مارغريتا الثانية.. تواضع أكسبها لقب "ملكة الشعب"

مارغريتا الثانية.. تواضع أكسبها لقب "ملكة الشعب"

22 ابريل 2015
الملكة مارغريتا الثانية (العربي الجديد)
+ الخط -
يحتفل الشعب الدنماركي هذه الأيام بمناسبة عيد ميلاد ملكتهم الخامس والسبعين. كسبت الملكة مارغريتا الثانية محبة الشعوب الإسكندنافية عبر تاريخ طويل من العلاقات المبنية على الاحترام والحياد الإيجابي، فحصدت شعبيّة كبيرة في بلدها، فأُطلق عليها لقب "ملكة الشعب".

ترفع الأعلام فوق المباني الحكومية العامة وعلى الحافلات والمنازل في المدن والقرى احتفاء بهذه المناسبة التي تخصص لها القنوات التلفزيونية بثاً مباشراً مع توافد العائلات الملكية الأوروبية إلى كوبنهاغن لمعايدة الملكة.

بكل احترام يتحدث عنها السياسيون عموماً، مع استثناءات يسارية تدعو إلى إلغاء الملكية، وهي التي اعتاد عليها شعبها أن تطل عليهم كل رأس سنة بكلمة مباشرة على الهواء تثير فيها نقاط حساسة تجعلها محط التقاء شعبها.

وعلى الرغم من شعبية العائلة الحاكمة، إلاّ أنّ هناك 1 من كل 4 مواطنين يرون أنّها تكلّف بلدهم موازنات كبيرة، بينما يرد آخرون، أنّ العائلة المالكة هي "نقطة جمع للشعب والبلد، وتقوم بتسويق كبير للاقتصاد والصناعات الدنماركية حول العالم، وأنّ لو كان هناك رئيس للبلاد، لصَرف ذات التكلفة السنوية".

وبتواضع، يمكن أن تتحدّث عن خصوصيات عدة، وأمور عامة وسياسية من غير أن تكون صاحبة قرار، لكنها يمكن أن تحزم في مسألة احترام الصفة. فإذا ما وقف صحافي يسأل بصيغة "أنتِ"، يمكن أن تقاطعه أمام البقية وعلى الهواء مباشرة لتقول له: "لا أظن، أنّنا كنّا في المدرسة ذاتها، حتى لا تستخدم صيغة أخرى للمخاطبة".

في مناسبات عدة، كانت "صاحبة الجلالة" قد دعت شعبها، ومن ورائهم الساسة، إلى "احترام المهاجرين ومعاملتهم بشكل لائق". لكنها مؤخراً، وبمناسبة عيد ميلادها، طرحت رأياً مثيراً للجدل، اقتنصه البعض، ووجدوه تدخلاً في الحياة السياسية، حين قالت رأيها، أنّ "على المهاجرين أن يعرفوا الثقافة التي يأتون إليها".


توضّح ما قصدته الملكة مارغريتا الثانية وانتهى الموضوع، لتعود إلى مواكب الاحتفال في مدينتي كوبنهاغن وآرهوس مع عائلتها.

الملكة الدنماركية لها شعبية بين عدد كبير من المهاجرين من كل الأجيال. فهم يرون فيها شخصية متسامحة ومتواضعة. لذا وفي سنوات ماضية، تلقّت العديد من الهدايا والمعايدات من بعض جمعيات المهاجرين. ويشارك هؤلاء، في الاحتفالات التي تقام بالمناسبة. ويعتبر زوجها الأمير هنريك شخصية منفتحة جداً، ويحضر مناسبات اجتماعية وثقافية في المكتبات، كما حضر احتفال، شاركت فيه فرقة رقص شعبي فلسطيني وتصور معهم. للعائلة الملكية أصدقاء من العرب أيضاً، ولعلّ أبرزهم، المستثمر المصري عنان الجلالي، الذي يعتبر صديقاً مقرباً من العائلة منذ أن كان حديث العهد في البلاد.

اقرأ أيضا:"نبيذ" رئيس وزراء الدنمارك السابق بأموال حكومية

وبسبب زواج ولي العهد، الأمير فريدريك بفتاة من الطبقة العامة (الأميرة ماري وهي اسكتلندية-استرالية)، ومن خارج الدنمارك، مدح به الشعب، وبذلك التواضع الذي اتّسم به الأمير الذي كان يدرس العلوم السياسية في جامعة آرهوس من دون مبالغة في الحراسات أو السيارات، بل كان يقيم بين الطلاب ويحضر دروسه ويتصرف كمواطن عادي جداً.

أمّا الملكة مارغريتا الثانية، تهتم بالفلسفة والفنون، وتعتبر بنظر عدد كبير من شعبها، مثقفة من الطراز الرفيع، وتجيد لغات عدة وتهتم بالرسم والتصميم بنفسها لملابسها وملابس مسرحيات، تعرض في المسارح والتلفزيونات الدنماركية. وتعرض أعمالها الفنية في الداخل وحول العالم. كما أنّها رسمت عدة رسومات، ومنها لكتاب "سيد الخواتم"، الذي تحوّل فيما بعد إلى فيلم. وحصلت على عدد من الدرجات العلمية من مختلف الجامعات المحلية والعالمية.

وعلى الرغم من أنّها ليست حاكمة، إلاّ أنّ للملكة آراء خاصة بما يجري حولها في العالم. فهي لا تحبّذ ما يقوم به الروس في أوكرانيا، وفي تصريحها للإذاعة الدنماركية: "هذا أمر لا يمكن إلاّ أن يذكّرنا بأوروبا في نهاية الثلاثينات". وعلى الرغم من ذلك، ترى فرقاً بين واقع أوروبا الحالي والسابق، "أوروبا تقف اليوم متحدة رغم الاختلافات. كما أنّنا أعضاء في الناتو الذي يجمع دول عدة. ولا يجب أن نخاف".

تزوجت الملكة مارغريتا الثانية من الديبلوماسي الفرنسي هنري جين أندري، المعروف اليوم باسم الأمير هنريك، وأنجبت منه ولدين، ولي العهد الأمير فريدريك الذي ولد عام 1968، والأمير يواكيم مواليد العام 1969.

ملكية دستورية
بعد أسبوع تقريباً من اجتياح القوات النازية للمملكة الدنماركية، وفي 16 أبريل/ نيسان عام 1940، ولدت "صاحبة الجلالة مارغريتا الثانية" من أبيها الملك فريدريك ووالدتها السويدية الملكة انغريد. عُمّدت في مايو/ أيار باسم "مارغريتا الكسندارينا بورهيلدور انغريد".

اقرأ أيضا:حزب "الدمى" أوّل حزب احتجاجي في الدنمارك

ليس للملكة مارغريتا أخوة ذكور، فقط اختان، الأميرة بينديكتا، والملكة آنا ماريا (زوجة ملك اليونان السابق قسطنطين). لذا وقبل أن يتوفى والدها الملك فريدريك التاسع، أجرى عام 1953 تعديلاً دستورياً، أتاح من خلاله انتقال العرش إلى أنثى، وسُمّيت الأميرة مارغريتا آنذاك، "ولية العهد". ومنذ ذلك الحين، بدأت الملكة مارغريتا تشارك في اجتماعات نيابة عن أبيها فيما يسمى مجلس الدولة.

المملكة الدنماركية هي ملكية دستورية بموجب تعديلات دستورية مختلفة، تخلت بموجبها العائلة الحاكمة عن "الحكم المطلق". في العام 1972، توفي الملك فريدريك، وانتقل العرش إلى "جلالة الملكة مارغريتا الثانية".

لا تشارك الملكة في السياسة، وإن كانت تستقبل السفراء المعتمدين وتشارك في افتتاح الجلسات البرلمانية السنوية، وتقدّم لها أسماء الوزراء ورؤساء الحكومات الذين يتوجهون إليها بتشكيلتهم الجديدة والتغييرات التي تحدث.

تعتبرها المرأة الدنماركية مثلاً أعلى في اعتلاء المناصب والمساواة، وهي بذلك تحتل مكانة خاصة في قلوبهن لنشاطها المباشر وغير المباشر في مجالات الدفاع عن الطفل وإسهامها برفع مكانة الدنمارك عموماً.

المساهمون