مصر والسودان.. أبعاد أخرى للأزمة

مصر والسودان.. أبعاد أخرى للأزمة

21 مارس 2017
+ الخط -

عاد الإعلام المصري والسوداني للتراشق مرة أخرى، بعد هدنة وجيزة لم تتجاوز الأسابيع. هذه المرة كان السبب الظاهر لهذا التراشق؛ الأهرامات.


أهرامات مصر أم السودان؟
بدأت القصة عندما انتقدت وسائل إعلام مصرية وبعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي أهرامات منطقة البجراوية السودانية، مؤكدين أن أهرامات الجيزة المصرية أقدم وأعرق منها، وأن "مصر أصل الحضارات الإنسانية".

خرج وزير الإعلام السوداني والمتحدث باسم الحكومة، أحمد بلال، ليرد على هجوم وسائل الإعلام المصرية بهجوم مماثل، كما منح وسائل الإعلام السودانية ما وصف بأنه ضوء أخضر للرد على "التطاول على السودان وشعبه وحضارته".

أساس الهجوم الذي اتخذ طابعًا شعبويًا وعَلت فيه النعرة الإقليمية، كان تساؤلين: أي البلدين أقدم حضارة من الأخرى، مصر أم السودان؟ وأي الأهرامات أساس للأخرى، أهرامات البجراوية أم أهرامات الجيزة؟


ليست المرة الأولى
ليست هذه المرة الأولى التي تتبادل فيها مصر والسودان التراشق سواء على المستوى الرسمي أو الإعلامي أو الشعبي، بل سبقتها مرات كُثر، كان آخرها قبل أسابيع عندما هدد الرئيس السوداني عمر البشير، باللجوء إلى مجلس اﻷمن لحل الخلاف حول المثلث الحدودي (مثلث حلايب وشلاتين) مع مصر.

تثار أزمة تبعية حلايب وشلاتين بصفة دورية، خاصة خلال فترات التوتر بين مصر والسودان؛ حيث تدعي السودان أن منطقة حلايب وشلاتين التي تخضع للسيادة المصرية، تابعة لها، وهو أمر تنكره مصر جملة وتفصيلًا.

نشطت مطالبات السودان بالحصول على المثلث الحدودي منذ ما يقرب من عام، عقب تنازل مصر للسعودية عن جزيرتي تيران وصنافير بموجب اتفاقية ترسيم الحدود المشتركة، حيث تطالب السودان، منذ ذلك الحين، بإعادة ترسيم الحدود مع مصر، فبدأ التراشق على كافة المستويات.


أبعاد أوسع للأزمة
تعكس عملية التراشق الإعلامي المتبادل بين مصر والسودان حاليًا، شرخ في العلاقات الرسمية المصرية السودانية ممتد منذ سنوات طويلة، تارة يظهر بوضوح وتارة أخرى يختفي تحت المجاملات التي يتبادلها الطرفان في المناسبات المختلفة.

هذا الشرخ ظهر بوضوح خلال السنوات القليلة الماضية، ولا يبدو أن هناك رغبة في إخفائه؛ فمنذ صعود الرئيس السيسي إلى سدة الحكم، برز على السطح قضايا تعمد الطرفان فيها أخذ أقصى المواقف تطرفًا، مثل موقف السودان المؤيد لسد النهضة رغم الأضرار الكبيرة التي يُتوقع أن يسببها لمصر، ومثل دعم مصر المتزايد لحكومة جنوب السودان المعادية للسودان.

وتعد قضايا سد النهضة ومثلث حلايب وشلاتين وإيواء السودان للإخوان الهاربين من مصر ودعم مصر لحكومة جنوب السودان، من أبرز القضايا الخلافية بين البلدين.

يُصدِر الطرفان، من حين لآخر، هذه الخلافات إلى العامة لتأخذ بُعدًا شعبويًا يتبادل فيه مواطنو البلدين الاتهامات والإهانات. ربما يكون السبب في عملية تصدير الأزمة إلى الجماهير هذه، هو الرغبة في توجيه غضب المواطنين المكتوم من الحكومات- الذي بدا واضحًا خلال الآونة الأخيرة- إلى أي جهة غير الحكومات بالطبع.

المساهمون