الخطاب الإعلامي الإسرائيلي ضد مسيرات العودة... استغلال وتحريض

الخطاب الإعلامي الإسرائيلي ضد مسيرات العودة... استغلال وتحريض

23 أكتوبر 2018
من مسيرات العودة الكبرى (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -
لا يفوت الاحتلال الإسرائيلي فرصةً من أجل التحريض على مسيرات العودة وكسر الحصار السلمية على طول الشريط الحدودي الذي يفصل قطاع غزة عن الأراضي المحتلة، إلا ويستغلها أملاً في وقف هذه التظاهرات التي باتت تشكل بالنسبة له استنزافاً متواصلاً للشهر السابع على التوالي.

وباتت أساليب الاحتلال تتمحور الآن في رسائل إعلامية عبر مختلف المنصات والأشكال سواء المرئية منها أو المقروءة أو حتى وسائل التواصل الاجتماعي والتي يخاطب فيها الجماهير الفلسطينية من لإقناعهم بعدم جدوى التظاهر وأنهم فقط يعرضون أنفسهم للخطر.

وعمد الاحتلال مؤخراً لاستغلال بعض مقاطع الفيديو التي يخرج بها بعض الناشطين والشبان الفلسطينيين في غزة في أعقاب أي اعتداء على المتظاهرين السلميين من قبله، حيث يستغل هذه الرسائل التي في مجملها تهدف للحفاظ على أرواح المشاركين من أجل خدمة أهدافه.
ولم يقتصر الأمر عند ذلك الحد بل تجاوز هذه المرحلة، حيث أصبح الاحتلال يحرّض أيضاً على الهيئة الوطنية العليا والقوى الوطنية والإسلامية المشاركة في المسيرات عبر رسائل يبثها ويمولها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي وتحديداً فيسبوك وتستهدف الجمهور في القطاع.
ويركز الاحتلال في بثه للخطاب الموجه لجمهور مسيرات العودة على صفحة منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية التي تعيد بث بعض الفيديوهات التي تنتقد في بعض الأحيان اقتراب المتظاهرين من الشريط الحدودي، أو ما ينشره الناطق باسم الجيش أفيخاي أدرعي.

ولجأ الاحتلال في الفترة الأخيرة لبث بعض مشاهد المصابين المتواجدين داخل المستشفيات أو العيادات الحكومية أملاً في تغيير قناعات الفلسطينيين وتحديداً سكان القطاع بعدم جدوى هذه المسيرات تحت مزاعم غياب الرعاية الطبية وإهمال القائمين على المسيرات لهم.
من جانبه، يقول مدير منتدى الإعلاميين الفلسطينيين محمد ياسين إن حجم الرسائل الإعلامية الإسرائيلية ضد مسيرات العودة مؤشر على مدى إزعاج المسيرات للاحتلال وتأثيرها على صورته أمام المجتمع الدولي، إذ إن صور الإجرام الإسرائيلي ضد المتظاهرين العزل لاسيما الأطفال والنساء تحرج الاحتلال، وتنسف روايته عن احترامه لحقوق الإنسان ومبادئ القانون الدولي الإنساني.

ويوضح ياسين لـ "العربي الجديد" أن سلوك الاحتلال يؤكد نجاح الرسالة الفلسطينية عن عدالة القضية والمطالب المشروعة وبلوغها أمداء قوية في ساحة المجتمع الدولي وإعادة القضية الفلسطينية لأجندة المجتمع الدولي، وبالتالي تحرك الاحتلال عبر أدواته للإساءة وتشويه المسيرة.



ويرى مدير منتدى الإعلاميين أن الاحتلال يتفنن في استخدام وسائل الإعلام لبث دعايته وشن حربه النفسية ضد الشعب الفلسطيني عموماً، ومتظاهري مسيرات العودة تحديداً حيث تزداد وتيرة الأمر وفق مجريات الأحداث وأهداف الاحتلال بإثارة الإحباط في صفوف الثائرين.
وبحسب ياسين، فقد حظيت مسيرات العودة بجهود إعلامية إسرائيلية جبارة لثني المشاركين عن مواصلة التظاهر، وتم لمس ذلك بانتشار الشائعات وغير ذلك مما يشوه صورة مسيرات العودة ويسيء للمشاركين فيها بأشكال مختلفة، لكن الوقائع على الأرض تشير إلى إخفاق الاحتلال إلى حد كبير لاسيما في ظل استمرار مسيرات العودة لأشهر طويلة واستمرار الزخم الشعبي المشارك فيها وإن تفاوت من حين لآخر.

وعن كيفية التعامل مع ما يبثه الاحتلال، يبين أن ذلك يرتبط ببث الوعي في صفوف المشاركين بمسيرات العودة والمجتمع الفلسطيني عموماً بأهداف الاحتلال من رسائله الدعائية وحربه النفسية، كونه كفيلاً بإفشال مفعول رسائل الاحتلال وإبطال أثرها، فضلاً عن تفنيد مزاعم الاحتلال بالمعلومات الدقيقة والصحيحة والصور المعبرة عن انخراط مختلف أطياف المجتمع الفلسطيني في مسيرات العودة.

يعتبر مدير منتدى الإعلاميين أن ذلك يؤثر في الجمهور الفلسطيني بدرجات متفاوتة وفق مستوى الوعي ومستوى القناعة بجدوى المقاومة، أما الأسلوب المضاد فهو تعزيز الوعي بأهمية مسيرات العودة ونجاحها في الضغط على الاحتلال وإحراجه أمام المجتمع الدولي والتركيز على الجوانب الإيجابية للمسيرات.



من جهته، يؤكد الخبير في الشأن الدعائي حيدر المصدر على أن الاحتلال يعتمد في طرحه على الصور والفيديو المنشور بأيد فلسطينية ويعيد بثه للجمهور من أجل إقناعهم بعدم جدوى هذه المسيرات مستغلاً التفاوت في الآراء بشأن مسيرات العودة الكبرى وكسر الحصار.
ويقول المصدر لـ"العربي الجديد" إن الاحتلال منزعج من هذه المسيرات ويستخدم كل الوسائل المتاحة من أجل تثبيت روايته الخاصة، بعيداً عن الفشل الميداني في تعامله مع تواصلها للشهر السابع على التوالي، فالاحتلال بات يلجأ إلى أسلوب التنقيب الدعائي.

ويشير الخبير في الشأن الدعائي إلى أنه من الصعب الحديث عن تأثيرات هذا الخطاب وما يقوم الاحتلال ببثه من رسائل موجهة بشأن مسيرات العودة الكبرى، خصوصاً في ظل وجود حالة انقسام بين الجمهور الفلسطيني بشأنها في الآونة الأخيرة فكلٍ يرى الأمر من زاويته.
ويلفت المصدر إلى أن التعامل مع هذا الخطاب يجب أن يسير في إطارين، الأول هو الوعي وتعزيزه خصوصاً بالخطاب الإسرائيلي وأهدافه، والثاني ممارسة دعاية فلسطينية موجهة لأكثر من جهة سواء عربياً أو أوروبياً ودولياً باستخدام الأسلوب الذي يتناسب مع كل جهة.