ما بعد اعتداء لندن: الأمان مقابل الخصوصية

ما بعد اعتداء لندن: الأمان مقابل الخصوصية

27 مارس 2017
رود (منتصف) بوقفة مع ضحايا اعتداء لندن(أدريان دينيس/فرانس برس)
+ الخط -
يعود الجدل حول الخصوصيّة وربط السلطات حجّة مكافحة الإرهاب بالتجسس والرقابة على المواطنين، إلى الواجهة، من بوابة بريطانيا هذه المرّة. ويبدو أنّ اعتداء لندن، الذي وقع الأربعاء الماضي، سيُشكّل نقطة أساس لعودة تلك النقاشات، والتي وصلت إلى حائط مسدود سابقاً، إثر حالات مشابهة. 

الاعتداء الذي أتى بعد تحذيرات من استهداف دول غربيّة بشكلٍ متزايد من قبل تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، بعد تراجعه في سورية والعراق، جدّد الجدل حول الأمان مقابل الخصوصيّة. وبدأ ذلك أمس، بعدما قالت وزيرة الداخلية البريطانية، آمبر رود، إنّ تطبيقات التشفير من النهاية إلى النهاية كـ"واتساب"، "غير مقبولة نهائياً"، ويجب أن "لا يكون هناك مكان سريّ للإرهابيين كي يتواصلوا".

وكانت تقارير بريطانيّة قد أشارت إلى أنّ منفذ هجوم لندن، خالد مسعود، كان يتحدث عبر "واتساب"، قبل دقيقتين من تنفيذه الهجوم الذي أدى إلى مقتل 4 بينهم شرطي، قرب البرلمان البريطاني في ويستمنستر. ولم يُعرف، على وجه التحديد، إن كان مسعود يقرأ، يرسل، أو يتلقى رسائل عبر "واتساب"، لكن عُرف أنه كان ناشطاً على التطبيق.

وأضافت رود، في حديث لبرنامج أندرو مار شو على قناة "بي بي سي": "هذا رأيي. إنه غير مقبول على الإطلاق. لا يجب أن يكون هناك مكان للإرهابيين كي يختبئوا. نحتاج لأن نكون متأكدين من أنّ تطبيقات، كواتساب وغيره التي تشبهها، لا تؤمّن مكاناً سرياً للإرهابيين كي يتواصلوا سويّاً".
وتابعت الوزيرة البريطانيّة "نحتاج إلى التأكد من أنّ أجهزة مخابراتنا لديها القدرة على الدخول لحالات كواتساب المشفرة".


واعتبرت رود أنّ "كلّ اعتداء يؤكّد مجدداً دور الإنترنت كقناة للتحريض والتحفيز على العنف، ونشر أيديولوجيّة المتطرّفين. نحتاج مساعدة شركات التكنولوجيا، كغوغل وتويتر وفيسبوك، في هذا العالم. كما نحتاج مساعدة الشركات الصغيرة أيضاً، كتيليغرام وورد برس. نحتاجهم أن يأخذوا دوراً استباقياً وقيادياً في معالجة إساءة استخدام منصّاتهم من قبل الإرهابيين. نحتاجهم أن يطوّروا حلولاً تكنولوجيّة جديدة".

ولدى سؤالها عن موقف شركة "آبل" المعارض لمساعدة مكتب التحقيقات الاتحادي FBI على فك شفرة هاتف "آيفون"، كان يمتلكه أحد مطلقي النار في سان برناردينو، اعتبرت رود أنّ "الحالة البريطانيّة مختلفة عن الأميركيّة". وقالت "هذا أمر مختلف تمام الاختلاف. لا نقول افتحوا الباب على مصراعيه، ولا نريد أن ندخل إلى (نطاق تخزين الحوسبة) السحابية لا نريد أن نفعل كل ما هو مشابه لذلك"، مضيفةً "لكننا نريدهم أن يدركوا أن عليهم مسؤولية بالتواصل مع الحكومة ومع أجهزة الأمن عندما يكون هناك موقف متعلق بالإرهاب".

وأشارت رود إلى أنها تريد تشكيل لجنة على مستوى القطاع في بريطانيا للسماح لشركات التكنولوجيا بتحسين الرقابة على مواقعهم ومنع الإرهابيين من استخدام مواقعهم ومنصاتهم.
ويؤمّن "واتساب" لمستخدميه التشفير من النهاية إلى النهاية، ما يعني أنّ الرسالة لا يُمكن أن تُخترق، ولا يمكن أن يقرأها إلا المُرسِل والمُرسَل إليه.

ويقول "واتساب"، الذي تملكه شركة "فيسبوك"، إنّ تأمين التشفير للمستخدمين أحد أهم مبادئه الأساسيّة. وأكد "واتساب" سابقاً أنه لن يُسلّم معلومات عن مستخدميه، ما أدى إلى حجبه في البرازيل أكثر من مرة.

وتُعيد هذه التصريحات مخاوف من استغلال حجّة محاربة الإرهاب للتنصّت على المستخدمين واختراق خصوصيّتهم من الحكومات، أو حجب التطبيقات حتى لتلك الغاية.

وكان رئيس الوزراء البريطاني السابق، دايفيد كاميرون، قد لمّح إلى إمكانية غلق مواقع التواصل التي تسمح بالتشفير، إذ قال، على هامش مسيرة التنديد بالإرهاب في باريس عام 2015: "هل يجب أن نسمح بوسائل التواصل التي لا يمكن لنا قراءة رسائلها؟ إجابتي عن هذا السؤال ستكون لا، يجب ألا نسمح بها".




المساهمون