حرق الرضيع ليس خبراً في الإعلام

حرق الرضيع ليس خبراً في الإعلام

02 اغسطس 2015
الإعلام الغربي غائب (Getty)
+ الخط -
صباح الجمعة 31 يوليو/تموز كان للحريق الذي أودى بحياة الرضيع الفلسطيني، علي سعد دوابشة، في جنوب نابلس، وبالكاد نجت بقية العائلة، تسمية مشابهة وإن عنونتها صحف تمارس في الغرب التصهين أكثر من الصهاينة أنفسهم: "مقتل طفل بجريمة حرق". ولإضفاء بعض "الملطّفات" جاءتنا مفردة "انتقام"، كتبها المهاجمون باللغة العبرية. انتقام ممن؟ ولأجل ماذا؟ تُحشى في صحافة الغرب مفردات تشير للمتلقي بأن "الحرق سبقه شيء استدعاه".
ليست معاناة العرب مع الصحافة الغربية بجديدة على الإطلاق. فالاحتلال طيلة عقود ما بعد النكسة كان يسمى عند اليمين المتشدد الغربي "فتحاً"، وفي كلمات أخف "ربحاً" للأرض. وجاءت تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي أدان "عمل المتطرفين الإرهابي".
هو نتنياهو نفسه الذي يشرعن، مع كل عقول التطرف الاستيطاني، مزيدا من نهب الأرض، وإيواء ذلك الإرهاب اليهودي المترعرع على حافة "مجتمع" قراءة قيمة الأغيار صفرا مكعبا، والحكم بأغورات وشيكلات معدودات على القتلة.
منذ يومين فقط، كان الاحتلال يجيز كسر الإضراب عن الطعام بتدخل طبي. وفي بيت إيل صار تدمير منازل مقامة على أرض فلسطينية "انتصاراً"، بينما كل مستعمرة بيت إيل مقامة أيضًا على أراض فلسطينية. شرعنة الاحتلال لإرهاب المستوطنين لا تخفف أبدا مشهد الدهشة من نبع الفعل الإرهابي المواجه فيه الفلسطينيون كـ"زوائد بشرية" عند نقيضين.
متابعة الإعلام الغربي للجريمة الإرهابيّة كان، كما كُلّ مرة، من دون أدنى معايير الإنسانيّة. أخبار "عاديّة" نُشرت عن الموضوع في أغلب الصحف، بلا متابعات ولا أخبار عاجلة ولا إدانات ولا تصنيفات. حتى "الإندبندنت" البريطانيّة التي كانت تُحاول خرق ذلك الخط، عبر نشر الصور التي "تكسرُ القلب"، لم تنسَ إضافة الإدانات الإسرائيليّة، والحديث عن أنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي يبحث عن المجرمين.
"سي إن إن" أيضاً وأيضاً لم تُعر اهتماماً كافياً للموضوع، فحياة الأسد "سيسيل" الذي قتله سائح أميركي في زيمبابوي ذات أهميّة أكبر بالنسبة لها، لتنتقل أمس إلى ملف الطائرة الماليزيّة. شبكة "إن بي سي" هي الأخرى، نقلت الخبر عن الشرطة الإسرائيليّة.
"الغارديان" اخترقت أمس الخطّ الذي سار عليه الإعلام الغربي، فاعتبرت أنّ الإدانات الإسرائيليّة كلام فارغ، مشيرةً إلى أنّ هذه الجريمة هي الثامنة من نوعها منذ عام 2012. وقالت إنّ "كلمات التنديد والشجب جوفاء، لأن الجريمة بحجم فظاعتها لم تكن نزوة أو عملاً طائشاً".
مع ما قاله نتنياهو حتى، وجد الإعلام الغربي نفسه أمام "انفصام". فهل يُعقل أن نقول عن مستوطنين صهاينة إرهابيين؟ لتبقى كُلّ التقارير التي أُعدّت عن الموضوع خبريّة فقط، وأقرب إلى الدفاع عن الجريمة. مع الرضيع علي الدوابشة، لم نجد من يُصنّف الجريمة في الصحف الغربيّة كـ"إرهابيّة"، كما وجدناها مع الطيار الأردني معاذ الكساسبة منذ أشهر، مع أنّ طريقة الإجرام واحدة: حرق إنسان حياً. لم نجد تغطيةً للقضيّة أصلاً، كما وجدنا مع "الأسد سيسيل" الذي أُعدّت تقارير عن جماله وحياته وعائلته، ووصفت قتله بالجريمة المروّعة بمتابعات على مدار الساعة. فعليّ طفل فلسطيني، وحرقه لا يرقى إلى العناوين الرئيسيّة في الإعلام الغربي.

اقرأ أيضاً: #حرقوا_الرضيع: الثأر للطفل علي دوابشة