أوهام الإسلاميين في مصر.. تصور ساذج للدولة والمجتمع

أوهام الإسلاميين في مصر.. تصور ساذج للدولة والمجتمع

27 فبراير 2016
+ الخط -
مثل الربيع العربي فرصة ذهبية للتيار الإسلامي في مصر للوصول إلى السلطة عبر انتخابات حرة ونزيهة، وفعلاً بعد 60 عاماً من الملاحقة صعد التيار الإسلامي للسلطة، لكن سرعان، وما إن بدأ هذا التيار في رسم السياسات الاقتصادية والاجتماعية، حتى انفجرت الألغام في هذا التيار، عبر أسئلة على غرار كيف سيكتب الإسلاميون الدستور؟ وما هو وضع الشريعة؟ كيف سيرضون جمهورهم المتدين المحافظ وجمهور خصومهم الحداثوي بتوافق ما على الدستور؟ كيف سيحلون مشكلة البطالة؟ وكيف سيتعاملون مع الصراعات الدولية والاستقطابات الإقليمية؟ وكيف سيحصلون على منح وقروض من المؤسسات الدولية؟.

لاحقاً وبعد فوات الأوان اكتشف الإسلاميون في مصر، أنهم لم يفكروا جيداً قبل استلام السلطة بشكل ديمقراطي في تصورهم للدولة، وهل يتوافق طرحهم مع اهتمامات الجماهير، ولذلك عادت الثورة المضادة بدعم شعبي.

اقرأ أيضاً: "عقيدة الصدمة".. عصا السيسي السحرية لتمرير قوانينه وقراراته

التصور الساذج للدولة

لماذا أخفق الإسلاميون وعادت الثورات المضادة بقوة بعد الربيع العربي؟ يمكن القول إن تصور الحركة الإسلامية لما يسمى بالدولة الإسلامية والذي يعد غاية في السذاجة، هو السبب الرئيسي، إذ يعطي هذا التصور اهتمامه الأول بحقوق الحاكم ولا يمنح أي اعتبار لحقوق المحكوم ولا يفصل بين عمل الرئيس أو الملك مع عمل القضاء متأثرين بالكتب التراثية التي كتبت عن مبحث السياسة الشرعية مثل كتاب (السياسة الشرعية لابن تيمية) و(الطرق الحكمية لابن القيّم الجوزية)، ولذلك ظن الإسلاميون الأوائل أن الحل لقيام دولة إسلامية هو تقنين الشريعة الإسلامية في صورة أحكام جنائية كما فعل صاحب (القانون الجنائي في الإسلام) وأنه بمجرد تقنين هذه القوانين تصبح الدولة إسلامية، وهو ما يعد التصور المثالي لكثير من الإسلاميين والذي روجوا له ردحاً من الزمان.

لاشك أن الدولة الحديثة اليوم هي أعقد بمراحل من هذا التصور، إنها دولة تنينية بحق، إذ تلتزم بكثير في حياة الإنسان، في صحته وتعليمه تربية أطفاله وحتى نظافة بيئته، وبالتالي فإن التصور القديم الذي كان يروج له الإسلاميون الأوائل لم يعد صالحاً، اليوم، لأن التصور القديم للدولة لن يقدم على أفضل تقدير إلا ما يشابه نظام (الترابي - البشير) وعلى أسوأ تقدير (دولة البغدادي).

اقرأ أيضاً: إخوان مصر والأردن.. أربعة قواسم مشتركة تضرب الجماعة

ما الحل؟

حتى يتحرر الإسلاميون في مصر من تصورهم الساذج ويفككوا تلك الألغام التي أوقعتهم فيها الثورة المضادة، عليهم القيام بخطوات منها إعادة تعريف أنفسهم ونزع الغطاء الأيديولوجي عن مؤسسات أحزابهم بأن تكون أحزاباً مسلمة ديمقراطية (على غرار الأحزاب المسيحية الديمقراطية في أوروبا) وأن تكون مفتوحة فعلاً للجميع وإلغاء الرتب الحزبية ومحاولة كسب الكوادر العلمية وأن يعلن الإسلاميون صراحة قبولهم بالبراغماتية واقتصاد السوق الحر مع إنشاء خطط للدعم الاجتماعي وحل مشكلة البطالة ولو قاموا بذلك فإنهم سينجحون حتماً في العودة إلى السلطة والنجاة ببلادهم اقتصادياً واجتماعياً.

يؤكد الطرح السابق، ما كشفته أحداث ما بعد ثورات الربيع العربي التي أظهرت أن حوالي ثلثي جمهور المصوتين الذين اختاروا التصويت للتيار الإسلامي ليقوم بحل مشاكلهم الاقتصادية والاجتماعية سرعان ما تخلوا عنه، بسبب ما لمسوه من تهميش الإسلاميين لمطالبهم الاقتصادية والاجتماعية لصالح الأوهام الأيديولوجية للإسلاميين المتمثلة بطرد فلول النظام القديم عن مؤسسات الدولة باعتبارهم أعداء للثورة، ولكن هذا الجمهور بذاته ممن صفق ورقص للثورة المضادة هو من سيعيد انتخاب الإسلاميين بعد انكسار موجة الثورة المضادة لأن هوى الجمهور في المنطقة يتسم بكونه محافظاً، ولذلك فإن على الإسلاميين الاستعداد لهذا الحدث والاقتناع أنه لا توجد مؤامرة على الإسلام ولا أي من هذه الخزعبلات والانشغال بتشكيل حكومة ظل ووضع تصور لما سيفعلونه في الاقتصاد لكي تنهض بلادهم كما فعلت تركيا في ظل حكومة رجب طيب أردوغان.