أجانب في برامج تلفزيونية تونسية... ضرورة أم لعبة تجارية؟

أجانب في برامج تلفزيونية تونسية... ضرورة أم لعبة تجارية؟

20 يونيو 2018
(تيري موناس/Getty)
+ الخط -
ظاهرة جديدة بدأت بالتشكل في المشهد الإعلامي التونسي منذ أشهر، أكدتها الأعمال الدرامية الرمضانية، وهو ما يتمثّل في مشاركة أجانب في حصص تلفزيونية كمقدمين ومحللين، والمشاركة في الأعمال الدرامية الرمضانية. ولكن، هل الأمر يتعلق بضرورة فنية وإعلامية؟ أم أن الأمر لا يتعدى لعبة تجارية تعمل من خلالها القنوات التلفزيونية الخاصة لجلب أكبر عدد من المشاهدين والمعلنين؟

الأجانب الحاضرون في البرامج التلفزيونية والأعمال الدرامية من جنسيات أميركية ويابانية وروسية وتمّ توظيفهم في حصص وأعمال تلفزيونية، تمّ إنتاجها وبثها من قبل قناتي "الحوار التونسي" و"التاسعة". فجويل (Joel) شاب أميركي مقيم في تونس، وصاحب مشروع أصبح يتكلم اللهجة التونسية بشكل معقول، لكنّ استعماله بعض الكلمات التونسية يجعل الأمر مضحكاً، وهو ما استغله الإعلامي ومالك قناة "الحوار التونسي" سامي الفهري في برنامجه "نهار الأحد ما يهمك في حد" (يوم الأحد لا تبالِ بأحد)، ليصبح جوال ضيفاً دائماً في البرنامج.
جويل تحول أيضاً إلى ممثل من خلال مشاركته في مسلسل "تاج الحاضرة" الذي أنتجته وبثته قناة "الحوار التونسي" خلال النصف الأول من شهر رمضان 2018. هذه الأخيرة لم تكتفِ بالشاب الأميركي، بل دعمت صفوفها بأجنبي ثانٍ مقيم في تونس ويتحدث اللهجة التونسية بصعوبة وبشكل مضحك هو الياباني يوكي (Yuki). فهذا الشاب أصبح ضيفاً دائماً وفرداً من المشاركين الرئيسيين في برنامج "أمور جدية" الذي تبثه قناة "الحوار التونسي" ويقدمه الإعلامي نوفل الورتاني، ليتحول الشاب الياباني المغمور إلى ممثل في رمضان من خلال مشاركته في السلسلة التي أنتجتها نفس القناة وهي سلسلة كوميدية بعنوان "إلي ليك ليك" (ما لك هو لك).



وفي إطار المنافسة بين القنوات التلفزيونية، لجأت قناة "التاسعة" إلى نفس أسلوب قناة "الحوار التونسي" واستعانت بشابة روسية اسمها ليتيسيا leiticia وهي فتاة بملامح روسية تتكلم اللهجة التونسية بصعوبة كبيرة. هذه الفتاة تحولت إلى محللة فنية في قناة "التاسعة"، من خلال مشاركتها مع الإعلامي أمين قارة في برنامجه الأسبوعي L’emission الذي تبثه القناة، ويقتصر حضورها على بعض الكلمات واستغلالها من طرف الممثل طارق بعلوش للتغزل بها وبجمالها مع إيحاءات جنسية حولها. ليتيسيا الروسية تحولت إلى ممثلة في نفس القناة، إذ شاركت في السلسلة التي أنتجتها القناة لشهر رمضان بعنوان "سبع صبايا" وكان لها دور محدود تمّ فيه التركيز على جانب الجمال والإغراء فيها.

هذه المشاركات لوجوه أجنبية لا تاريخ إعلامياً أو فنياً لها في برامج وأعمال درامية أثارت الكثير من الاستغراب. لكن محمد السيوطي المؤدب اعتبر الأمر شكلاً من أشكال الانفتاح على الآخر بخاصة أن هؤلاء اختاروا العيش في تونس رغم الاختلاف الحضاري، معتبراً أن إبرازهم بهذا الشكل يقدم رسالة إيجابية عن تونس.

رأي لم يشاركه فيه الإعلامي محمد رمزي المنصوري الذي اعتبر أن مشاركة هؤلاء الأجانب في برامج تلفزيونية وأعمال درامية لم تقدم أية إضافة فنياً وحتى مسألة إبراز صورة تونس فهي مسألة ثانوية جداً، باعتبار أن الجمهور الذي تتوجه له هذه القنوات هو بالأساس جمهور تونسي، مضيفاً أن الأمر قد يتعلق بجانب تجاري بحت فهؤلاء من خلال مشاركتهم واستعمالهم اللهجة التونسية بشكل مضحك قد تتوسع قاعدة المشاهدين وبالتالي قاعدة المعلنين التجاريين؛ بخاصة أن توظيف هؤلاء واستعمالهم المضحك اللهجة التونسية يعززان أمراً لدى التونسيين وهو أن لهجتهم صعبة وبالتالي فكل من يستعملها يتحول إلى موضوع للتندر خاصة عند نطقه بعض الكلمات التونسية التي قد تحمل دلالات جنسية.

الحضور الأجنبي في القنوات التلفزيونية أمر قد تبرره الإعلانات التجارية، لكن لن تبرره الإضافة الفنية والإعلامية التي يقدمها هؤلاء، فهي تكاد تكون معدومة، وهو ما أثبتته مشاركتهم في الأعمال الدرامية الرمضانية.