همام حوت و"السيناريو": قميص يوسف.. باسم يوسف

همام حوت و"السيناريو": قميص يوسف.. باسم يوسف

08 أكتوبر 2017
+ الخط -

انطلق منذ أيام برنامج TalkShow سوري جديد بعنوان "السيناريو" من تقديم الممثل المسرحي السوري همام حوت، ورغم الانتقادات التي كان وما زال يحصدها الحوت إلا أن الشعبية الكبيرة لـ مسرحه الساخر قبل الثورة السورية في 2011 دفعت الجمهور لمتابعة البرنامج، والذي لم ينتظر دقائق ليبدأ توجيه الصدمات لمتابعيه.

العمل جاء كتقليد متواضع لبرنامج "البرنامج" للإعلامي المصري باسم يوسف، والذي بقي يعتبر أفضل تجربة توك شو في العالم العربي رغم مرور 4 أعوام على توقفه؛ بدأ برنامج الحوت بمقدمة شعاراتية تتألف من مجموعة مصطلحات ممجوجة ملها المتابع السوري مثل "نحن نمثل المؤامرة الصهيوأميركية الماسونية"، وتحمل اعترافات مسبقة بما يعتقد فريق العمل أنه سيواجهه من اتهامات فيعود بك مباشرة لمقدمة باسم يوسف "هذا البرنامج غير حيادي غير موضوعي… إلخ"، وكذلك تذاع المقدمة بصوت همام حوت كما كانت تذاع الأصلية بصوت يوسف.

بعد الافتتاحية تأتي الشارة مختصرة جدًا تحمل فقط كلمة السيناريو أسوة بشارة البرنامج المصري التي حملت فقط كلمة البرنامج ومن ثم صوت يقول "السيناريو مع همام حوت" أيضًا هو تطابق مع ظهور باسم يوسف على المسرح "برنامج البرنامج مع باسم يوسف".

الموضوع لا يتوقف عند هذه التفاصيل بل يمتد إلى شكل البرنامج الذي ينقسم إلى ثلاث محطات؛ الأولى تحصي هفوات وسائل الإعلام والثانية تقوم على مقابلة افتراضية لعلاج موضوع معين والثالثة تشهد مقابلة مع ضيف يتبدل في كل حلقة، وفي النسخة السورية حملت هذه الفقرة عنوان "شاهد على القهر" مقتبسة من البرنامج الشهير "شاهد على العصر"، وقال حوت إنه وضيفه الأول الذي كان رائد الفضاء السوري محمد فارس سيحاولان تقديم شهادة كوميدية على القهر.

النسخ عن البرنامج المصري الشهير لم يكن طبق الأصل للأمانة، بل قام فريق الإعداد السوري بالإضافة الأسطورية التي يشعر السوري أن لا أحد يمكن أن يميزه بالعالم إلا من خلالها وهي فرقة عراضة شعبية جلست على يمين همام حوت، ولم يكن لها دور طوال ثلثي الحلقة حتى اكتشف الجمهور أن مهمتها الترحيب بالضيف للفقرة الثالثة، وعلى يسار الحوت جلست فرقة موسيقية تؤدي أغاني بطريقة "Playback" وتتمايل بشكل يشبه أداء الفرق الموسيقية في المقاهي الشعبية منتصف القرن العشرين، من دون مساحة كافية لها في الاستوديو الذي جاء صغيراً مقارنة بـ مسرح راديو الذي كان يقدم فيه باسم يوسف حلقاته في القاهرة .

الجمهور، وعلى عكس جمهور باسم يوسف العفوي والغفير، والذي كان يملأ المسرح، كان مفرقاً وكان ثمة فواصل كبيرة بين أماكن جلوسه رغم صغر الاستوديو، إذ بدا مفتعلاً ومن الواضح أنه قادم نتيجة دعوات خاصة، إذا لم نقل إنه أصلا من أقارب وأصدقاء فريق العمل.

من حيث الإعداد لم يقدم البرنامج أي جديد يذكر ولم يحصل منه المتابع ولا حتى على معلومة واحدة مفيدة، حتى إن المواقف المضحكة كانت شحيحة، وعوضا عن طريقة كتابة النص التلفزيوني لبرامج التوك شو الساخرة، والتي تعتمد على التحليل وربط الأحداث والتصريحات والمواقف والتهكم عليها، استخدم الحوت وفريق عمله طريقة "المونولوج" المسرحي أو الأقرب إلى المسرحي، وهي شيء مما كان يقدمه همام أيام فرقة المهندسين المتحدين في سورية، من خلال جمل طويلة تعتمد على القوافي إضافة لـ تناص واضح مع العديد من النصوص الساخرة والنكت المنتشرة في المواقع والتواصل الاجتماعي والاستعانة بالعديد من الجمل الجاهزة المملة. 

شهدت الحلقة أيضاً استعارة لحن "طيري يا طيارة" لـ الراحل فيلمون وهبي والسيدة فيروز في أغنية تدعو إيران لاستضافة بشار الأسد ورجال نظامه ومؤيديه من فنانين وشخصيات عامة، وهذا وارد ضمن التوك شو الساخر، إلا أن المفاجئ أن شارة الختام، والتي من المفترض أن تكون موسيقى خاصة بالبرنامج كانت سرقة لـ لحن أغنية "صارت سنة الألفين" لـ غسان رحباني.

إلى هنا ولا تنتهي الصدمات التي تتلقاها عند متابعتك برنامج "السيناريو"، فبعد نهاية الحلقة المتلفزة، والتي يعرضها تلفزيون الأورينت يفاجئك تسجيل الحلقة على موقع يوتيوب الذي يحمل عنوان "السيناريو أول توك شو سياسي سوري"، بلغة استعلاء غريبة تجعلك تسأل ألا يتابع فريق الإعداد برنامج "شو الكتالوك" الذي تبثه قناة سما المؤيدة للنظام أم أنه لا يحسب كونه يبث عبر محطة مؤيدة ويتناول مواضيع أقرب للاجتماعية؟، كذلك تسأل هل تجاهل المعدون عمداً برنامج "Share" الذي قدمه الإعلامي السوري عروة الأحمد على قناة الأورينت نفسها قبل سنوات وتوقف بسبب خلاف بين مالك المحطة والمقدم حول مادة تنتقد جبهة النصرة؟.

في الأوساط الصحافية والإعلامية السورية يناقش العاملون دائماً أسباب فشل السوريين في تقديم الـ "TalkShow" بأنواعه، حتى ما قبل الثورة السورية، حيث لم ينجح أحد بتقديم برامج تلفزيونية ترقى لمستوى برامج المحطات اللبنانية في فترتها الذهبية أو المصرية إن كان من خلال برامج عدة قبل ثورة 25 يناير أو برنامج البرنامج الذي ما زال يعتبر رائد البرامج التلفزيونية الساخرة في العالم العربي.

سنوات طويلة من البحث والمحاولات كشفت للمتابع السوري أن قنواته وشركات إنتاجه عاجزة عن تقديم هذا النوع من البرامج لأسباب يطول شرحها، لكن الحل لهذا الاستعصاء في الإعلام السوري لن يكون أبداً باقتباس شكل أو فكرة برنامج ناجح إن لم نقل سرقتها والبناء عليها، فالاحترام للمشاهد على أقل تقدير يفرض على وسائل الاعلام جهداً أكبر من ذلك.


 

المساهمون