"نقطة تلاقي": غضب أبناء النوبة مستمرّ

"نقطة تلاقي": غضب أبناء النوبة مستمرّ

10 نوفمبر 2018
غضب بين أهالي النوبة (Getty)
+ الخط -
في خطوة حاسمة ومباشرة، وللتأكيد على حق جغرافي وتاريخي مصري أصيل، يتمثل في أن مناطق نوبية جزء لا يتجزأ وثابت من الأراضي المصرية، اعترض عشرات النوبيين والحقوقيين والشخصيات العامة المصرية، على محتوى فيلم تسجيلي عُرض في منتدى شباب العالم في نسخته الثانية على مدار عدة أيام، من 3 لـ6 نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي، في شرم الشيخ المصرية. فخلال فعاليات المنتدى، عرضت اللجنة المنظمة للمنتدى فيلماً وثائقياً بعنوان "نقطة تلاقي"، كافتتاحية للمنتدى تعرض من خلالها أشكال الثقافات المختلفة التي تتميز بها المجتمعات المحلية داخل مصر.
مدة عرض الفيلم الوثائقي قرابة الـ21 دقيقة، وهو للمخرج مروان حامد وكتابة شريف الألفي، ويتضمن محتواه جولة لإحدى الفنانات المصريات (ريم مصطفى) في عدة أماكن مصرية تستعرض خلالها أشكال التنوع الثقافي داخل مصر، وتستضيف بعض سكان هذه المناطق من خلال حوارات قصيرة معهم، معظمها يتركز حول النشأة التاريخية لمجتمعاتهم الأصلية وماهيتها وأشكال الثقافات الخاصة بهم.
لكن خلال رحلة الفيلم، تحديدًا في المحطة الثانية، تعرَّض الفيلم للنوبة المصرية، وقام باستضافة أسرة صغيرة داخل إحدى القرى النوبية، زوجة وزوج و3 أبناء، وقاموا بالتحدث عن مجتمعهم ولغتهم المميزة، وفي نهاية المشهد تمّ اقتطاع جزء في غير سياقه جاء على لسان الزوج، ووضع مصحوبًا بصورة جماعية للعائلة النوبية: "إحنا جايين أساسًا من السودان.. واتوطنّا هنا". كانت هذه الجملة تحديدًا هي محور اعتراض المجموعة الموقعة على البيان.
وجاء في البيان "لا نعلم ما الغرض المقصود من إضافة معلومة تاريخية مغلوطة، كان من الأجدر على فريق العمل الفني أن يتجاوزها حرصًا على مصداقية الفيلم؟ ولا نعلم كيف مر هذا العمل الفني دون رقابة من اللجنة المنظمة للمنتدى والتابعة لرئاسة الجمهورية؟ وهل هذا العمل جزء من منهجية حكومية تهدف لتضليل الرأي العام بخصوص النوبة والنوبيين، وتعزز من التمييز العنصري ضدهم حال كونهم غير مصريين".

ويعاني النوبيون على مدار عقود طويلة من نزْع ملكية أراضيهم والتشريد القسري، وواجهوا التهميش الثقافي والعنصري والتمييز. واعترف دستور 2014 للمرة الأولى بالحقوق التاريخية للنوبيين، لكن تعرقل الحكومة تنفيذ هذا التعهد الدستوري، وتستهدف المطالبين به.
ومباشرةً، وقّع عشرات الحقوقيين والشخصيات العامة المصرية على بيان مشترك، أعلنوا من خلاله رفضهم لما جاء في هذا الفيلم، وحذروا من خطورة ما جاء فيه من كلمات تؤدي لعكس الرسالة الظاهرة في عنوانه.
وطالب الموقعون اللجنة المنظمة للمنتدى بـ"ضرورة الاعتذار عن هذا الخطأ الفادح وحذف المشهد المسيء، على أن تُرسل نسخة من الاعتذار مع تصحيح للمعلومة لقائمة المدعوين والمشاركين بالمؤتمر". كما شددوا على أن التغاضي أو السكوت تحت أي زعم، لن يكون له سوى معنى واحد وهو أن الرسالة مقصودة، وتحت رعاية اللجنة المنظمة التابعة لرئاسة الجمهورية.
ونصّت عريضة البيان التي لا تزال تستقبل تواقيع المؤيدين، على "حرصت الإدارة المصرية الحالية على تنظيم مؤتمر سنوي تحت اسم منتدى شباب العالم، يقوم بافتتاحه وحضور جلساته السيد رئيس الجمهورية، كما يلقي من خلاله كلمة رسمية في فعالية الجلسة الافتتاحية، ويشارك في المنتدى قرابة ثلاثة آلاف شاب وفتاة من 113 دولة حول العالم، يتم اختيارهم بعناية من قبل اللجنة المنظمة للمنتدى والتابعة لرئاسة الجمهورية". وأضاف الموقعون "التاريخ المصري يعلم تمامًا أن النوبيين هم سكان المنطقة الجغرافية الواقعة من الشلالات شمالًا وصولًا للخرطوم جنوبًا، وهي المنطقة المقسمة الآن سياسيًا بين الدولة المصرية في الشمال والدولة السودانية في الجنوب، وأن النوبيين لطالما تشاركوا في تنمية مصر لانتمائهم إليها، وقدموا العديد من التضحيات من أجل رفعة ورخاء هذا الوطن". وكان عدد من المثقفين المصريين قد ساءهم المقطع الذي تم عرضه عن النوبيين في فيلم "نقطة تلاقي" بمنتدى شباب العالم وطالبوا محاسبة القائمين عليه، لأنه يقتطع النوبيين من مصر وهم أصل من أصول الدولة المصرية بل وهم أصل حضارة وادي النيل.
وكتب البعض عبْر مواقع التواصل الاجتماعي أن الحديث عن أصول سودانية لأهل النوبة، وأنهم تم توطينهم في أسوان هو مغالطة تاريخية تتعلق بأمن مصر القومي، وكارثة بكل المقاييس. يشار إلى تعرض نشطاء النوبة، جنوب مصر، لسلسلة من المضايقات والضغوط عليهم وعلى أسرهم خلال السنوات القليلة الماضية، لوقف مطالبتهم بحقوق الأقلية النوبية الثقافية والاقتصادية والاجتماعية. وكانت السلطات المصرية قد أحالت 32 ناشطًا وناشطة نوبيين، معظمهم من الشباب، من بينهم المحامي محمد عزمي، الرئيس السابق للاتحاد العام النوبي، وسهام عثمان، إحدى النسويات المؤسسات لجمعية جنوبية حرة، للمحاكمة أمام محكمة أمن الدولة طوارئ في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بتهم التحريض على الاحتجاج، وتعطيل النظام العام، والمشاركة في اعتصام غير مصرح به، وذلك بعد اعتقال عشرات الناشطين النوبيين في سبتمبر/ أيلول، وأكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي 2017. كما توفي أحد المحتجزين وهو الناشط جمال سرور، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بسبب الإهمال الطبي في سجن أسوان ولم تحقق السلطات في الواقعة.

دلالات

المساهمون