انسحب... لكن بهدوء

انسحب... لكن بهدوء

18 ديسمبر 2015
من التظاهرات في بيروت (حسين بيضون)
+ الخط -
تطوّر الحراك. تظاهر الناس. ضُرب الناس. تعرّضوا لقنابل الغاز. ضُربوا مُجدّداً. سُجن بعضهم. هدوء.
عاد المشهد مُخفّفاً، وكأن مقص الرقابة قد طاله. انطلقت تظاهرات ولكن أصغر، بقيت الأهداف لكنها أصبحت مُتباعدة، تقلّص الحراك ولكنه بقي.
بدا كل ما في مشهد الحراك الشعبي والمدني في لبنان سريعاً. تجاوزت سرعته سرعة الرصاص العشوائي الذي أطلقه الجيش اللبناني ــ أولاً ــ ثم مُختلف القوى الأمنية التي تفنّنت في تقديم سوء أدائها، الذي غطى على عشرات أخبار "المناورات التكتيكية" التي تنفذها بإشراف سفراء الدول المانحة بين الحين والآخر.
مرت فعاليات عدة منذ آخر تحرك كبير لحملات الحراك في ذكرى عيد الاستقلال. بدا الحراك يومها كأنه لزوم ما لا يلزم، فكثير من اللبنانيين لا يُصدقون أنهم مُستقلون.
بقي الرهان على الحراك على أي حال. استمر الأمل قائماً بعد مشهد "ولادة النفايات" الذي أراده ناشطو حملة "طلعت ريحتكم" معبّراً عن أزمة النفايات، فكان لهم غير ما أرادوا.
لم تتجاوز تعبيرية المشهد المُصوَّر أزمة الحراك الذي طاله الجمود. قال أحدهم يوماً إن الحراك يواجه وحشاً/ سلطة بعشرة رؤوس ستحاول نهشه بكل قوتها. لكن الحراك استحدث رأساً آخر يأكل به نفسه. إنها الانشقاقات الاستعراضية لبعض أعضائه الذين وجدوا في صفحات التواصل الاجتماعي فُسحةً مُمتازة لشرح أسباب انسحابهم.
لا يمكنني تقييم هذه الأسباب، ولن يتسنى لي حضور الاجتماعات التنسيقية، ثم إصدار كتاب عنها، كما فعل أحد الناشطين الذي تحوّل إلى "باحث مُتخصّص في شؤون الحراك"! قد تكون الأسباب مهمّة أو لا تكون، لكن الأكيد أن الحراك مأزوم.
الأكيد أيضاً أن السلطة السياسية ستستفيد من هذه الأزمة لإنهاء الأزمة بأقل الطرق علميةً وأكثرها منفعة مادية لهم. فهل سيُقدّر الناشطون تضحيات رفاقهم الذين اعتقلوا وضُربوا ويُحاكمون اليوم، أم سيتواصل مسلسل "نشر الغسيل" الهزلي على صفحات التواصل؟ عزيزي الناشط انسحب إنْ شئت... ولكن بهدوء.

اقرأ أيضاً: إطلاق سراح الناشطة التونسية عفراء

المساهمون