا يوجد محطات تاريخية حقيقية ارتكز عليها النصّ، وإنّما اعتمد السيناريو في مجمله على الخيال. لذا يحمل العمل الكثير من الانتقادات الموجّهة إلى المجتمع وإلى السلطة وإلى الديكتاتور. كلّ ذلك في قالب كوميدي يجعلنا نضحك على أنفسنا وعلى آلامنا ومشاكلنا وهمومنا اليومية، ويدفعنا إلى أن نطرح تساؤلاتنا عن همومنا بطريقة كوميدية".

"فليفهمنا العرب"

ويتابع يبدري: "المجتمعات العربية، حالياً، في حاجة إلى الابتعاد عن المواضيع السياسية وعن الواقع السياسي وأن تتوجّه قليلاً نحو الترفيه. وهذا العمل بالتحديد يلبّي هذه الحاجة". أما عن صعوبة وصول اللهجة الجزائرية إلى الجماهير العربية خارج المغرب فيجيب: "في عام 2007 كانت لديّ تجربة مسرحية بعنوان (حمه الكوردوني)، أي الإسكافي، عن نصّ للدكتورعزّ الدين ميهوبي، من إخراج محمد أذار. سافرت بسببها إلى المملكة العربية السعودية. كانت المسرحية كلّها باللهجة الوهرانية المحلية. لكن مع ذلك استطاع الجمهور أن يتلقّى العرض وأن يفهمه. حتّى أنّنا، كممثلين، فوجئنا بالأمر. فالدول العربية بحاجة فقط إلى أن تنفتح أكثرعلى الوطن العربي. فكيف لنا كمشاهدين أن نتابع أفلاماً فرنسية وإنجليزية ونفهمها، بينما لا يمكننا متابعة عمل عربي فقط لأنّ لهجته غير مفهومة. وأنا كمشاهد مغاربي أتابع الأعمال الدرامية العراقية والسورية واللبنانية وأفهمها. السبب يعود إلى جماليات الفكرة المطروحة التي تكون السبب الرئيسي في اجتذاب الجمهور".

اختلافات ثقافية

وفي رأيه فإنّ "الركّ" يجب أن يكون على "بعض النقاط الثقافية والمتعلّقة بالتراث الشعبي للمنطقة. هي الغائبة عن المشاهد وغير المفهومة له، وهذا الأمر ليس فقط على صعيد عربي، وإنّما، أيضاً، على صعيد الجزائر نفسها. فمثلا هناك كلمات وتلميحات تُقال في وهران لا يفهمها الجزائريون في مناطق أخرى من الجزائر نفسها. وبالنسبة إلى مسلسل السلطان عاشور العاشر، فعلينا توضيب اللغة لتكون قابلة أكثر للاستقبال من الجمهور العربي. فالدراما الجزائرية قادرة على أن تتوسّع ولدينا مخرجون جيدون. لكن ما ينقصنا، هو أن تستقبل شركات التوزيع والمحطات الفضائية الإنتاج الدرامي المغاربي بشكل عام".

البطولة والكتابة

"السلطان عاشور العاشر" مسلسل من حلقات متّصلة منفصلة. كلّ حلقة تحكي قصّة منفصلة عن الحلقة السابقة، وتلك اللاحقة. أو تطرح مشكلة مختلفة. لكنّ الشخصيات هي نفسها، كذلك الزمان والمكان. وهو من إنتاج قناة "الشروق" الفضائية، بالتعاون مع "Prod ART Film".
كتب هذا العمل الساخر، إلى جانب مخرجه، جعفر قاسم، كلّ من شفيق بركاني، سمير زيان وشمس الدين العسراني. وهو من بطولة كلّ من صالح أوقريت (السلطان عاشور العاشر)، سيد أحمد أقومي (الوزير)، مداني نعوم وسهيلة معلم ياسمين عماري (زوجتا السلطان عبلة وزان)، ومحمد يبدري (الجنرال فارس، شقيق الزوجة الثانية للسلطان)، وآخرون.

دلالات

المساهمون