ديسباسيتو وأغانٍ أخرى.. إنهم يركضون منذ خمس سنوات

ديسباسيتو وأغانٍ أخرى.. إنهم يركضون منذ خمس سنوات

02 اغسطس 2017
(لويس فونس، تصوير: ميغيل توفار / لاتينكونتنت)
+ الخط -

ديسباسيتو، غانغنام ستايل، ماكارينا، كوكو جامبو وغيرها كثير؛ قدمت هذه الأغاني من أماكنها البعيدة معتمدةً على مختلف قنوات الاتصال، لتحتل مكانةً ترقى إلى وصفها بالحدث العالمي، ولا مراء في القول إنّ جلّ النجاحات الأخيرة مردّها للثورة التكنولوجيّة المتمثّلة بمنصّات البث التي تتيح الاستماع والمشاهدة وفي أحيانٍ التحميل، فالتعامل مع هذه الأغاني الرائجة التي تعتلي ترتيب أرقام المشاهدات في مختلف المواقع لا يزال مستنداً إلى كونها ظاهرةً عالمية Viral وفق نظام الـ Trend، وإلى كونها طارئاً على العالم أكثر من كونها وليدة حراكٍ موسيقي أو نمطٍ موسيقيٍّ خاص.

أخلّت أغنية Gangnam Style بنظام العدّ عبر يوتيوب، فكانت بعد إصدارها عام 2012 أوّل أغنية تصل إلى مليار مشاهدة، وأعقبت ذلك بكونها أوّل أغنية تصل إلى المليار الثاني أيضاً، قبل أن تزيحها مؤخّراً أغنية Wiz Khalifa عن مرتبة أكثر الفيديوهات مشاهدةً عبر يوتيوب. لكنّ هذا أصبح ماضياً ويوشك أن يصبح حاضرُ أغنية خليفة ماضياً في ظلّ اضطراد عدد مشاهدات ديسباسيتو.


آديل .. وبي أس واي ما الفارق؟
إحصائياً فإن أغنية Hello للبريطانية آديل هي أسرع أغنية تصل إلى حاجز المليار مشاهدة، وذلك بعد 88 يوماً من إصدارها، وليس هناك ما يدعو للاستغراب في هذا الوصول، فالأغنية ناطقةٌ بالإنكليزية وصاحبتها ذات شهرة عالمية سابقة برفقة حملة الترويج الكبيرة للأغنية المنفردة وأهمّها عرض نصف دقيقة من الأغنية في برنامج X Factor قبل إصدارها، ومن نافل القول إن الزيادة في أرقام المشاهدات نتيجة إضافة عدد المتابعين عبر الشبكة للقاعدة الجماهيرية التي تمتلكها آديل مسبقاً، نظراً لاعتماد الإنترنت مصدراً أساسياً للموسيقى عوضاً عن الطرق الكلاسيكية مع الإقرار بنجاح الأغنية النقدي المترافق مع أرقام مبيعاتٍ عالية.

هذه السياق مختلفٌ كلياً في حالة غانغنام ستايل؛ الأغنية التي يؤديها PSG الرابر الكوري الجنوبي متبعاً نمط الـ K-pop، فالأغنية التي شكّلت لوثة في العالم الافتراضي والحقيقي على حدّ سواء رأت النور في كوريا الجنوبية، وبتتبع مسار الـ Trending لها فقد تصدّرت الوسوم في الفيليبين بسبب العلاقات العميقة والمتشابكة بين البلدين، ومن هناك عبرت المحيطات لتحقّق إنجازاتها العالمية؛ إذ إن الفيليبين تمتاز بنشاط سايبريٍّ هائل ومن هناك تستمد الشابكة معظم "الميميز" و"الجيفّات" التي نراها في تغذية مواقع التواصل الاجتماعي.

نجاح PSY في كوريا - وهو مطرب معروف هناك - لم يلعب دوراً كبيراً في شهرته العالمية أو رواج أغنيته بل كان كل هذا وليداً لميكانيكيةٍ تصدّر لنا يومياً كثيراً من الصور المتحرّكة للحيوانات الأليفة والنكات.

هذه العوامل لم تكن حاضرةً بقوتها الحالية في الأيام "الغابرة" عندما طرحت فرقة ketchup أغنيتها اللاتينية التي قطعت أرجاء المعمورة دافعة الكل في الكل للرقص على طريقة عضوات الفرقة الثلاث عام 2002، ومهما حاولنا أن نتمحّص في إحصاء واضح لنجاحات تلك الحقبة وما سبقها فلن نجد أكثر من إحصاءات المبيعات التي لم تعد عاملاً جوهرياً، والتي لا تنصّف ولا توصّف الحالة بدقّة، فتكفينا مراجعة أن مبيعات غانغنام تتجاوز مبيعات "هيللو" بفارق مليون نسخة فقط؛ من دون اعتبار للعوامل المتباينة بين كل من الأغنيتين.

كان هذا قبل الثورة التقنية التي تقيس كل مشاهدة ولا تضع بالحسبان الإعجابات كعامل أساسي في رواج أي مقطع صوتيٍّ أو بصريٍّ يذاع عبر هذه الأقنية، عندما كان وصول أغنية يونانية مثل Margarites للشاشات العربية في التسعينيات من القرن الماضي ضرباً من الخيال ودلالةً على الوصول العالمي المتأنّي الذي قد يأخذ سنين لكنه يحتفظ بمكانته باختزانه حنيناً عند ذلك الجيل بينما تنزوي معظم الحالات الجديدة مثل ديسباسيتو التي يلهج العالم بذكرها حالياً في خانة الآني وموسم الصيف الحالي.


ديسباسيتو.. أسطورة مع تاريخ صلاحية
صدرت أغنية "الصيف" في يناير/ كانون الثاني هذا العام وهي حالياً أكثر أغنية تم تشغيلها عبر الإنترنت بواقع 4.8 مليارات استماع عبر المنصات الكبرى؛ نجاح ديسباسيتو يأتي في سياقه ويأخذ بالأسباب التي تدفع الأغنية عالياً، فلويس فونسي ذو شعبية جارفة لدى مستمعي الموسيقى اللاتينية واقتران صوته مع الكندي جاستين بيبر يتواءم مع قطاع واسع من المعجبين.

تمكّنت ديسباسيتو من الولوج إلى عالم الحقائق والأساطير الحضارية فهذا خبر يشيع عن نجاة بورتوريكو من كارثة اقتصادية نتيجةً للآثار السياحية للأغنية، ومطالبات بإيقاف الاستخدام السياسي للأغنية الذي ينتهجه الرئيس الفنزويلي، هذا السياق لم يتوافر لأغنية بورتوريكية أخرى هي Dale Don Dale التي استعملتها شركة صانسيلك طويلاً في إشهاراتها؛ وكأن ديسباسيتو أوّل رسالة من الدولة المجهولة، لكن كم ستبقى هذه المرويات تحظى بالاهتمام، فمثلاً إصدار الريميكس الذي يسخر من ترامب لن يلبث قبل صعود محاكاة ساخرة جديدة تخصّ الرئيس الأميركي؛ فالاقتران هنا لحظي وليس مستمراً.

عبر اليوتيوب؛ تقترب الأغنية في كل يوم من تجاوز منافسيها للوصول إلى رقم 1 وهذا قد ينهي عهد أغنية خليفة التي أنهت سيطرة غانغنام ستايل بعد 5 سنوات بعد أشهر فقط من إنجازها، وبالنظر إلى الفيديوهات الداخلة في غمار هذه السباق نجد أغنيتين لكلٍّ من شاكيرا وجينيفر لوبيز؛ تحملان في طياتهما العبق اللاتيني والرقصات الخاصّة بكل أغنية، إضافة لإرث موسيقي حاضر وحشود من المعجبين المخلصين، بفعل مؤسساتي استثمر خلال سنين في مجالات عدة أحدها المجال الرياضي الذي كان عبر التاريخ عاملاً حيوياً في الانتشار العالمي كما حصل في أغنية مونديال عام 1998 لريكي مارتن. أغنية شاكيرا تجاوزت المليار ونصف المليار أثناء فترة صعود ديسباسيتو، وخلال أقل من 20 يوماً تقترب أغنية لوبيز من 30 مليون مشاهدة، فهل سيحمل عام 2017 بداية ونهاية عصر ديسباسيتو؟


الراي .. سفير الموسيقى العربية
يمتلك الراي سحره الخاص ونمطه الموسيقي المميز، ما يخوّله للانتشار العربي حتى في بلدان لا تفقه اللهجة المستخدمة، ومنذ التسعينيات حققت أغنية "دي دي" للشاب خالد نجاحاً عالمياً، وبمعايير العصر التكنولوجي تتصدّر أغنية "المعلم" لـ سعد المجرد أكثر الفيديوهات الغنائية العربية بواقع نصف مليار مشاهدة وتتخطى أغلب أغاني المجرد الـ 100 ألف بشكل اعتيادي، بينما يشقّ هذا الانتشار على عموم الأغاني العربية، ولا تبدو الموسيقى البديلة أفضل حالاً في تذبذبها واتباعها أجنداتٍ أو رغبات تمويلية واستنادها بطريقة أو بأخرى إلى كونها فناً راقياً خارجاً عن السائد؛ المنتشر بطبيعة الحال. وعلى هذا يبدو الأوفر حظاً لتحقيق انتشار عالمي مقبل، المطرب السوري عمر سليمان.

المساهمون