"مُنع في سورية"... تراجيديا الواقع

"مُنع في سورية"... تراجيديا الواقع

26 يونيو 2015
من "منع في سورية"
+ الخط -
بعد اصطفاف أغلبية الوسط الفني في سورية إلى جانب النظام، وبأحسن الأحوال الصمت، أو تسويق بعضهم عبر الدراما أنّ ما يجري "أزمةٌ تستدعي إصلاحاً"، ظهر "مُنع في سورية"، وهو مجموعة سكيتشات منفصلة، تعتمد الكوميديا السوداء، تحاكي الواقع السوري بطريقة نقدية، وتسّلط الضوء على الأمل الموجود في المناطق التي تحرّرت من سيطرة النظام السوري، كما تنقل معاناة سكان مناطق سيطرة النظام وتوقهم للحرية والعدالة الاجتماعية.

يقول كاتب العمل حافظ قرقوط لـ"العربي الجديد" إن "العمل عبارة عن لوحات "اسكيتشات" رغبنا أن تصل للمشاهد بدون فبركات أو تكلف، وتشبه الواقع السوري الذي انطلق بثورة عفوية، تطورت شيئاً فشيئاً من خلال بناء قوتها الذاتية، حاولت تلك الأفكار تغطية شيء من اليوميات التي يعيشها السوري، إنْ كان تحت قبضة النظام أو في المناطق المحرّرة، وذلك بحلقات تحوي كل منها على لوحتين أو 3 ثلاث، ولم توارب ولم تلطّف نفسها للمرور من خلال الرقابة التي اعتادتها الأعمال الفنية".

ويقول قصي حياني مدير "شركة لمبة للإنتاج الفنّي": "المسلسل يوثق هذه المرحلة المهمة من تاريخ سورية، وكيف يتعايش الشعب السوري مع المتغيرات السريعة التي تحصل في ظلّ الحرب، ويسعى العمل إلى توجيه رسالة للعالم لدفعهم إلى التعامل مع القضية السورية بجدية".

مهمّة مستحيلة
واجه فريق العمل الكثير من المشاكل والتحديات، خاصة أنّ التصوير تمّ في الداخل السوري، فحلب على سبيل المثال التي تعتبر من أخطر مدن العالم، تجوّلت الكاميرا في حاراتها التي تتعرض للقصف والبراميل ورصاص القنص، ولطالما تم الانتقال من شارع إلى آخر بسبب برميل أو قذيفة، وقد نجا الفريق أكثر من مرة من الإصابة، عدا عن ذلك ولأن الفريق هو ابن الثورة ومتأثر بأوجاعها، فكانت جنازة شهيد في مكان قريب، تؤثر على المشاعر، وتشحنها من خلال الألم الذي يتشاركه الجميع، فيؤجل التصوير، إضافة إلى عدم توفر الكهرباء للأجهزة المختلفة مع مشاكل التنقل والاتصالات وغيرها، وهكذا كان التصوير هو ابن دراما الحياة بحدّ ذاتها.


ويذكر قصيّ حياني بعض المواقف الصعبة التي تعرّض لها فريق العمل: "واجه كادر التصوير والممثّلون إطلاق مدافع 23 أثناء التصوير وقصف برميل متفجر، وأحد اللوجستيين كسرت ذراعه، أيضاً تعرّض مكان إقامة ومنامة فريق العمل لقصف من قبل النظام بصاروخي فيل، أكثر من مرّة، كما صورت إحدى الحلقات في بناء مرصود بالقناصة من الجانبين، وضمن منزل مهدّم وشرفة تحتمل السقوط في أي لحظة".

ويرى قرقوط أنّ "شجاعة الممثلين الشباب هي ما يميز انتاج العمل، وخاصة مع حسرة في النفوس وسببها سؤال يقول، أين سيعرض العمل وأية قناة ستكترث لأعمال الثورة مقابل أعمال النظام الممولة والمرعية والمضمونة التكاليف والعرض، وهنا تكمن إشكالية جديدة حيث مازالت وسائل الإعلام تنظر إلى هؤلاء الشباب على أنهم ناشطون، ويعملون باجتهادات غير مدروسة".

مسلسل "منع في سورية" هو ضمن حالة التأسيس لمساحة حرّة بالدراما المنتمية للثورة ويتطلع فريق العمل لتطويره واستمراريته، لم يستثنِ العمل أية جهة، تكلم عن الفساد في الثورة وبعض منظماتها المستحدثة، وكذلك عن الفساد والإجرام عند النظام.

ويختم كاتب العمل: "الأمل يبقى في أن يحتضن جمهور الثورة هذا العمل وغيره كون الجمهور يدرك حجم المصاعب التي يمكن أن تواجه الفريق، وهذا بحد ذاته سيكون تفاؤلاً بالمستقبل، هي لوحات بكوميديا سوداء، تذهب للهدف مباشرة بلا أية محاذير، كنموذج عن الحناجر الثائرة التي تحدت قسوة النظام وهمجية الظرف المحيط".

إقرأ أيضاً: نجوم سوريون دفعوا ثمن مُعارضة النظام: أين هم اليوم؟

يُذكر أن "لمبة للإنتاج الإعلامي" هي من أوائل شركات الإنتاج التي انطلقت أثناء الثورة السورية حيث تم تأسيسها مع بداية عام 2014 في الجنوب التركي بالقرب من الحدود السورية، وأنتجت مسلسل "أم عبدو الحلبية" و"منع في سورية" بجزأيه وعدداً من المواد الفنية والإعلامية الأخرى، وهو من بطولة: يامن نور، جهاد السقا، لافا مسلّم، روان الصالح، زكريا عبد الكافي، وإخراج هوزان علي.

المساهمون