الزواج في مصر: الفرص نادرة بعد سن الـ25

الزواج في مصر: الفرص نادرة بعد سن الـ25

27 مارس 2017
(حفل زفاف في شوارع القاهرة، الصور: وكالة الأناضول)
+ الخط -

نقاش بسيط في عربة قطار أنفاق، يكاد يتكرّر يوميًا إن كنت من سكان القاهرة الكبرى وضواحيها، قد يأخذه البعض في إطار كوميدي، بينما يراه آخرون غير ذلك، وبدايته دائمًا: "الستات بتاخد كل حاجة، حتى عربيات الرجالة".

يتطوّر النقاش إلى: "نحن ندفع عندما نتزوج منكن، أما السيّدات فيشترطن فقط"، ثم تتعالى حدّته لتصل إلى اتهام صريح: "وهمّا الرجالة أصلًا بيعملوا إيه؟".

هذا النقاش يأخذك إلى أوضاع الشباب المصري الاجتماعية، خاصّة النقطة التي ركز عليها جدالهم، الزواج والمال.

الإحصاءات الرسمية، حين بحثنا عنها، كانت أرقامها في المجمل مفزعة، فالتقرير السنوي عن الحالة المدنية للشباب الذي أصدره الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري لعام 2016، يقول إن عدد الشباب في سن الزواج، والمندرجين تحت الحالة الاجتماعية "عازب" وصل إلى 13 مليوناً.

بين هؤلاء 2.5 مليون شاب (ذكر)، و11 مليون فتاة، فوق سن الـ35، أي أن 17% من الفتيات اللاتي في سن الزواج لم يتزوّجن في مصر، وهذا هو متوسّط النسبة التي تختلف من محافظة مصرية إلى أخرى.

في المدن، تبلغ النسبة أقصاها، فـ38% من الفتيات اللاتي في سن الزواج لم يتزوّجن، أما المحافظات الحدودية، فالنسبة فيها تصل إلى 30%، بينما تكون النسبة في محافظات الوجه البحري هي 27.8%، وتصل إلى أدناها في محافظات الوجه القبلي، بحيث تبلغ نسبة الفتيات اللاتي لم يتزوجن حوالي 25%.

لغويًا، تفرّق العربية في إطلاق لفظة "عانس"، على الرجل أو المرأة، فتقول العرب إن الفتاة عانس، لأن عزوبيتها طالت ولم تتزوّج، وجدير هنا الإشارة إلى نسبية هذا (الطول)، أما الرجل العانس، فهو الرجل الذي "أسنَّ" ولم يتزوّج، وأسن، بحسب المعاجم أيضًا، تقدَّم في العمر (شاخ).

في المجتمع المصري، تعاني النساء من التفرقة اللغوية ذاتها. تقول إيمان أبو طور، وهي فتاة عازبة من محافظة البحيرة، شمال محافظة القاهرة، وتعمل في مجال المحاسبة، إن نظرة المجتمع للفتاة والشاب غير المتزوجين تختلف باختلاف أماكن تواجدهما، فترى المجتمعات الريفية أن الفتاة التي لم تتزوج فضيحة يجب التستر عليها، وتنظر نظرة أفضل للمطلقة أو من مات عنها زوجها.

فيما تنظر نظرة أخرى للشاب الذي لم يتزوّج في السن نفسه، على أنه "الولد الشقي، ربّنا يهديه"، ولا مانع لدى العائلات من أن يفزن به زوجًا لإحدى بناتهن. ترى إيمان أن النظرة أخف حدة في المدن للتي لم تتزوج، وأكثر حدة للتي تزوجت وانفصلت.

في الوقت ذاته، بحسب إيمان، يريد الشاب فتاة صغيرة السن لكنها عاقلة تجيد الأعمال المنزلية، ومثقّفة، منطلقة، لكنها تلتزم الهدوء، وغير ذلك من صفات توجزها إيمان بقولها: "عاوزة تنور في الظلمة".


الذين تقل أعمارهم عن الثلاثين أيضًا تشملهم نظرة المجتمع لذلك الشاب أو الفتاة التي لم تتزوج، فمحمد إبراهيم، الطالب بالسنة الأولى لكلية الهندسة جامعة أسيوط، جنوب مصر، يرى أن الفتاة لا تجد من يبرّر لها عدم الزواج. في مقابل ذلك، تتوالى التبريرات للرجل الذي لم يتزوج، فالأسعار وارتفاع كلفة المعيشة وطلبات الأهالي، أسباب لارتفاع سنّ الزواج عند الرجل، لكنها لا تبرّر ارتفاع سنّ الزواج عند المرأة.

وعن تنامي ظاهرة العنوسة، يقول إبراهيم إن الأمور الاقتصادية هي المتحكّم الرئيس، فالأسعار التي ترتفع ويستحيل أن تتراجع، في ظل السياسة الاقتصادية في البلاد، صعّبت التعليم والصحة، وليس الزواج فقط.

طبقًا للكتاب السنوي الإحصائي لعام 2016، والذي أصدره الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أيضًا، فإن الكشوف البيانية تظهر التباين في الأسعار كالتالي:

بسمة حسين، مخرجة صحافية من القاهرة، ترى أن نظرة المجتمع مختلفة لطرفي الزواج، فالرجل غير المتزوّج أمامه متّسع من الوقت، فلمَ يتعجل خطوات حياته؟ أما الفتاة فهي في مشكلة ضخمة، وكأنها خُلقت لتتزوّج وتُنجب فقط، ولا إنجاز آخر لها في الحياة.

بالتطبيق على الدوائر المحيطة، فإن عدد غير المتزوّجين، بحسب رأي بسمة، يتزايد بشكل كبير، مرجعة ذلك لعدّة أسباب، من بينها الظروف الاقتصادية، وسبب آخر أهم هو فوبيا الارتباط عند الرجال، وهو المعادل الموضوعي للالتزام أو التقيّد بمسؤوليات معينة.

الإحصاءات الرسمية تؤكّد إلى حد بعيد ما قالته بسمة، فالكتاب ذاته الذي حصلنا منه على نسب العنوسة والحياة الاقتصادية، يفرد أبوابًا لمعدّلات الزواج والطلاق كما في الرسوم البيانية التالية:



أحمد عبد العال، يعمل في مجال التسويق الالكتروني، يقول عامة إن المجتمع يفرّق بين الفتاة والشاب في كل شيء، لكن هذه التفرقة لا تمارسها كافة الطبقات، فالفتاة التي تجاوزت الخامسة والعشرين في ريف مصر الأفضل لها: "تروح تدفن نفسها".

أما في المدن الكبرى بمصر، فتقل نسبة التفرقة بين الشاب والفتاة، ولكن التعامل لا يكون بالحدّة نفسها مع الذكور، إضافة لكون فرص الفتاة في الزواج بعد الخامسة والعشرين في المجتمع المصري نادرة.

المساهمون