مصر: صحافيون ضحايا "محاربة الإرهاب"

مصر: صحافيون ضحايا "محاربة الإرهاب"

14 نوفمبر 2014
بات الصحافيون ضحايا لما يُسمى مكافحة الإرهاب (Getty)
+ الخط -
أصدرت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، تقريراً فنّدت فيه أوضاع الصحافة والصحافيين في مصر، مؤكدةً أنّ آلة القمع ستطال الجميع.
وقالت الشبكة في تقريرها إنه "في ظل ما تعيشه مصر من وضع أمني مقلق على نحو متزايد، بات النظام يبرر باسم محاربة الإرهاب جميع الانتهاكات التي يرتكبها ضد حقوق الإنسان، حيث يأتي الصحفيون في مقدمة ضحايا هذه السياسة القمعية التي لا تتوانى فيها السلطات عن اضطهاد كل صوت مستقل وإسكاته".

تأميم الصحافة وتكميم الأفواه
وقالت الشبكة في تقريرها إنّ أصوات مئات الصحفيين المصريين، تعالت على الشبكات الاجتماعية يوم 1 نوفمبر/تشرين الثاني للاحتجاج على البيان الرسمي الذي أصدرته العديد من وسائل الإعلام المحلية الموالية للنظام الحاكم في ما أسمته "مكافحة الإرهاب".
وأكدت الشبكة أن التشبث بذريعة "الخطر الذي يهدد الأمن القومي"، جعل النظام المصري يواصل سياسته القمعية ضد الصحفيين عامة، وصحفيّ شبكة الجزيرة على وجه التحديد، وضد كل وسائل الإعلام التي لا يتماشى خطها التحريري مع الخطاب الرسمي.
وكان أكثر من 500 صحافي مصري، قد رفضوا البيان الذي أصدره يوم 26 أكتوبر/تشرين الأول رؤساء تحرير الصحف الخاصة ومؤسسات الإعلام الحكومي، والذي تقرر فيه "التوقف عن نشر البيانات الصادرة التي تدعم الإرهاب وتدعو إلى تقويض مؤسسات الدولة بشكل مباشر أو غير مباشر والتعامل بموضوعية ودون مبالغة مع أخبار المظاهرات التخريبية لجماعة الإخوان داخل الجامعات وخارجها، ووضع آلية للتنسيق المشترك بين الصحف كافة لمواجهة المخططات الإرهابية والسعي إلى اتخاذ الإجراءات لمواجهة هذه المخططات التي من شأنها منع تسلل العناصر الداعمة للإرهاب إلى الصحافة ومواجهة الثقافة المعادية للثوابت الوطنية".
ورأت الشبكة أن هذا القرار، الذي يسعى إلى إقامة سياسة تحريرية جديدة لوسائل الإعلام المحلية بهدف محاربة "تسلل العناصر الداعمة للإرهاب إلى الصحافة والإعلام"، مقصود منه أنه يحظر أي شكل من أشكال الانتقاد تجاه مؤسسات النظام –سواء الشرطة أو الجيش أو القضاء– ويعد بمثابة دعوة صريحة لوسائل الإعلام إلى الانضواء تحت لواء النظام.
وقالت مديرة البرامج في منظمة مراسلون بلا حدود، لوسي موريون: إنّ "هذه السياسة التحريرية الجديدة التي اعتمدتها بعض وسائل الإعلام لا تمثل الصحفيين المصريين وتهدد الحريات الأساسية في مصر، بما في ذلك حرية الإعلام واستقلالية الصحافة"، مضيفة، بحسب تقرير الشبكة، أن "الحكومة تتمادى بشكل متزايد في سياسة تكميم الصحافة وتضطهد الأصوات المستقلة بشكل منهجي تحت ذريعة محاربة الإرهاب".
واعتبرت الشبكة أن بيان رؤساء التحرير، بمثابة "قرار من رؤساء تحرير ما يقرب من 17 صحيفة محلية (بين حكومية وخاصة) بالانضمام إلى سياسة نظام السيسي، من خلال فرض قيود جديدة على الصحفيين العاملين في مؤسساتهم".
ولقي هذا القرار انتقاداً كبيراً حتى داخل هيئات تحرير تلك الجرائد، بينما قوبل بالشجب في أوساط وسائل الإعلام الأخرى التي ترفض وصاية الدولة.

صحافيون تحت مجهر السلطات
في يوم الخميس 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2014، دعت هيئة الدفاع عن صحافيي الجزيرة، محمد عادل فهمي، إلى إطلاق سراحه لأسباب صحية، نظراً لضرورة خضوعه لجراحة عاجلة لإصلاح الكسر الذي تعرض له في الكتف قبل اعتقاله، فضلاً عن الحاجة الملحة لتلقي العلاج بسبب إصابته بالتهاب الكبد الفيروسي (ج)، بعد أن مر أكثر من 300 يوم على اعتقال صحفيّ الجزيرة الثلاثة –محمد عادل فهمي، الذي يحمل الجنسيتين الكندية والمصرية، والأسترالي بيتر غريست والمصري باهر محمد- المحتجزين بتهمة دعم جماعة الإخوان المسلمين.
يذكر أن محكمة النقض المصرية ستنظر يوم 1 يناير/كانون الثاني 2015 في الاستئناف الذي تقدموا به بعدما حُكم عليهم بالسجن لمدد تتراوح بين سبع وعشر سنوات.
أما أحمد منصور، المذيع في قناة الجزيرة، فقد حكمت عليه محكمة الجنايات في القاهرة غيابياً يوم 11 أكتوبر/تشرين الأول بالسجن لمدة 15 سنة بتهمة تعذيب محامٍ في ميدان التحرير خلال انتفاضة يناير/كانون الثاني 2011. لكن الصحفي قال إنه لم يعلم بقرار المحكمة إلا عبر وسائل الإعلام، ونفى هذه الاتهامات، مؤكداً أنه لم يكن في مصر خلال الهجوم الذي تعرض له المحامي، مندداً في الوقت ذاته بعدم مصداقية القضاء المصري بعد الطلب الذي وجهته السلطات إلى الإنتربول لإصدار مذكرة اعتقال دولية بحق الصحفي، علماً أن منظمة الشرطة الجنائية الدولية رفضت تلك الدعوة لأنها لا تستجيب لمعايير "الإشعار الأحمر".
وفي26  أكتوبر/تشرين الأول 2014، أُلقي القبض على عبد المقتدر الوحش، 21 سنة، بينما كان يصور لقناة الجزيرة المسيرة التي نظمها عمال شركة غزل المحلة للتنديد بالعمليات الإرهابية في المدينة. وبعد اعتقاله، خضع الطالب والمصور المستقل للاستجواب ليتم حبسه على ذمة التحقيق بتهمة دعم منظمة إرهابية ونشر معلومات كاذبة.
بيد أن آلة القمع تطال مختلف وسائل الإعلام الأخرى. ففي يوم 22 أكتوبر/تشرين الأول 2014، أُلقي القبض على المصور إسلام الشافعي الذي يعمل لشبكة يقين الإخبارية، بينما كان يغطي الانفجار الذي وقع أمام جامعة القاهرة. ورغم إظهار بطاقته الصحفية، لم يتردد أفراد الشرطة في القبض عليه واستجوابه دون إعطاء أي توضيح، قبل أن يطلقوا سراحه في اليوم التالي.
وفي هذا الصدد، قالت نائبة مديرة البرنامج في منظمة مراسلون بلا حدود، فرجيني دانغل، للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان: "إننا ندين بأشد العبارات هذه الاعتقالات والأحكام التعسفية ضد الصحفيين. إننا نحث السلطات المصرية على إطلاق سراح الصحفي فهمي، الذي يحتاج إلى تلقي العلاج، والإفراج عن جميع الصحفيين الآخرين المعتقلين ظلماً، مع إسقاط التهم الموجهة إليهم".
في يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول 2014، تم توقيف مقدم برنامج "آخر النهار" على فضائية "النهار" محمود سعد، بعدما تطرقت ضيفته لحرب الأيام الستة لعام 1967 يوم وقوع هجمات سيناء، وهو الأمر الذي اعتُبر إهانة للجيش المصري، مما أدى ليس فقط إلى تعويض مقدم البرنامج بشكل مؤقت ولكن أيضاً إلى إحداث تغييرات في هيكلة برامج القناة ككل.
وعلى صعيد آخر، شهد يوم 19 أكتوبر/تشرين الأول 2014 وقف البث الحي المباشر للبرنامج الحواري "العاشرة مساءً"، الذي يُعرض على فضائية دريم 2، عندما كان يُظهر تقريراً عن وفاة طفل في إحدى مدارس محافظة مطروح. وبينما استنكر مقدم البرنامج وائل الإبراشي الضغوط الحكومية لوقف البث، ولا سيما من وزارة التربية والتعليم ووزارة الإسكان، قالت إدارة القناة إن السبب راجع لمشاكل فنية.
يُذكر أن مصر تقبع في المركز 159 (من أصل 180 بلداً) على التصنيف العالمي لحرية الإعلام لعام 2014 الذي نشرته منظمة مراسلون بلا حدود مطلع هذه السنة.

المساهمون