"نوارة": افتح للظلمة شباكك

"نوارة": افتح للظلمة شباكك

18 ديسمبر 2015
شلبي تستلم جائزة "أفضل ممثلة" عن دورها في "نوارة"(Getty)
+ الخط -

في ليلة لن تكون أكثر جمالاً من تلك الليلة.. كان العرض الأول لفيلم "نوارة" للممثلة منة شلبي والمخرجة هالة خليل في مهرجان "دبي السينمائي الدولي".
مع بداية الفيلم تظهر شلبي على الشاشة بتوهج وانسيابية في تجسيد لدور فتاة من حارة شعبية عشوائية. لكن فجأة أتى ظلام "نوارة" وليس نورها. "نوارة" هي نافذة أخرى تُفتح لكي تجعل الظلام والظلم يصل إلينا، ويصبح نصب أعيننا فنشعر بالجرح الكامن داخلنا، ونحن لا نتألم منه أو ننزعج لوجوده. تبدأ أحداث الفيلم مع انتهاء حكم فترة المخلوع محمد حسني مبارك، و"نوارة" تحمل المياه يومياً في "جراكن" لمسافة طويلة لخوف جدتها من الموت فجأة، من دون أن تجد مياها لتغسيلها. فنجد بين كل مشهد والذي يليه أخبار الأموال المنهوبة وعودتها في الخلفية دائماً.
ورغم كل هذا الفقر، مكان الحب محفوظ، فيظهر الصاعد "أمير صلاح" مجسداً دور "علي" خطيب "نوارة" الذي لا يملك سكناً ليتزوجا فيه. على الجانب الآخر من عالم "نوارة" يجلس داخل فيلته في المجمع السكني الفخم الأستاذ "محمود حميدة" الوزير السابق ورجل الأعمال الذي نهب كثيراً من ثروات مصر الخاصة والعامة، وزوجته (شيرين رضا) وابنته (رحمة حسن)، الذين تركوا الفيلا لـ "نوارة" خادمتهم الخاصة، والخاصة جداً، هاربين إلى لندن بعد الثورة.. أما "نوارة" التي ترى ولا تملك، تعتصر في ثلاث وسائل مواصلات لتصل إليهم لخدمتهم. فبين الغنى والفقر، السيارات الفارهة والمواصلات المكتظة بغبارها العارم الثائر حولها، تبقى نوارة صامدة، لنشاهد "بنت الحلال" التي لم يؤثر فيها قاع الفقر (بيتها)، وقمة الثراء (عملها). وهذه عبقرية "هالة خليل" مخرجةً وكاتبةً قبل "منة شلبي" ممثلةً.  

الفيلم حالة وجع وسرد منطقي لثورة قامت ولم تجد مقعداً للجلوس عليه، ثورة قامت لعدالة لم تتحقق بعد، فيأتي مشهد النهاية أكثر ألماً من المتوقع .. خاصة على أصحاب وعشاق النهايات السعيدة التي تنتهي بعريس وفرح وكوشة وزفة.

أما "نوارة" فينتهى بها الأمر وهي مكبلة بالأساور الحديدية داخل عربة الشرطة لاتهامها بسرقة مبلغ مالي أثناء جرد ومصادرة الحكومة لمحتويات الفيلا. أما "علي" خطيبها يسير وراءها بدراجته البخارية، لتنزل كلمة النهاية مصحوبة بواقع أن السارق يعيش ويهرب دائماً، فيما يمسك "ابن الحلال" فيجد نفسه داخل زنزانة من أربعة حوائط لا يستطيع أن يجلب محاميا ليدافع عنه. أخيراً.. أحياناً رؤية الوجع تفيد أكثر من رؤية الفرح المزيف. وأفضل من رؤية "بشرات الخير" التي لا نجد خيرها وتحصرنا شرورها. 

اقرأ أيضاً: أفلام منتصف العام في مصر جاهزة

دلالات

المساهمون