كيف يعرفنا فيسبوك... تطبيقات كشف المستخدمين

كيف يعرفنا فيسبوك... تطبيقات كشف المستخدمين

19 سبتمبر 2017
هل جربت أن تبحث عن نفسك بين آلاف الاختبارات؟(Getty)
+ الخط -
هل جربت أن تبحث عن نفسك بين آلاف الاختبارات والتطبيقات في عالم الواقع الافتراضي، هل عرفت أقرب أصدقائك إليك، هل علمت من سيفشي أسرارك، واكتشفت تاريخ موتك وكيف ستنتهى دنياك، أأعدت النظر في ترتيبات حياتك بعد أن جاءتك نتيجة الاختبارات بأن هذا الشخص الذي تثق به ثقة مطلقة، لم تكن ثقتك فيه أبدا في محلها، حذفت فلانا، وأبعدت عنك فلانة، وضاقت السبل بينك وبين هؤلاء الذين أباحت لك التطبيقات بخبيئتهم نحوك، هل عرفت مهنتك الافتراضية، وحلم حياتك، وحقيقة شخصيتك، وصفاتك التى لا يعرفها أحد سواك وفيسبوك.

في المساء، تختلى بنفسها، لحظات قليلة، تستطيع فيها أن تتنفس بعيدا عن المحيطين بها، تحاول نسرين، أن تعيد اكتشافها لذاتها، لا تبحث عن كورسات للتنمية البشرية، ولا أخرى قد تطور أداءها في عملها، أو عطاءها لأطفالها عبر المنصات المعرفية على الإنترنت، نسرين حقيقية منحها إياها الفيسبوك وتطبيقاته، وحده عرف حقيقة أفكارها الحالمة، واكتشف الجانب الذي لم يكشفه أحد حتى الآن، عرفت التطبيقات أن نسرين التي تبلغ من العمر 45 عاما، عمرها الحقيقي لا يتعدى 22 عاما، وأن إيطاليا هي البلد التي ستحمل جنسيته الافتراضية، وأن نحوتات وجهها أخبرها الفيسبوك بأنها أقرب شبها لصوفيا لورين، تفرح السيدة الأربعينية بنتائجها، تعلنها على صفحتها الخاصة عبر موقع التواصل الاجتماعي، إلا واحدة أخبرتها أن لقبها الذي ستحصل عليه في حياتها الاجتماعية سيكون "مطلقة".


لم تحصل إسراء على فرصة ثانية في حياتها، لم تنل أبدا حظ العوالم، رغم كونها قد ترعرعت في عالمهم، فقد عاشت طفولتها وسط عائلة يحمل ربها دفّا، وشيمة أهلها الرقص، في العالم الافتراضي، كان هناك إسراء أخرى، لم ترتد يوما بدلة رقص، ولم تشارك في حفلات الأفراح والسبوع والطهور، في ريف مصر، وحواريها، حملت اسما مستعارا، وصورة هادئة لملامحها، جاهدت كثيرا لتخرج بكل تلك الوداعة، خدعت الكثيرين ممن تابعوها، وطلبوا صداقة تلك الشخصية المحترمة، كما تأتيها منشوراتهم بصور الورد لتشكرها على قبول الصداقة، لكن الفيسبوك وحده لم تستطع إسراء خداعه، حين جربت اختباراته ذات يوم لتعرف مهنتها المستقبلية ففاجأها الجواب "راقصة".

لا أحد يعرف، كيف يكشف بواطننا ذلك الاختبار، الذي يخضع له الملايين حول العالم، يعتقد البعض أن هذه التطبيقات من شأنها سرقة المعلومات والبيانات الخاصة بصاحب الحساب، رغم تأكيداتها بأنها تحفظ الخصوصية ولا تنتهك إجراءات الأمان التي يتبعها المُقدم على إجراء الاختبار، لكن بعض خبراء التكنولوجيا أكد أن مجرد الإذن لهذه التطبيقات بالولوج إلى عالمك الافتراضي، فإن هذا قد سمح لها بالإطلاع على رسائلك الخاصة، ورؤية الإشعارات، وكذلك النشر على حسابك، عبر كود برمجي معقد، لن يسبب لك ضررا في الوقت الحالي، لكن ريثما يصل أصحاب هذه التطبيقات إلى العدد الذي يريدونه سوف يبدأون في شن حرب شرسة على أصحاب هذه الحسابات.

نظرية المؤامرة التي يقودها أصحاب نظريات حروب الجيل الرابع وصولا إلى الجيل السابع، لم تقنع الكثيرين من رواد مواقع التواصل الاجتماعي الذين شغلهم التفتيش في الحاضر، والبحث فيما تركه الماضي، وتوقع المستقبل، ولم يعبأ العديد من المتعاملين مع تلك التطبيقات بخطوات الحماية، التى تروج لها بعض المواقع، لحماية الحسابات الشخصية، خاصة مع اعتبار أن تلك الحماية هي أمان وهمي في معظم الدول العربية، التي يعاني مواطنوها من مراقبة واختراق لحساباتهم الخاصة، دون الحاجة لمثل هذه التطبيقات، التى تمنح أصحابها اختراقا "لطيفا"، كما تسميه أميرة، الفتاة العشرينية، التى استجابت ذات مرة لنصيحة أحد التطبيقات، التي أخبرتها أن تبتعد عن كل ما يحمل لها طاقة سلبية، وأن تستعد لقابل الأيام بمصادر للبهجة، في اليوم التالى، انفصلت أميرة عن خطيبها، بعد مشادة بينهما، اعتبرتها إشارة ربانية لصدق ما أخبرها به الاختبار، لم تكن المرة الوحيدة التى يُصدقها فيها فيسبوك، فقد أخبرها بمن سيقف بجانبها في الأزمات، ومن سيكون صديقها المقرب، والمهنة المفضلة إليها، لكنها في كل مرة لا تنسى أن تكرر"كذب المنجمون ولو صدقوا"، وفي كل مرة لا تكذب الاختبارات.

أنواع متعددة من "الفيس كويز"، تكشف لك عالما لا تعرفه عن نفسك، أو ربما تعلمه بينما لا يعرفه أحد عنك، جانب خفي، ومن نعم الألطاف أنه قد خفي عن الآخرين، فى زمن آخر، لم يكن سهلا أبدا أن تعرف إذا كانت ضغوطك النفسية التي تشعر بها، سببا لاكتئابك الملحوظ، كان الأمر يتطلب زيارة لطبيب نفسي، وهو الأمر الذي لا يفضله كثيرون.

الآن بضغطة واحدة على زر "بدء الاختبار"، يمكنك معرفة درجة اكتئابك، وفي أي مرحلة تقع شدته، اكتشاف الشخصية، ومعرفة أشباهك من الفنانين أو الزعماء العالميين، ليست دوما قد تأتى بنتائج مبشرة.

عبدالعزيز، شاب ثلاثيني، حصل في اختباره على نتيجة شبهته بزعيم القاعدة، أسامة بن لادن، بينما هو يحاول جاهدا أن يخفي انتماءاته السياسية التى ربطته يوما بأشخاص وضعوا على قوائم الإرهاب، بينما دفعت الاختبارات، الشابة نور، لأن تتوقف عن العادات الغذائية السيئة، وأن تلتزم بشرب ثلاثة ليترات من المياه يوميا، بعد أن عرفت من إحداهن أن موتها سيكون بسبب أمراض الكلى، وهو العَرض الذي لاحق نور بعد فترة من الاختبار وجعلها تؤمن بأن المنجمين يصْدقون أحيانا.

المساهمون