قضايا تلاحق مذيعات "الشو" الإعلامي

قضايا تلاحق مذيعات "الشو" الإعلامي في مصر

20 نوفمبر 2017
دعاء صالح في الحلقة التي سجنت بسببها (يوتيوب)
+ الخط -
قضت محكمة مصرية، في 30 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بحبس المذيعة دعاء صالح، لثلاث سنوات وتغريمها عشرة آلاف جنيه مصري (نحو 556 دولاراً) بعد ظهورها في إحدى حلقات برنامجها وكأنها حامل، لتناقش فكرة زواج المرأة مؤقتًا بهدف الإنجاب. 

وتواجه صالح اتهامات بـ"خدش الحياء العام وإشاعة الفسق وهدم قيم المجتمع"، على خلفية البلاغ المقدم ضدها من المحامي، أشرف ناجي. وكانت نقابة الإعلاميين المصريين قررت وقْف المذيعة عن العمل 3 شهور نظراً لما اعتبرته "تجاوزًا أخلاقيًا ومهنيًا".



ولم تكن تلك هي المرة الأولى التي تثير فيها تلك المذيعة الجدل في واحدة من حلقاتها، بل حصل ذلك في حلقة سابقة عندما استلقت في حوض استحمامٍ بدا مغطًّى برغوة صابون لتناقش فكرة التسرع في إطلاق الأحكام على الآخرين. وفي مرة أخرى ظهرت ترتدي غطاءً للرأس للحديث عن قضية الحجاب، كما ظهرت وكأنها حالقة الرأس للحديث عن تأثير إصابة المرأة بالأورام السرطانية.



مذيعات أخريات واجهن حالات مشابهة لصالح. ففي يوليو/تموز الماضي، قررت نيابة مصرية، استدعاء مذيعة قناة LTC شيماء جمال، لجلسة تحقيق بتهمة اختطاف طفل بالمحايلة والتدليس واستغلال حاجة وفقر أسرته، قبل أن تخلي سبيلها على خلفية بلاغ قدمه المحامي محمد كامل، الموكل عن والد الطفل شريف يتهمها بالنصب واستعمال طرق احتيالية لخطف الطفل وانتهاك حرمة حياة الأسرة الخاصة واستغلال جهل الأب وفقره.

وكانت جمال، قد عرضت في واحدة من حلقاتها مقطعًا مسجًلًا بعملية شراء طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة، من والده، مقابل مبلغ 5 آلاف جنيه مصري (حوالي 280 دولاراً).

المذيعة نفسها، سبق أن أثارت الضجة بتعاطيها بدرة تشبه "الهيروين" في واحدة من حلقات برنامجها. وعاقبتها نقابة الإعلاميين المصريين (تحت التأسيس) بالوقف عن العمل ثلاثة أشهر. وفي حلقة أخرى، عن "أسرار عالم الموتى" ناقشت فيها قضية "نبش القبور"، أثارت الجدل مجددًا، حتى تقدم ضدها المحامي عمرو عبد السلام، ببلاغ يتهمها بمخالفة الشرائع والأديان السماوية واستفزاز المشاعر الإنسانية وانتهاك الكرامة الإنسانية، مطالبًا النائب العام المصري، بإحالة المذيعة وفريق إعدادها للمحاكمة الجنائية العاجلة بمواد الاتهام.

مذيعة أخرى تفتعل مواقف مثيرة للجدل وبلاغات وقضايا، هي منال أغا، التي ظهرت مؤخرًا في أعقاب اعتداء الواحات، لتقص شعرها المستعار، حدادًا على ضحايا الشرطة. كما ظهرت مرة أخرى بكدمات وهمية في وجهها لمناقشة قضية العنف ضد المرأة.



تلك الممارسات تحقق هدفها عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث تنتشر مقاطع الفيديو ويتم تداولها بشكل واسع، وتحدث حالة من الجدل ما بين مؤيد ومعارض ومتهكم، كما تحقق هدفها من الانتشار الأوسع إذا ما دخلت حيز القضاء، من خلال تقديم بلاغات، يرى البعض أنها تكون متعمدة لإحداث مزيد من الشهرة، لأنه في هذه الحالة ينتقل تداول تلك الأخبار من منصات التواصل الاجتماعي لساحات الصحف والمواقع الإخبارية، لمتابعة سير البلاغ أو القضية.
أما التقارير الإعلامية التي تصدر من منظمات حقوقية مصرية أو دولية، فلا تذكر مثل تلك الممارسات، إلا في نطاق ضيق. فعلى سبيل المثال، تُصدر الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان نشرة نصف شهرية بعنوان "عين على التوك شو" تستهدف إلقاء الضوء على مضمون البرامج الحوارية الأبرز، لمساعدة الجمهور على متابعتها على نحو نقدي ومراقبة مدى التزام مقدميها بدورهم المفترض في مراقبة السلطة التنفيذية، وعرض المعلومات دون تضليل من عدمه، ومدى تورطها في المقابل في ممارسات غير مهنية من قبيل التحريض على العنف أو القمع أو انتهاك القانون وحقوق الإنسان، فضلاُ عن عرض وجهة نظر واحدة وحذف ما يخالفها. إلا أن تلك النشرة تهتم بالبرامج الحوارية التي تناقش قضايا سياسية ويقدمها إعلاميون بارزون، سواء كانوا معارضين أو موالين للنظام، ولا تلتفت للممارسات الأخرى.

يشار إلى أن المجلس الأعلى للإعلام المصري، استدعى مؤخرًا مصطلح "الكود الأخلاقي"، الذي يُعرف بالمبادئ والسلوكية العامة التي تُنظّم عمل المشتغلين بالمهنة محل تطبيق الكود، ويُعرف أيضا بأنه "أخلاق المهنة"، وهي مجموعة من القواعد والآداب والمبادئ السلوكية والأخلاقية المطلوبة من المشتغلين بالمهنة تجاه عملهم، وتجاه المجتمع ككل، وتجاه نفسهم.
ويرى المرصد المصري لحرية الإعلام أن الكود "مطاطي" في تعريفه وحدوده وطريقة تطبيقه، وإن كان محددًا فقط في العقوبة المقررة، حيث إن العقوبات المقررة حال خرق الكود هي فرض غرامة قدرها 200 ألف جنيه على كل قناة فضائية و100 ألف جنيه على الإذاعة والصحف، عن كل لفظ مسيء ينشر في أي وسيلة إعلامية، علاوة على سحب ترخيص تلك الوسيلة الإعلامية التي لا تلتزم بالقرار.

وينص الكود على إنفاَق الغرامات على الإبداع الفني، ويحصل كل مواطن قدَّم تسجيلاً بالألفاظ البذيئة على 10% من مبلغ الغرامة، ليتحول المواطن من رقيب على الحكومة إلى رقيب على الصحافيين.

وأشار المرصد، إلى أن الكود يتم تطبيقه ليس فقط على الصحافة الورقية أو حتى الإلكترونية، بل طاول أيضًا الإعلام المرئي والمسموع وحتى مواقع التواصل الاجتماعي، فيما يعتبر رقابة على حرية الفكر والتعبير، والخروج عن إطار الرقابة الذاتية ومبادئ ميثاق الشرف الصحافي والإعلامي إلى الملاحقة والرقابة الشعبية، لتصيُّد الأخطاء وتأويل ما يكتب أو يقال، أو يعلن عنه شخص عادي ليس بذي صفة صحافية أو إعلامية، كمستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي.




المساهمون