محمد القيق منتصراً.. رفض التأسيس لمحاكمة الصحافيين بتهمة التحريض

محمد القيق منتصراً.. رفض التأسيس لمحاكمة الصحافيين بتهمة التحريض

29 فبراير 2016
زوجة الأسير القيق وابنه خلال اعتصام للمطالبة بالإفراج عنه(Getty)
+ الخط -
يتماثل الصحافي الفلسطيني محمد القيق للشفاء في مستشفى العفولة الإسرائيلي في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، بعد التوصل لاتفاق يوم الجمعة الماضي، ينهي إضرابه عن الطعام الذي استمر 94 يومًا، مقابل الإفراج عنه في 21 من مايو/ أيار المقبل وعدم تجديد اعتقاله الإداري، مدشنًا مرحلة انتصار للصحافيين، بعدما رفض إدانته بالتحريض الإعلامي ضد الاحتلال.

توضح عائلة القيق في حديث لـ"العربي الجديد"، أن حالة محمد الصحية مطمئنة، بعد فحصه من قبل الأطباء الفلسطينيين، ولم يتعرض أي عضو من جسده لأذى، نتيجة إضرابه عن الطعام وعدم تناوله إلا الماء ورفض تناول المدعمات وإجراء الفحوص الطبية، لكنه يحتاج لأملاح ومعادن وفيتامينات، لمدة أسبوعين من أجل السماح له بتناول الأطعمة، ومن ثم إكمال رحلة علاجه، ونقله إلى سجن نفحة الإسرائيلي، إن استلزم الأمر، حتى يفرج عنه في 21 مايو/أيار المقبل.

طيلة فترة الإضراب، عانى القيق من مشاكل صحية عدة أبرزها النقص الحاد في الوزن، ونوبات وتشنجات حادة في صدره جعلت الأطباء يخشون تعرضه لجلطة وموت فجائي في المراحل الأخيرة من إضرابه، في حين تعرض لعلاج قسري مرتين في فبراير/ كانون الثاني الماضي، نظرًا لتدهور حالته الصحية.

معاملة سيئة في التحقيق
اعتقلت قوات الاحتلال الصحافي القيق الذي يعمل مراسلا لقناة "المجد" السعودية، من منزله برام الله في 21 من نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي، وتعرض لمعاملة سيئة جداً خلال التحقيق معه بمركز تحقيق الجلمة الإسرائيلي.

توضح زوجة القيق، فيحاء شلش، لـ"العربي الجديد"، أن "أحد المحققين الإسرائيليين بصق في وجه محمد، فكان ذلك شرارة بدء محمد إضرابه، علاوة على رفضه لمحاولة المحققين إدانته بتهمة التحريض الإعلامي، فأضرب بعد أربعة أيام من اعتقاله".

القيق ورغم انتهاء فترة التحقيق معه، والتي تم تهديده فيها بتحويله للاعتقال الإداري (بلا تهمة ويجدد الاعتقال دون وجود سقف زمني واضح)، رفض إنهاء إضرابه، واستكمل إضرابه بعدما حول للاعتقال الإداري، لأنه يعلم أن قرار اعتقاله غير منطقي، فعبر عن رفضه لذلك بمواصلة الإضراب، كما تقول زوجته فيحاء.



محاولات الاحتلال لكسر الإضراب
تعرض القيق لمحاولات عدة لكسر إضرابه من قبل مخابرات الاحتلال، منها عدم إخبار المحامين بإضرابه مدة 11 يومًا، وكانوا يبتزونه بعدم جدوى إضرابه ويدعونه لفكه. وحينما سُمِح للمحامين بزيارته بعد أسبوعين من اعتقاله، حاولوا مرة أخرى كسر إضرابه لكنه رفض، وواصل الإضراب برغم سياسة العزل الانفرادي التي تعرض لها.

وحينما نقل محمد إلى مستشفى العفولة كان على موعد مع ضغوط هائلة، "حراس أمن إسرائيليون يأكلون أشهى الأطعمة أمامه ويصرخون بوجهه"، فيما يتهم القيق، وعلى لسان زوجته فيحاء، الأطباء والممرضين الإسرائيليين بأنهم كانوا يصرخون عليه، بداية تواجده في المستشفى، في محاولة منهم للضغط عليه للعدول عن الإضراب.



معركة إعلامية تديرها زوجته
كانت فيحاء شلش، الصحافية التي درست وزوجها في ذات كلية الإعلام في جامعة بيرزيت شمالي رام الله، وتعمل حاليًا مراسلة لصوت الأقصى في غزة، تدير معركة إضراب زوجها الإعلامية، تجري المقابلات بلا كلل وتخاطب الجميع في المؤتمرات والفعاليات علها تصل لمرحلة تنتهي معاناة الزوج وزميل الدراسة والعمل، ويعود لها سالما.

تدرك فيحاء أن خطاباتها الصحافية يجب أن تكون مدروسة وممنهجة فهي تقصد كل كلمة تقولها، كما تدرك أهمية الإعلام والجانب القانوني والتفاعل الشعبي وصمود زوجها وتحديه لكل الضغوط، في إدارة هذه المعركة.

وبرغم القلق الذي يلف عائلة القيق، حول مصير ابنها محمد، سواء الخشية على حالته الصحية وربما استشهاده، أو حرمانها من عودة ابتسامته وممارسة حياته كما كان قبل الاعتقال، وأي ضرر قد يحصل له نتيجة الإضراب، إلا أن فيحاء تؤكد أنه لا بد أن يرفض أي أحد يقع تحت ظلم الاعتقال لهذا الظلم بأي طريقه يراها مناسبة.

قبل اليوم الـ40 لإضراب محمد، لم يكن الاهتمام كبيرًا بقضيته، والذي بدأ يتصاعد شعبيًا ومؤسساتيًا، وخاصة في الفترة الأخيرة من الإضراب، إذ برغم كل الأحداث التي تعيشها الأراضي الفلسطينية استطاعت قضيته أن تأخذ تفاعلا كبيرًا، خاصة في الفترة الأخيرة.
من المراحل التي واجهتها فيحاء صلابتها بكبت مشاعر الفرحة لديها بقرب إنجاز اتفاق ينهي اعتقال زوجها وفك إضرابه، ورغم علمها عن الاتفاق قبل أربعة أيام من إنجازه، إلا أنها كانت تدرك أهمية وحساسية المرحلة واحتفظت بهذه المعلومة حتى أعلن عن ذلك يوم الجمعة الماضي، نظرا للخشية من تراجع الاحتلال وتنصله من الاتفاق.



بنود الاتفاق وجدل الانتصار
تنص بنود الاتفاق حول إنهاء إضراب القيق، على أن يبقى محمد في مستشفى العفولة ويعالج من قبل لجنة طبية عربية من فلسطينيي الداخل المحتل عام 1948، وتحديد سقف اعتقاله الإداري في 21 مايو/أيار القادم، والسماح لعائلته بزيارته.

يقول شقيق محمد، همام القيق لـ"العربي الجديد" إن "محمد كان يضع سقفًا عاليًا في إدارته لمعركته في الإضراب (حرا أو شهيدا) كي يحصل على ما يريد، لكنه يعرف أنه يتعامل مع خصم محتل يتعنت ولا يتجاوب في قضيته". وأشار إلى أن محمد رفض عروضاً إسرائيلية في مجملها تحاول تأسيس "مرحلة جديدة في إدانة الصحافيين بهذه التهمة".

رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس، أكد لـ"العربي الجديد"، في تعقيبه إلى وصول القيق إلى 94 يوما في إضرابه ومدى تأثير ذلك على بقية الأسرى الذين ربما يفكرون بالإضراب لاحقا، أن النادي "ليس مع فكرة الإضرابات الفردية للأسرى، بل مع الإضرابات الجماعية".

وقال فارس إن "القيق انتصر في إضرابه، بدليل أنه تجاوز عملية التحقيق التي تعرض لها، وأجبر مخابرات الاحتلال بعدم تجديد اعتقاله الإداري مرة أخرى، وتحديد موعد للإفراج عنه، وهو عمليا استطاع إحداث موقف جوهري في قضية اعتقاله الإداري".

وشدد محامي هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، أشرف أبو سنينة، في حديثه لـ"العربي الجديد"، على أن "القيق أجبر الاحتلال على تحديد فترة اعتقاله الإداري، وحقق نصرا برفضه لمحاكمته كصحافي بتهمة التحريض الإعلامي".

ورفض أبو سنينة التعقيب حول وجود عروض أخرى كان بإمكان القيق من خلالها أن ينهي اعتقاله الإداري وإنهاء إضرابه بوقت مبكر أكثر، لكنه لفت إلى أنه سيوضح مزيدًا من التفاصيل في المستقبل. ولفت إلى أن سلطات الاحتلال حاولت تشتيت الجهود الفلسطينية بشأن قضية القيق، حيث حاولت التفاوض مع أكثر من محام، وكذلك قيادة الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.


اقرأ أيضاً: صحافيون عرب في ضيافة الإسرائيليين الأكثر عنصرية

المساهمون