الهجوم على ديما صادق: كل هذا الحقد

الهجوم على ديما صادق: كل هذا الحقد

25 فبراير 2015
من الحلقة (يوتيوب)
+ الخط -
يحبّ اللبنانيون حفلات الجنون. يحبّونها ويبرعون فيها، خصوصاً إذا كانت إعلاميّة. حلقة من برنامج "نهاركم سعيد" أعادت اللبنانيين إلى ملعبهم المفضّل. في البرنامج الحواري الصباحي على شاشة LBCI استقبلت ديما صادق، الباحث والأستاذ الجامعي حبيب فياض. وفي إحدى فقرات البرنامج قرّرت المقارنة بين ممارسات "داعش" وممارسات النظام الإيراني من جَلْد وإعدام... غضب فياض، رفض الإجابة، واعتبر أنه غير مخوّل بالحديث عن هذا الموضوع، وأنّ كل هذه الأخبار مفبركة. ثمّ انسحب من الحلقة.

بعد دقائق نسي الجميع حبيب فياض، وبقيت ديما وحدها في المشهد. انطلقت ضدّها على مواقع التواصل حملة بشعة، وشخصية: شتائم من جمهور "حزب الله وحلفائه"، هجوم وتهديد في أماكن كثيرة. لا انتقاد مهنيّاً، فقط هجوم شخصي ضدّ ديما، وضد آرائها السياسية. هجوم هستيري، أشبه بانفجار كبَتَهُ هؤلاء ضد صادق لفترة، وحصلوا على فرصتهم لتفجيره. هجوم بذيء وجنسي وذكوري.

لا كلام مهنيّاً، لا انتقاد عن الحلقة. علماً أن هناك كلاماً قد يقال عن الحلقة، من المقارنة المتهورة بين "داعش" والنظام الإيراني وصولاً إلى عدم منح الضيف الفرصة الكاملة لإيضاح وجهة نظره.

ثمّ خرجت علينا نظرية أخرى عن استعمال ديما لمحرك البحث غوغل، للوصول إلى معلومات عن الانتهاكات التي تحصل في إيران. تدرك ديما والجميع أن غوغل محرك بحث وليس مركز أبحاث، لكنّه مجدداً محرك بحث ويمكن من خلاله الوصول إلى معلومات صحيحة وأخرى مغلوطة، ومن بينها صور حقيقية وصور غير حقيقية عن الجَلد والإعدام في إيران، وفي السعودية وغيرها من الأنظمة القمعية.

[اقرأ أيضاً: السعودية تدين جريمة "شارلي إيبدو" ثمّ تجلد مدوّناً]

لم ينتبه أحد من هؤلاء إلى تهديد حبيب فياض لديما صادق بشكل مباشر "رح تخسري كتير يا ديما" قال لها مباشرة على الهواء. وواصل حملة تحقيره للإعلام من خلال هجومه على صحيفة "الشرق الأوسط" و LBCI. عن "حسن نية" لم ينتبه أحد من"المدافعين عن الحرية" إلى كل ذلك. أصلاً لا مجال لهذا الترف عندما يتمّ المسّ بالرموز: حزب الله، إيران، والضيف نفسه شقيق لنائب في الحزب.

لكن قبل كل ذلك، الضيف باحث في الشأن الإيراني، ومع ذلك عجز عن الإجابة عن أي من تساؤلات ديما، واكتفى بالقول إن الصور مفبركة. الصور مفبركة ربما، لكن الأخبار صحيحة، الجميع يعرفها، وقد وثقتها "هيومن رايتس ووتش" و"منظمة العفو الدولية"... لكن هذه الحقيقة غير مهمة، هيا بنا نشتم ديما لأنها استعملت "غوغل".

مقابل كل هذ الهجوم، برز اصطفاف آخر، سياسي بدوره إلى جانب ديما صادق. كانت حلقة ديما صادق وحدها كافية لتسقط زيف أجواء الحوار التي تعمّ البلاد في الأيام الأخيرة: الانقسام هو هو منذ العام 2005، وحادثة كالتي حصلت في "نهاركم سعيد" كافية لتكشف ذلك.

نعم ديما استخدمت غوغل كمصدر لمعلوماتها، ربما كان عليها التحضير بشكل أكبر، أن تأتي بتقارير حقوقية... لكن أفيدونا: هل يجلد النظام الإيراني مواطنين أم لا يجلدهم؟ هذا هو محور الخلاف، أما أسلوب ديما في الحوار، طريقتها الاستفزازية، فمواضيع على هامش الإشكال الذي حصل. 
 

المساهمون