ترخيص المواقع المصرية: عام من الانتظار

ترخيص المواقع المصرية: عام من الانتظار

11 أكتوبر 2019
لم تصدر تراخيص للمواقع الإلكترونية (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -
قبل عام، في الثلث الأخير من أكتوبر/ تشرين الأول 2018؛ أعلن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر بدء تلقي طلبات ترخيص المواقع الإلكترونية لمدة أسبوعين؛ تنفيذا لقانون تنظيم الصحافة والإعلام رقم 180 لسنة 2018، لمنح التراخيص للمواقع الإلكترونية وتقنين أوضاعها. 

ونصت المادة 55 من قانون المجلس الأعلى للإعلام، والمختص بملكية الوسائل الإعلامية وتأسيسها، على أنّ "المجلس الأعلى يُعد نموذجًا لترخيص ممارسة العمل الإعلامي للوسيلة الإعلامية أو الموقع الإلكتروني. ويجب أن تحدد في النموذج أغراض الوسيلة الإعلامية أو الموقع الإلكتروني، والفئة المستهدفة من الجمهور، والسياسة التحريرية، وأسماء رئيس وأعضاء مجلس الإدارة، ونظامها الأساسي، وذلك طبقًا لطلب الترخيص".

ثم أعلن المجلس الشروط العامة لأي شخص يريد إنشاء موقع إلكتروني بأن "يتوجه للمجلس لتقديم طلب وفيه بيانات الموقع الإلكتروني والمالك ولقبه وجنسيته ومحل إقامة المالك واللغة التي ينشر بها الموقع والسياسة التحريرية ومصادر التمويل والهيكل التحريري والإداري ومقر الموقع الإلكتروني أو مكان بثه وعنوان المراسلات وإيداع 50 ألف جنيه (حوالي 3000 دولار أميركي) كرسوم كل 5 سنوات على أن يكون رأس المال بحد أدنى 100 ألف جنيه مصري (حوالي 6000 دولار أميركي)".

وتحدد المادة رقم 60 من قانون تنظيم الإعلام والصحافة، قيمة رسوم الحصول على ترخيص الموقع الإلكتروني بخمسين ألف جنيه للموقع الإلكتروني، وهو ما يعني أن في حالة تعدد المواقع المملوكة أو التي تُدار من شركة واحدة يتم دفع مبلغ خمسين ألف جنيه عن كل موقع. ثم قرر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام مد مهلة تلقي طلبات الترخيص للمواقع الإلكترونية لمدة أسبوعين آخرين، بعد أن تلقى ما يقرب من 130 طلبًا لترخيص المواقع الإلكترونية، وفقاًللقانون تنظيم الصحافة والإعلام الجديد، رقم 180 لسنة 2018.

وحسب مراقبين؛ فقد بلغ عدد المواقع التي تقدمت بأوراقها رسميًا للحصول على الترخيص، 180 موقعًا، أي أنه في حالة التزامها جميعًا بالشروط المعلنة يكون المجلس قد تلقى مبلغا ماليا قدره 9 ملايين جنيه مصري (حوالي 500 ألف دولار أميركي) قيمة إيداع تلك المواقع المتقدمة بطلبات الترخيص 50 ألف جنيه لكل منها. لكن عاماً كاملاً مضى، ولم يبت المجلس في تلك الطلبات، ولم يصدر أي ترخيص جديد، وبقي الحال على ما هو عليه.

يُذكر أنّ إعلان المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام يخاطب كافة أشكال المواقع الإلكترونية، ولا تقتصر الدعوة إلى تقنين الأوضاع على المواقع الصحافية أو الإعلامية فقط، حيث تحدد المادة رقم 6 من قانون تنظيم الإعلام والصحافة أنه لا يجوز تأسيس مواقع إلكترونية في جمهورية مصر العربية، أو إدارتها، أو إدارة مكاتب أو فروع لمواقع إلكترونية تعمل من خارج الجمهورية، إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من المجلس الأعلى وفق الضوابط والشروط التي يضعها في هذا الشأن. كما تشمل بيانات تتعلق بترخيص مواقع الجمعيات والمؤسسات الأهلية.

يشار إلى أن المادة رقم 41 من قانون تنظيم الصحافة والإعلام تُلزم المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بإعلان مُقدِّم الإخطار بكتاب موصًى عليه بعلم الوصول باكتمال بياناته أو باستيفاء البيانات الناقصة، وذلك خلال ثلاثين يومًا من تاريخ ورود الإخطار إليه، وإذا لم يقم المجلس الأعلى بالرد خلال المدة المشار إليها اعتبر الإخطار مكتملًا.

وفي ورقة بحثية بعنوان "دليل تقنين أوضاع المواقع الإلكترونية"، صادرة في يناير/كانون الثاني الماضي، أشارت مؤسسة حرية الفكر والتعبير (منظمة مجتمع مدني مصرية) إلى أنه لا يوجد نص مُلزم للكيانات التي يخاطبها قانون تنظيم الإعلام والصحافة بفرض قيد زمني يتعلق باتخاذ إجراءات تقنين/توفيق الأوضاع قبل صدور اللائحة التنفيذية للقانون، كما أن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام لم يصدر عنه قرار رسمي باتخاذ الإجراءات، وهو ما يعني أنها مجرد دعوة أو إعلان من جانب المجلس في سبيل تنفيذ القانون.

على الجانب الآخر فإن هناك إشكالية في استخدام المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام لمصطلح (توفيق الأوضاع)، حسب الورقة البحثية؛ حيث إن الإعلان الصادر عن المجلس في حقيقته دعوة لاتخاذ جزء من إجراءات توفيق الأوضاع. وتختلف دلالة مصطلحي (توفيق الأوضاع) و(تقنين الأوضاع).

وأوضحت المؤسسة أن "توفيق الأوضاع يعني التزام الكيانات القانونية بمختلف أشكالها والأشخاص الطبيعيين باتخاذ مجموعة من الإجراءات القانونية المنصوص عليها في القانون وفي لائحته التنفيذية خلال أجل مُحدد، ويحدد قانون تنظيم الإعلام والصحافة، في المادة رقم 2 تنظيم عملية توفيق الأوضاع حيث تُلزم المادة الكيانات والمؤسسات والوسائل الصحافية والإعلامية والمواقع الإلكترونية القائمة في تاريخ العمل بأحكام القانون، أن توفق أوضاعها طبقًا لأحكامه ولائحته التنفيذية، وذلك خلال ستة أشهر من تاريخ العمل باللائحة التنفيذية. لذا فإن عملية توفيق الأوضاع تخضع لقيدين مرتبطين، الأول صدور اللائحة التنفيذية للقانون، والآخر وجود قيد زمني يتم خلاله عملية التوفيق وهو أن يتم التوفيق خلال 6 أشهر من تاريخ إقرار اللائحة التنفيذية".

أما استخدام المجلس لمصطلح تقنين الأوضاع، "فهو في حقيقته دعوة لاتخاذ جزء من إجراءات توفيق الأوضاع، حيث إن توفيق الأوضاع قائم على عنصرين أساسيين، وهما القواعد المنصوص عليها بقانون تنظيم الإعلام واللائحة التنفيذية له. واقعيًّا المجلس يطالب الكيانات بتنفيذ القواعد المنصوص عليها في القانون فقط، لذا تم استخدام لفظ التقنين لا التوفيق وخاصة أن قانون تنظيم الإعلام والصحافة لم ينظم أو يذكر عبارة تقنين في أيٍّ من نصوصه"، بحسب المؤسسة التي أكدت أنه "نظرًا إلى أن عملية التقنين غريبة على البنية التشريعية المنظِّمة لوسائل الإعلام، فهي في حقيقة الأمر توفيق مُبتسر، فقد أدى ذلك إلى وجود تضارب وتخبط في الواقع المتعلق بتنفيذ الإجراءات والتي يغيب عنها التنظيم القانوني بشكل كبير نظرًا إلى غياب اللائحة التنفيذية".

دلالات