سيول مصر... عقارب وثعابين تهاجم المنكوبين

سيول مصر... عقارب وثعابين تهاجم المنكوبين

القاهرة

العربي الجديد

العربي الجديد
03 نوفمبر 2016
+ الخط -

يمنع الأربعيني المصري طه ياسين أولاده من الخروج من منزلهم في محافظة سوهاج (جنوب مصر) منذ ستة أيام، خوفا من إصابتهم بلدغة ثعبان أو عقرب من تلك التي جرفتها مياه السيول التي اجتاحت مركزي ساقلتة وأخميم في المحافظة، بعد انهيار السدود التي تم إنشاؤها لمواجهة السيول.

ويشعر ياسين بالرعب بعد تعرض أطفال جيرانه للدغ، في ظل اختفاء أمصال العقارب والثعابين من المشافي العامة، والوحدات الريفية الصحية المغلقة لعدم وجود أطباء، وهو ما أجبر محمد ياسر، جار ياسين، على اللجوء للطب الشعبي عبر "امتصاص سم" ثعبان لدغ ابنه أحمد، بعد أن جرح موضع السم بسكين قام بتسخينه على النار.

ويكمل ياسر أنه وضع حجرا على مكان لدغة الثعبان بعد "تشريطها بموس"، كما سقى نجله زيتا، حتى يمنع وصول السم إلى القلب، في محاولة للحفاظ على حياته، قبل أن يتابع بأسى: "ماذا أفعل، الطرق مقطوعة، ولا أحد يسأل علينا، لجأت للطب الشعبي، لعدم وجود إمكانية للوصول إلى مصل علاج لدغات الثعابين".


88 مصابا بلدغات العقارب والثعابين

منذ بدات أزمة السيول قبل أسبوع أصيب 88 شخصا بلدغات عقارب وثعابين، وفقا لإفادة من خالد مجاهد، المتحدث باسم وزارة الصحة، وامتلأت قرى "الصوامعة شرق" بمركز أخميم، "عرب بني واصل"، "الحاجر"، بالجلاوية، شرق مركز ساقلتة، بالبرك والمستنقعات، كما هاجمت الفئران والناموس والحشرات الأهالي، الذين زاد انقطاع المياه والكهرباء عنهم من معاناتهم، بحسب ما رصده معد التحقيق.

وبسبب اختفاء المصل المضاد للدغ العقارب والثعابين في العديد من محافظات الصعيد ومن بينها سوهاج، تزايدت معاناة الأهالي، كما يؤكد الصيدلي حمدي محمد، الذي فسر الأمر قائلا إن المحافظة تعاني منذ أعوام من قلة جرعات المصل التي تصلها، إذ تصلها 500 جرعة في أحسن الأحوال، في حين أن المصاب الواحد قد يحتاج إلى ما بين 5 إلى 7 جرعات من المصل لعلاجه، وفي بعض الأحيان تزيد الكمية عن ذلك. وأكمل محمد أن المصل تتم صناعته محلياً، غير أن عدم الاستعداد للأزمة المتوقعة، ضاعف من معاناة الأهالي.

وتسببت السيول في وفاة 26 وإصابة 70 شخصاً يتوزعون على محافظات جنوب سيناء (شمال شرق مصر)، وسوهاج (جنوب)، والبحر الأحمر (شرق)، وقنا (جنوب مصر)، بحسب وزارة الصحة المصرية.

وتتكرر أزمة السيول في مصر منذ 69 عاما، إذ تعرضت منطقة وادي العريش لسيل مدمر في 18 مارس/آذار عام 1947، وبلغ حجمه 21 مليون متر مكعب من المياه المتراكمة، وقدر متوسط تصريف المياه بمقدار 80 مترًا مكعبًا في الثانية الواحدة، ونتج عنه تدمير السدود المنشأة عليه ومئات البيوت السكنية وإتلاف آلاف الأفدنة الزراعية.

وتعد حادثة عام 1994 المعروفة بسيل درنكة، الأكثر شراسة على مدار تاريخ السيول في مصر، إذ تسببت في انهيار 15 ألف منزل، وأتلفت 25 ألف فدان من الأراضي الزراعية، إلى جانب وفاة 500 شخص، وفي عام 2012 تعرضت مدينتا نويبع وسانت كاترين في سيناء، لسيول ألحقت أضراراً بالغة بالمدينتين، كما انهار سد وادي النصب الذي كلف إنشاؤه ما يقرب من 3 ملايين جنيه.




4 إنذارات للتحذير من السيول

يؤكد رئيس هيئة الأرصاد الجوية أحمد عبد العال، إصدار أربعة إنذارات، أولها مع بداية الخريف إلى جميع الجهات الحكومية والمحافظات والوزارات للتحذير من الكارثة المتوقعة، موضحا أن المحافظات لم تستعد جيدًا للسيول بالعمل على تنظيف "مخرات" السيول، وضبط مجاري الأمطار للتقليل من خسائرها المادية، خاصة بعد أن غرقت محافظتا البحيرة والإسكندرية العام الماضي، بينما لم تتكرر الظاهرة هذا العام فيهما لكون المحافظة استعدت جيدًا للسيول.

ويرى مغاوري شحاتة، رئيس لجنة الكوارث بأكاديمية البحث العلمي والخبير في مجال الموارد المائية والهيدروجيولوجيا، أن أزمة السيول المتكررة في مصر سببها الفساد المستشري في محافظات الجمهورية، مؤكدا أنه لا توجد جهود حقيقية لتوقع الأزمات والكوارث وإدارتها، إذ لا تتحرك الحكومة إلا بعد وقوع الكارثة، كما حدث مع سيول العام الماضي، معتبراً أن ما حدث العام الماضي والحالي سيتكرر مجددا طالما استمر التعامل بالطريقة نفسها.

ويؤكد خبير الإدارة المحلية واستشاري تطوير المناطق العشوائية حمدي عرفة، أن السبب الرئيسي وراء تكرار أزمة السيول كل عام يرجع إلى عدم التنسيق بين الوزارات والهيئات المختصة بمواجهة الكارثة، وعلى رأسها وزارة التنمية المحلية وهيئة الأرصاد الجوية ووزارة الموارد المائية والري، وهو ما أكده علي عبد العال، رئيس البرلمان المصري، في جلسة الأحد الماضي، التي خصصها البرلمان لرد الحكومة على بيانات النواب حول الأزمة قائلاً: "منذ أيام صرح وزير الري بأن الحكومة مستعدة لمواجهة أزمة السيول، وهو ما لم يحدث ولم يتم تنبيه المواطنين بعدم المرور من الطرق المتوقع سقوط الأمطار بغزارة عليها"، متابعاً: "لا يوجد أي تنسيق بين هيئة الأرصاد الجوية والحكومة".


مطالب بإقالة الحكومة

يطالب عضو البرلمان المصري أحمد فرشوطي، بإقالة الحكومة لعدم قدرتها على مواجهة كارثة السيول والتخفيف من آثارها على الرغم من معرفة الحكومة بإمكانية وقوع الكارثة، وحمّل المسؤولية للإدارات المحلية ومحافظي المناطق المنكوبة، وعلى رأسهم وزير الإدارة المحلية أحمد زكي بدر، لافتاً إلى أن متوسط حجم الأمطار المتساقطة على المناطق المنكوبة وصل إلى 4 ملايين و600 ألف متر مكعب، كان يمكن استغلالها في زراعة نحو 700 ألف فدان في حال تم تخزيتها والاستفادة منها.

وشدد فرشوطي، عضو لجنة الإدارة المحلية في البرلمان، على ضرورة بناء سدود خرسانية بالقرب من الجبال للتصدي للمياه، بحيث لا تتضرر القرى التي تقع في طريق السيول. مطالباً بضرورة تحويل مجرى السيل وإبعاده عن المناطق السكنية وتوجيهه إلى بحيرات مخصصة لتخزين المياه، فضلاً عن الإسراع بنقل جميع سكان المناطق القائمة على "مخرات" السيول حفاظًا على أرواحهم.