"كوما" في غرفة إنعاش الدراما السورية

"كوما" في غرفة إنعاش الدراما السورية

03 أكتوبر 2018
مكسيم خليل (لؤي بشارة/Getty)
+ الخط -
يعرض حالياً على قنوات "osn" العمل الدرامي السوري "كوما"، وذلك بعد أزمات عديدة عانى منها المسلسل وأدت إلى خروجه من سباق الموسم الرمضاني الفائت، الذي كان من المقرر أن يشارك فيه. وكانت أولى تلك الأزمات هي القرارات المفاجئة للشركة المنتجة "إيبلا"، التي قررت أن تغير طاقم العمل من مخرج وكاتب، فبعد أن انتهى المخرج ماهر صليبي من تصوير مشاهد المسلسل في كل من مدينتي أبوظبي وبيروت، تمت الاستعانة بالمخرج زهير قنوع لإخراج ما تبقى من مشاهد العمل داخل دمشق، وكذلك تمت الاستعانة بالكاتب أحمد قصار لتعديل سيناريو جيهان الجندي، بشكل جذري، وتم تغيير اسم العمل من "آخر محل الورد" إلى "كوما".
رافق بدء عرض العمل العديد من المشاكل، والبداية كانت مع الممثلة ديمة الجندي المشاركة في العمل، حيث عبّرت، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، عن غضبها وامتعاضها من البرومو المنجز للعمل، والذي يتم عرضه على القناة، وذلك لعدم احتوائه على أي مشاهد أو لقطات لها، رغم أنها إحدى بطلات العمل. وأما الممثلة الشابة نورا العايق، فعبرت من خلال حسابها الخاص على موقع فيسبوك عن استيائها من القائمين على العمل، بسبب عدم وضع اسمها في شارة المسلسل.
يتناول العمل حياة السوريين ما بين مدينتي أبو ظبي ودمشق، حيث تبدو العاصمة السورية كمدينة توقفت بها عجلة الزمن، وتعيش الشخصيات في داخلها حالة من الترقب والانتظار. وقسم العمل جيل الشباب في الداخل السوري ما بين شباب يطمح ويعمل على إيجاد فرص للسفر إلى خارج سورية، وشباب أجبرتهم الظروف على البقاء في الداخل فتوقفت حياتهم ولجؤوا إلى تعاطي المخدرات للتأقلم مع الظرف الراهن، وشباب استغلوا الفوضى لتكوين ثرواتهم، ولاجئين نزحوا إلى دمشق من المناطق المنكوبة، ولاجئين عائدين إلى حضن الوطن، في حين أن الشخصيات الأكبر سناً تقتصر حياتها على الانتظار والتواصل مع من رحلوا عبر وسائل التواصل الاجتماعي. بينما يصور العمل السوريين في أبوظبي بحالة من عدم الاستقرار، على الرغم من كون الشخصيات لا تعاني من أية مشاكل بإيجاد فرص للعمل ولا مشاكل متعلقة بالوضع القانوني للإقامة، ولا حتى صعوبة في إيجاد السكن، لتنحصر مشاكل الشباب السوريين هناك بمشاكل عاطفية ونفسية ناجمة عن حنينهم للعائلة والوطن وعن العلاقات العاطفية الشخصية المتخبطة التي يعيشونها.
ورغم أن العمل يقوم بطرح مواضيع مهمة تتعلق بالشباب السوري وبالوضع الراهن، إلا أنه يعجز عن إيجاد روابط درامية بين أحداث الداخل السوري والأحداث في الإمارات، ويبدو وجود شخصيتين توأم يلعبهما مكسيم خليل أمراً غير مجدٍ درامياً ولا يقدم أي إضافة، كما أن العمل يعاني بشكل كبير من بطء الإيقاع وغياب عناصر الدراما الحقيقية التي تقدم التشويق والترفيه للمشاهد، لتبدو كل حلقة من حلقات العمل مملة وطويلة مفتقرة للأحداث الدرامية الجوهرية إلا فيما ندر، فالمسلسل طيلة الوقت يحاول أن يقدم أفكاراً جاهزة من خلال نقاشات شعرية على حساب الأحداث الدرامية. وأسوأ ما في الأمر، أن بعض الحوارات تقدم للجمهور جرعة من الآراء والمواقف بشكل سطحي ومباشر، كالحوار حول وحدة الدم العربي على لسان الشخصيات الإماراتية.
وتبقى إحدى أهم ايجابيات المسلسل هي شهادته على ولادة جيل جديد من النجوم السوريين، والتي قد تعطي القليل من الأمل بمستقبل الدراما السورية، التي بدت قادرة على صنع نجوم، حيث قدم الثنائي ينال منصور ومرام علي مستوى عالياً من الحرفية بالأداء، وبرزا بشكل واضح ومميز، على حساب الثنائي الأساسي في العمل، أي مكسيم خليل وكاريس بشار.
إلى جانب ذلك، يبدو أن العمل استطاع أن يوضّح الفروقات بين من بقي في سورية، ومن يعملون ويعيشون خارجها، أي أبوظبي، إذ كان ذكياً في طرح طبيعة مشاكل كل من المجتمعين، في سياق ظروفهما الحياتية واليومية.

المساهمون