مواقع التواصل ساحة للحروب السياسية التونسية

مواقع التواصل ساحة للحروب السياسية التونسية

03 سبتمبر 2016
مواقع التواصل منصات التصريحات والتصريحات المضادة (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
يبدو أن الفاعلين المجتمعين في تونس، من سياسيين ونقابيين، لم يعودوا يعيرون اهتماماً كبيراً للتعبير عن مواقفهم من الشأن العام الداخلي فى الفضاءات التقليدية، وباتوا يلجأون إلى الشبكات الاجتماعية لإبراز آرائهم السياسية والنقابية. فتحول الفضاء الافتراضي إلى ساحة للجدل السياسي والنقابي، وإلى الخصومات التي تستعمل فيها عبارات الشتم والتأنيب.
آخر هذه الخصومات ما حصل في تونس يوم 24 آب/ أغسطس الماضي، بين المسؤول النقابي في صلب الاتحاد العام التونسي للشغل، كبرى المنظمات النقابية في تونس، نجيب البرقاوي، وبين وزير التربية التونسي، ناجي جلول.
فكتب البرقاوي تدوينة على حسابه الشخصي توجه فيها إلى وزير التربية بكلام اعتبر جارحاً، متحديًا إياه بأن الأساتذة والمعلمين في تونس سيواصلون اعتصاماتهم وإضراباتهم رغمًا عن الوزير. هذه التدوينة جاءت ردًا على كلام الوزير، الذي أكد أنه لا مجال مستقبلاً للاعتصامات التي يرفضها.
وأثار ذلك المنشور جدلاً كبيراً على مواقع التواصل الاجتماعي في تونس، فقد اعتبرها الكثيرون "تجاوزًا خطيرًا من قبل النقابي، وإعلان حرب على وزير التربية وتحديًا للدولة"، بل وصل الأمر لدى البعض من الناشطين الإلكترونيين إلى اعتبار ما كتب "إعلان وفاة للدولة التونسية، التي باتت لا سلطة لها على بعض القطاعات المنفلتة نقابيًا".
البرقاوي سارع إلى سحب تدوينته حينها، واعتذر من وزير التربية مؤكدًا أن ما كتبه كان في لحظة غضب منفلتة. لكنه رغم اعتذاره لاقى مساندة من قبل البعض من التونسيين، خصوصاً من أساتذة التعليم الذين اعتبروا ما كتبه تعبيرًا حقيقيًا عن واقع صعب يعيشه رجال التعليم، رافضين كل أشكال الاعتذار.
هذه الحالة تضاف إلى الجدل اليومي الذي تشهده مواقع التواصل الاجتماعي في تونس، والتي باتت المنصة الرئيسية للتعبير عن المواقف السياسية ونقد اختيارات الحكومة التونسية، ومنها الجدل الذي أحدثته زيارة والدة الصحافي التونسي المختفي في ليبيا، نذير القطاري، سنية رجب، وزوجها، إلى الأراضي الليبية بحثا عن نجلهما وزميله، سفيان الشورابي، المختفيين منذ 8 سبتمبر/ أيلول 2014. فقد كانت هذه الزيارة وإصرار العائلة على استرجاع ابنيهما مناسبة للهجوم على الحكومة التونسية، التي اعتبرها رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقصرة في حق الصحافيين المختفيين، ولم تبذل الجهود المطلوبة ومنها توظيف علاقات الحكومة التونسية مع نظيرتها الليبية لإيجاد حلّ لهذه المشكلة. وهو ما اضطر عائلتي الصحافيين إلى التعويل على إمكانياتهما الذاتية من أجل الوصول إلى ابنيهما والعودة بهما إلى تونس.
الحكومة الجديدة لم يسلم بعض أعضائها من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة وزير الوظيفة العمومية ومكافحة الفساد، عبيد البريكي، ووزيرة الرياضة والشباب، ماجدولين الشارني، حيث كانا مثار جدل بين مساند لهما ورافض لتوليهما المسؤولية. وقد تعددت الآراء بين مساند ومعارض وكل طرف يحاول إيجاد المبررات والمسوّغات لموقفه من هذين الشخصين.
مواقع التواصل الاجتماعي في تونس تركز الجدل فيها أيضًا حول غلاء المعيشة، المتزامن مع عودة المدارس والاحتفال بعيد الأضحى، وهو ما يثقل كاهل العائلات التونسية التي تعاني من أزمة اقتصادية متواصلة، مطالبين الحكومة التونسية بالتدخل العاجل ومحاولة مساعدة العائلات التونسية لمجابهة هذه المصاريف الإضافية.
ولا يخلو الجدل من الكثير من الطرافة، إذ يكون مناسبة للتونسيين للسخرية وتبادل النكات حول واقعهم بمختلف تجلياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهو يشكل أيضاً متنفسًا للتونسيين للتعبير عن آرائهم بكل حرية.



المساهمون