موسيقى عنصرية: أغاني القتل الإسرائيلية

موسيقى عنصرية: أغاني القتل الإسرائيلية

31 ديسمبر 2015
وقفة تضامنية مع عائلة الدوابشة (Getty)
+ الخط -
سلطت وسائل الإعلام الأضواء على شريط الفيديو الذي يظهر فيه المئات من عناصر منظمة "فتية التلال" الإرهابية اليهودية وهم يحتفون بجريمة إحراق عائلة دوابشة، أثناء أحيائهم حفل زواج أحد زملائهم، في القدس المحتلة الأسبوع الماضي؛ لكن أحداً لم يشر إلى حقيقة أن الذي أثار هؤلاء كان "المطرب" داف شورين وأغنيته "اذكرني يا رب ومكني من الانتقام".

فعلى وقع هذه "الأغنية" هتف "الجفعونيم" (الاسم الذي يطلق على عناصر هذه المنظمة) تمجيداً للقتلة، وقام أحدهم بطعن صورة الطفل علي دوابشة، الذي استشهد في عملية إحراق العائلة، في مشهد يشي ليس فقط بتأييد الجريمة، بل بالتصميم على تكرارها. وتبين أن رفع السلاح خلال الحفل يعد لازمة يفرضها شورين على المحتفين بأغانيه، حيث إنه شخصياً عكف على تصوير أغانيه وهو يحمل السلاح. وذكرت صحيفة "هآرتس" في عددها الصادر أمس أنه منذ أن تم عرض فيديو حفل الزواج سجل الإقبال على سماع أغنية شورين رقماً قياسياً، حيث سمعها في غضون 24 ساعة 250 ألف شخص، في حين سجل البحث عنها أكبر معدل للبحث على محركات البحث العبرية المختلفة.

وتقول كلمات الأغنية في مقدمتها: "اذكرني يا رب وأمدّني بالقوة... فقط هذه المرة يا رب... فقط هذه المرة... اذكرني وأمدني بالقوة... مكني من الانتقام... مكني من عيون الفلسطينيين". وقد سمح الكشف عن هذا الفيديو حقيقة الشعبية الهائلة التي يحظى بها شورين وأغانيه التي تحث على الانتقام، لاسيما في الوسطين الديني الصهيوني والديني الحريدي.


وفي تقرير نشره أمس موقع "كيباه"، الذي يمثل اليمين الديني المتطرف أمس، نوه الصحافي نتئيل لايفر إلى إن جميع حفلات الزواج التي يتم احياؤها في الوسط الديني بشقيه الصهيوني والحريدي تتم على إيقاع أغاني الانتقام لشورين، حيث يرقص الجميع على لحن هذه الأغاني، إلى جانب قيام شورين شخصياً بإحياء الكثير من هذه الحفلات. ويوضح لايفر أن أغراض الغناء لدى شورين تمثلت في الدعوة إلى الاستيطان في أرجاء الضفة الغربية والقدس المحتلتين وتمجيد المستوطنين وامتداح "رباطة جأشهم لأنهم عادوا لعمارة مدن مملكة يهودا المهجورة"؛ إلى جانب الحث على الانتقام من الفلسطينيين.

وحسب لايفر، فقد أصدر شورين عام 1996 ألبومه "مجنون في حب الرب"، حيث ركزت جميع الأغاني على الدعوة إلى الاستيطان والاستيلاء على كل فلسطين. وفي العام 2002 أصدر ألبوماً سماه "الانتقام"، حيث جميع أغاني هذا الألبوم تحث على الانتقام من العرب. وحسب لايفر فقد حرص شورين في جميع الأغاني التي تضمنها هذ الألبوم، والتي صورت في الفضاء الرحب على سفوح جبال الضفة الغربية، على الظهور وهو يحتضن آلة العزف بينما يظهر السلاح الرشاش على ظهره. ويقول شورين إن "الانتقام" الذي يحث عليه يعني وجوب "القيام بأعمال متطرفة جداً ضد العرب لزجرهم عن مواصلة الاعتداء على اليهود، ولتيئيسهم من أية إمكانية لاجتثاث المشروع الاستيطاني". ويجاهر شورين بعنصريته إزاء العرب، قائلاً: "لا يمكن احتمال أن يقوم العرب بالإساءة لليهود، فكل 2000 عربي لا يساوون يهوديا واحدا". وينقل لايفر عن شورين قوله أيضاً "الأغاني التي أغنيها والموسيقى التي ألحّنها باتت تمثل قصة النجاح الكبرى للغناء والموسيقى اليهودية في العصر الحديث".

ويشير لايفر إلى أن شورين الذي هاجر قبل 30 عاماً من الولايات المتحدة يعمل صحافياً لصالح عدد من المؤسسات الإعلامية اليهودية الأميركية، إلى جانب التلحين والغناء. وقد تبين أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على علاقة بشورين.

إقرأ أيضاً:سميح شقير:إن عشتَ فعش حراً

وحسب ما قاله في المقابلة مع "هكيباه"، ادعى شورين أنه طلب من نتنياهو أن يقتبس فقرات محددة من التملود خلال خطاباته أمام اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة؛ مشيراً إلى أن نتنياهو استجاب لطلبه وعكف على ترديد هذه الفقرات تحديدا. ويوضح المفكر الإسرائيلي سافي ريخليفسكي أن انتشار أغاني شورين على هذا النحو يكشف التحولات العميقة التي يمر بها المجتمع الإسرائيلي. وفي مقال نشرته صحيفة "هآرتس"، نوه ريخليفسكي إلى أن لا أحد من كبار الحاخامات، وضمنهم أولئك الذين يوصمون بـ "الاعتدال" رفض التنديد بأغاني شورين.
وإن كان لا يوجد هناك مطرب في كيان الاحتلال الإسرائيلي يحث على القتل والانتقام كما يدعو شورين في أغانيه، فإن هناك مطربين آخرين تحث أغانيهم على العنصرية تجاه العرب والتمييز ضدهم، وتحظى برواج واسع. فقد برز من هؤلاء بشكل خاص المطرب الشهير عمير بنيون، الذي تحث أغانيه على العنصرية ضد فلسطينيي الداخل وتدعو للتمييز ضدهم ومنعهم من الحصول على الخدمات. ولعل أبرز أغاني بنيون المتدين التي تحرض على فلسطينيي الداخل أغنية "أحمد يحب إسرائيل"، حيث تتحدث الأغنية عن "أحمد" طالب من فلسطينيي الداخل يدرس في الجامعة العبرية، يحظى بـ"المزايا" التي يحظى بها باقي الطلاب، وبعد ذلك يشارك في عملية تستهدف اليهود في مدينة القدس نفسها. وتحاول الأغنية وصم العرب بشكل عام بصفة "إنكار الجميل" وأن القوة هي الوسيلة الأسلم للتعامل معهم.


وعلى الرغم من أنّ أغانيه تحظى بشكل عام برواج كبير، إلا أن أغنية "أحمد يحب إسرائيل" التي صدرت في ألبوم له منتصف العام 2014 لاقت أوسع رواج. وقد غنى بنيون للمستوطنين المتطرفين الذين يقطنون على أراض فلسطينية سليبة في الضفة الغربية. وقد تغنى بنيون بشكل خاص بمستوطنة "إيتمار" التي يقطنها أكثر المستوطنين اليهود تطرفاً في أكثر من أغنية. وبخلاف شورين، فإن أغاني بنيون تحظى برواج في كل الأوساط، وضمنها العلمانية والمحافظة، حيث غطت أغانيه أغراضاً عدة، ضمنها الأغاني العاطفية.

ونظراً لمكانته الكبيرة فقد اختاره نتنياهو وزوجته سارة لإحياء الحفل الذي نظمته العائلة بمناسبة فوز الليكود بالانتخابات التشريعية التي نظمت مطلع العام الجاري، وذلك في منزل العائلة. وإلى جانب بنيون، هناك المطرب آرييه زيبلر، الذي بدأ حياته كمطرب وممثل علماني، شارك في تمثيل عدد من الأفلام، وأدى أغاني تتناول المرأة والشرب وغيرها.

إقرأ أيضاً: الأغنية "الميري".. للنفاق دُر

المساهمون