محاربة العربية

محاربة العربية

14 يونيو 2015
إلغاء تدريس اللغة وسيلة لمحاربة عرب الداخل (مناحيم كاهانا/ا.ف.ب)
+ الخط -
تشير الإحصاءات الأخيرة في فلسطين إلى أن عدداً قليلاً من الطلاب اليهود بات يقبل على تعلم العربية، في ظل استخفاف واضح من وزارة التعليم الإسرائيلية بهذه اللغة، التي تعتبر اللغة الثانية من حيث التداول في الكيان. وحسب المعطيات التي تقدمها وزارة التعليم، فإن ستة آلاف فقط من أصل 400 ألف طالب يهودي في المدارس الثانوية يتعلمون العربية، وهو ما يمثل 1.5% من إجمالي عدد الطلاب. وعلى الرغم من أن وزارة التعليم تفرض تعلم لغة أجنبية ثانية إلى جانب اللغة الإنجليزية، فإنها تركت للطلاب حق الاختيار بين اللغتين العربية والفرنسية.

وقد حرص وزير التعليم السابق الحاخام شاي بيرون، الرجل الثاني في حزب "ييش عتيد"، على إدخال تعديل أسهم في تراجع مكانة اللغة العربية في المدارس، حيث أعفى الطلاب الذين يدرسون اللغة العربية في المدارس الإعدادية من الاختبار بها في امتحان "البجروت" الذي يوازي امتحان الثانوية العامة، وهذا ما جعل الطلاب لا يتعاملون مع اللغة بجدية.

وأكثر ما يبرز الاستخفاف باللغة العربية حقيقة عدم اهتمام الجامعات الإسرائيلية بتقديم مسارات أكاديمية لإعداد مدرسي اللغة العربية. فعلى الرغم من العدد الكبير نسبياً من الجامعات والكليات الجامعية، فإن كلية "بيت بيرل" فقط تمنح مساراً أكاديمياً لإعداد مدرسي اللغة العربية، وهو ما جعل من الصعوبة بمكان إيجاد مدرسين جدد للغة العربية. وتنقل الصحافية رويطال بلومنفيلد عن إحدى مدرسات اللغة العربية قولها: "لا نعرف لماذا يتم التعامل باستخفاف مع تدريس اللغة العربية على الرغم من أهميتها الأمنية، على اعتبار أن إتقان الطلاب لها يسهم في تقدمهم في السلك القيادي في الجيش والاستخبارات".

وفي تحقيق نشره موقع "وللا" بتاريخ 2/6، تنقل بلومنفيلد عن سجليت ليفي، وهي مدرسة تدرس اللغة العربية منذ 17 عاماً، أن التوجهات العنصرية لدى الطلاب تجاه العرب تلعب دورها في ثنيهم عن تعلم اللغة العربية. وتنقل بلومنفيلد عن باتيا بار طوب، التي تدرس اللغة العربية منذ 30 عاماً، إشارتها إلى أن تراجع فرص تحقيق تسوية للصراع كان له دور كبير في تراجع اهتمام الطلاب وذويهم بتعلم اللغة العربية.

ويأتي تراجع الاهتمام باللغة العربية على الرغم من أن قادة الجش والاستخبارات يحثون على الاهتمام بها بسبب إسهام ذلك في تعزيز "الأمن القومي"، حيث إن معظم المسارات المهنية في جميع الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية تقوم على إتقان اللغة العربية. ويعتبر إتقان العربية متطلباً أساسياً لإعداد العاملين في شعب تجنيد العملاء في أجهزة: الموساد والمخابرات الداخلية "الشاباك" وشعبة الاستخبارات العسكرية "أمان"، والعاملين في وحدة التنصت الإلكتروني "وحدة 8200"، فضلاً عن أن معظم العاملين في مراكز الأبحاث التابعة للاستخبارات ووزارة الخارجية مطالبون بإتقان اللغة العربية.

وقد كشفت صحيفة "معاريف" مؤخراً النقاب عن أن ضباطاً كباراً من "أمان" يقومون بزيارة المدارس الثانوية ويحثون الطلاب على اختيار تعلم اللغة العربية بسبب أهمية ذلك في تسهيل عمل الاستخبارات والجيش. المفارقة، أنه في الوقت الذي يتم فيه الاستخفاف بالعربية، فإن وزارة التعليم الصهيونية تمنع الطلاب من فلسطينيي الداخل من استيعاب ثقافتهم القومية وتراثهم وتقاليدهم الوطنية. وقد دفع هذا الواقع النائب أيمن عودة، رئيس الكتلة العربية الموحدة في الكنيست، الأسبوع الماضي إلى الإعلان عن نيته تقديم مشروع قانون يلزم طلاب المدارس الثانوية في الوسط اليهودي بدراسة اللغة العربية، علاوة على مطالبته بضرورة السماح بتدريس الطلاب الفلسطينيين تراثهم القومي والوطني.

إقرأ أيضاً: لغة الفلسطينيين تقاوم الاحتلال الإسرائيلي

وعلى الرغم من الحماسة التي يبديها عودة لهذا المقترح، فإنه في ظل موازين القوى داخل البرلمان الحالي، لا يوجد أدنى فرصة لتمرير مشروع القانون. ويذكر أن ممثلين عن معظم الأحزاب والحركات اليمينية قد قدموا في الكنيست السابق مشروع قانون ينص على إلغاء المكانة الرسمية للغة العربية. وقد أدى تقديم موعد الانتخابات التشريعية إلى تأجيل التعاطي مع هذا المشروع الذي من المتوقع تقديمه من جديد.

ويشير الباحثان أمنون باري وثابت أبو الروس إلى أن الحماسة لإلغاء مكانة اللغة العربية تعكس وجود تيار سياسي قوي داخل إسرائيل يرى في تغييب فلسطينيي الداخل مطلباً أساسياً لتعزيز قوة المجتمع ومنعة الدولة. وفي مقال مشترك نشرته صحيفة "يديعوت أحرنوت"، نوه باري وأبو الروس إلى أن معظم النخب اليمينية ترى في المسّ بالعرب ولغتهم وثقافتهم أداة لتوحيد اليهود.



المساهمون