عيون الحرامية... ماذا بقي من قصة فلسطينية عظيمة؟

عيون الحرامية... ماذا بقي من قصة فلسطينية عظيمة؟

12 نوفمبر 2015
من الفيلم (فيسبوك)
+ الخط -
في شهر مارس/آذار من العام 2002، وفي ذروة الانتفاضة الفلسطينية الثانية، قام ثائر فلسطيني يدعى ثائر.. ثائر حماد.. بعملية "عيون الحرامية"، والتي قام بها منفرداً بقنص حياة 10 جنود احتلال في المنطقة التي تحمل الاسم نفسه، قبل أن يعود إلى بيته من دون القبض عليه أو إصابته.

بعد 12 عاماً من العملية، أعلنت المخرجة الفلسطينية نجوى نجار عن إخراج فيلم (مستوحى من القصة الحقيقية) ويحمل ذات الاسم "عيون الحرامية"، مما ينبئ للوهلة الأولى بفيلم مهم فعلاً عن حدث ممتلئ بالدراما، ولكن ما حدث أن الفيلم لم يأخذ من القصة الحقيقية أي شيء من عمقها ودواخلها، واكتفى فقط بالاستفادة من الاسم والخلفية.. دون أي شيء آخر.


لا يوجد "ثائر" في الفيلم، ولا يوجد خلفية عن شخص قرر القيام بعملية بهذا الحجم منفرداً وأصاب 23 جندياً من أصل 25 رصاصة كانت معه في بندقيته، لا يوجد تتبع لعامين كان فيهما جيش الاحتلال يبحث عنه ويقبض على أهالي قريته وعائلته من أجل الوصول لـ"منفذ" العملية، لا يوجد حتى الشد والجذب الأخلاقي الذي وصل لذروته وقتها مع رسائل أمهات الجنود المقتولين في العملية إلى الإعلام. نجوى نجار لم تهتم بكل هذا، فالفيلم هو دراما عادية وسطحية.. تبدأ بشخص فلسطيني يقوم بعملية ما – بهذا القدر من عدم الوضوح ــ ويقبض عليه ويدخل السجن 10 سنوات وحين يخرج يجد أن زوجته قد ماتت ويذهب في رحلة بحث عن ابنته!


مشكلة هذا التسطيح والذهاب بعيداً جداً عن الحكاية الحقيقية، التي لا يوجد منها أي شيء هنا، هي أن عَنْوَنت نفسك منذ البداية باسمها. لكن التعامل مع الفيلم في صلته بالقصة الحقيقية ليس المشكلة الوحيدة فيه، فبعيداً عن كل هذا، وبتجريد الأمر لـ"أب يخرج من السجن يبحث عن ابنته" فالفيلم يبقى عامراً بالمشاكل.. أهمها على الإطلاق هي عملية (الترقيع) غير المفهومة في اختيار أبطاله: الممثل المصري خالد أبو النجا لا يستطيع أبداً تجاوز مشكلة (اللهجة)، في الكثير من الأحيان يبدو الفيلم مفتقداً لأي صدق لأننا نشعر بأن الممثل يمثل ويحاول التحدث بلهجة ليست لهجته وفي أحيانٍ كثيرة يفشل في ذلك وتخرج الجملة بتركيب مضحك.. عامية مصرية بكلمة فلسطينية في المنتصف.


نجوى نجار بررت اختيار "أبو النجا" بأنه ناشط سياسي في مصر وهي أرادت أن يكون بطل فيلمها "ثائرا يمثل دور ثائر"، التفسير سطحي جداً، ولكن حتى مع الأخذ به فقصة الفيلم في الحقيقة هي عن "أب يبحث عن ابنته" وليست عن "ثائر" بأي شكل. وإذا كان هذا هو مبرر "أبو النجا".. فلماذا سعاد ماسي؟ المطربة الجزائرية التي لم تمثل أصلاً من قبل وذات اللهجة الشمال أفريقية الواضحة والتي تبدو أغانيها في الفيلم منقطعة الصلة بأي شيء يفترض أن تعكسه القصة أو الصورة (الفلسطينية)!


الأغلب أن اختيار الأبطال جاء لأسباب تسويقية وتجارية بحتة، تماماً مثل اختيار اسم الفيلم، تماماً ككل شيء آخر: الحوار الضعيف جداً ويبدو كأنه مترجم من لغة أخرى وموجّه لجمهور غربي، القصة الجانبية الهشة عن أنابيب المياه والفساد الفلسطيني، التصوير الذي بدا استشراقياً جداً في أوقات كثيرة، وحتى شعور الـFeelgood المسيطر على الفيلم في أوقات كثيرة ويزداد بأغاني "سعاد ماسي". هذا فيلم يصنف نفسه باعتباره "فلسطينياً" دون أن يحمل في الحقيقة أي شيء فلسطيني إلا اسم عملية نضالية عظيمة جرت منذ 13 عاماً.

إقرأ أيضًا: سينما اسكندينافيا: 7 ملايين تذكرة في ستة أشهر

المساهمون