آلة العود: سلطان التخت الشرقي

آلة العود: سلطان التخت الشرقي

08 يناير 2016
مارسيل خليفة (Getty)
+ الخط -
يقول الإمام أبو حامد الغزالي: "من لم يهزه العود وأوتاره والربيع وأزهاره والروض وأطياره فهو مريض المزاج يحتاج إلى علاج".

عرفت الشعوب القديمة آلة العود، وتضرب محاولات تأصيله إلى أقصى عمق ممكن في التاريخ حين نرى المبرد في كتابه (الكامل في اللغة والأدب) يذكر أنّ أول من صنع العود هو نوح عليه السلام. وفي الثقافة الفارسية أنّ أول من صنعه كان الملك (جشميد).

يقال، أيضاً، إن الفراعنة عرفوا العود قديماً، وإن آلة تشبه العود تماماً محفوظة في متحف برلين تعود لسنة 1600 قبل الميلاد، وربما ينتمي أقدم عود إلى العراق، حيث كشف عود يعود إلى الآكاديين. ويرى بعض المستشرقين أن العرب عرفوا العود عن طريق الفرس في القرن السادس الميلادي. قبل أن يعرفه الأوروبيون.

يرجع الفضل لأبي يعقوب الكندي (185-252هـ) في ذكر أقدم وصف عربي للعود في رسالته (اللحون والنغم). حيث فصل القول في تركيبه ونوعية أوتاره ونسبتها وتسويتها وتدوين النغمات الصادرة عنها في جداول منتظمة. ويتركب العود عند الكندي من خمسة أوتار، هي: المثلث والمثنى والزير الأول والزير الثاني، ويختص كل وتر بستة أصوات أولها مطلق الوتر. بينما تستخرج الأصوات الباقية بالعفق بواسطة أحد الأصابع الأربعة (سبابة، وسطى، خنصر، بنصر).

أما الفارابي (260-339هـ) فيذكر في كتابه (الموسيقى الكبير) وصفاً دقيقاً للعود يفيد في معرفة الفارق بين تركيبه القديم وما جرى عليه من تعديلات حديثة، وإن كان العود قديماً متشابه مع الحديث إلى حدٍ بعيد.


تعدد عازفو العود المميزون في التاريخ العربي، مثل طويس وابن سريج والغريض ومعبد وابن إسحاق الموصلي ومنصور زلزل وغيرهم، وكان الخليفة الواثق العباسي بارعاً في العزف على العود.

إقرأ أيضاً:زرياب فلسطين.. عاشق يداوي وتر الإحساس

وذكر التلمساني في كتابه (نفح الطيب) أن مجموعة من العلماء الموسيقيين أضافوا تعديلات في آلة العود، كالكندي وابن سينا والفارابي وابن زيلة وصفي الدين الأرموي واللاذقي، فطرأ عليه تغيير كبير في الشكل ومواد الصناعة ومقاييسه وطوله وعدد أوتاره، ومادة صناعة تلك الأوتار. وكان زرياب هو من أضاف استخدام الريشة للعزف وأضاف وتراً خامساً.


في القرن الرابع عشر، أضيف وتر سادس، وهناك مخطوطات قديمة تكشف عن تطور العود مثل كتاب (كشف الهموم والكرب في آلة الطرب)، وقد استقر الوضع في القرن التاسع عشر على العود ذي الأوتار السبعة وفقاً لـ (الرسالة الشهابية في الصناعة الموسيقية) التي ألفها ميخائيل مشاقة.

اشتهر في العصر الحديث مجموعة من العوادين الأفذاذ، يصعب حصرهم، على سبيل المثال العازف الفلسطيني ديب جبران وأبناؤه، والعراقيون: عادل أمين وعلي إمام وغانم حداد، والتونسيون: محمد زين العابدين وطاهر يوسف ويسري الذهبي، والمغربي: سعيد الشرايبي، ومن لبنان: مارسيل خليفة وشبل روحانة، والسوري محمد قدري، ومن السعودية طلال مداح وعبادي الجوهري. ومن مصر محمد القصبجي، وكان رياض السنباطي علامة في تاريخ العود المصري. كما اشتهر من صناع العود الكويتي (يوسف حسين سالمين)، الذي بلغ في تقنيات تصنيعه شأواً بعيداً.

وقد أسس العراقي نصير شمة (بيت العود العربي) وهو أول معهد متخصص يعنى بتحسين العود؛ صناعة وعزفاً وتحسيناً ومنهجاً وتنظيراً وتعليماً.

إقرأ أيضاً: يعقوب الأطرش: لسنا من كوكب آخر

المساهمون