مصادرة الخيال... تضييق مساحة الإبداع في مصر

مصادرة الخيال... تضييق مساحة الإبداع في مصر

10 مارس 2018
تشارك دلال عبدالعزيز بطولة مسلسل "سابع جار" (Getty)
+ الخط -
خلال الأيام القليلة الماضية، وبالتزامن مع القبضة الأمنية الشرسة على المجال العام، صدرت عدة قرارات متعلقة بأعمال فنية، بدءًا من التلاعب بالعمل الفني، مرورًا بصدور قرارات الضبط والإحضار، وصولًا للمحاكمة العسكرية.

وفي هذا السياق، لا يمكن تجاهُل البلاغات الثلاثة التي تقدم بها المحامي، سمير صبري، إلى النائب العام المصري، ونيابة أمن الدولة العليا، والمدعي العام العسكري، ضد الفنان رامي عصام، لإطلاقه مؤخراً أغنية "بلحة" التي اعتبرها "مسيئة للرئيس عبدالفتاح السيسي"، وضد صاحب ديوان "خير نسوان الأرض"، الشاعر جلال البحيري.

وأما عن التلاعب بطبيعة العمل الفني، فقد كشفت عنه مخرجات مسلسل "سابع جار" المصري، الذي تنتجه قناة "سي بي سي" الفضائية المصرية، حيث أصدرن بيانًا موحدًا أعلنّ فيه "رسالة إلى جمهور سابع جار الأعزاء.. نود إبلاغكم باسمنا فقط نادين خان، وأيتن أمين، وهبة يسري، بأن ما عُرض في حلقات سابع جار بدءا من الحلقة رقم 20 تم مونتاجها من قبل القناة وتغيير بداية الحلقات ونهايتها، وإضافة مشاهد من الحلقات السابقة دون الرجوع للمخرجين وللكاتب، مما أضرّ بالسياق الدرامي وبحقوقنا الأدبية والفنية".



جاء هذا البيان الموحد على خلفية قيام cbc بعرض حلقات مجمعة من الجزء الأول مع بداية كل حلقة جديدة في الجزء الثاني، تتضمن جزءًا كبيرا من مشاهد الحلقة، إلى جانب اقتطاع أجزاء من الحلقات.

مسلسل "سابع جار"، من تأليف هبة يسري، التي تشارك في الإخراج مع أيتن أمين ونادين خان، ومن بطولة دلال عبد العزيز وشيرين وهاني عادل ورحمة حسن وأسامة عباس وهيدي كرم وسارة عبدالرحمن ومحمد علاء ودعاء حجازي وصفاء جلال وأحمد داش، وإنتاج The Producers.

وأما عن صدور قرارات الضبط والإحضار، فكانت خاصة بصناع فيلم "سالب 1095 يوم"؛ حيث قررت نيابة أمن الدولة، ضبط وإحضار سلمى علاءالدين الناشطة في "حركة 6 إبريل" وحبس المونتير طارق زيادة 15 يوماً على ذمة التحقيق لإنتاجهما فيلمًا تسجيليًا بعنوان "سالب 1095 يوم" بحجة نشره "الأكاذيب ضد الدولة".



الفيلم يحكي عن فترة حكم الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وظهر فيه عدد من المتحدثين الرئيسيين كل منهم يحكي في مجاله عن فترة حكم السيسي، ومنهم عضو "حزب الدستور" المصري حمدي قشطة، والناشطة الحقوقية عزة سليمان، وأستاذ العلوم السياسية عبدالخالق فاروق، وعضو "ائتلاف شباب الثورة" سابقًا شادي الغزالي حرب، والناشط السياسي مازن حسن، ومسؤولة ملف المرأة في "حزب العيش والحرية" إلهام عيداروس، والسفير معصوم مرزوق، والمهندس الاستشاري والناشط السياسي ممدوح حمزة، والكاتب الصحافي وعضو مجلس نقابة الصحافيين عمرو بدر، ومؤسس "حركة شباب 6 إبريل" أحمد ماهر، والنائب محمد أنور السادات.

وبالفعل تم حبس المونتير طارق زيادة 15 يومًا، وضبط وإحضار المخرجة سلمى علاءالدين، للتحقيق في اتهامات "بث أخبار كاذبة" من خلال فيلم تسجيلي بعنوان "سالب 1095 يوم" يتناول تصريحات لعدد من المعارضين "بشكل سلبي"، بحسب النيابة.

وأما بشأن المحاكمة العسكرية، فقد قررت النيابة العسكرية في مصر حبس مخرج ومؤلف أحد العروض المسرحية، أحمد الجارحي، لمدة 15 يوماً بعد توجيه اتهامات بـ"إهانة الجيش المصري" خلال العرض الذي استمر يومين.



كما أمرت بحبس أعضاء اللجنة الثقافية في النادي 45 يوماً على ذمة التحقيقات وكذلك اثنين من أعضاء النادي أمدّوا الفرقة بملابس عسكرية، بتهمة حيازة ملابس عسكرية وإهانة الجيش. عُرضت مسرحية "سليمان خاطر" على مسرح ملحق بأحد الأندية الرياضية وهو نادي الصيد لثلاثة أيام منتصف فبراير/شباط الماضي.

وتتناول المسرحية التي عُرضت من قبل في أحد قصور الثقافة التابعة للدولة في مدينة الإسكندرية قبل عامين، حياة جندي مصري كان قد فتح نيران بندقيته على سبعة جنود إسرائيليين عام 1985 فأرداهم قتلى، قبل أن تعلن السلطات المصرية انتحاره في محبسه.

جاء قرار الحبس، عقب تقدم المحامي، سمير صبري، ببلاغ لكل من النائب العام والمدعي العام العسكري ضد أحمد الجارحي كمخرج، ووليد عاطف كمؤلف، لعرضهما مسرحية بعنوان "سليمان خاطر" بنادي الصيد، تحمل تهكُّما على الجيش المصري، ودوره في محاربة أعداء الوطن، مطالبًا بإحالة المبلَّغ ضدهم إلى المحاكمة الجنائية.

تجدر الإشارة إلى أن سليمان محمد عبدالحميد خاطر (1961) جندي مصري راحل، يعتبر السبب الرئيسي في تغيير شروط الالتحاق بالأمن المركزي، لأنه كان في كلية الحقوق، ومن بعدها أصبح ممنوعاً تجنيد المتعلمين في قوات الأمن المركزي. قال في محاكمته على خلفية قضية الصراع العربي الإسرائيلي "أنا لا أخشى الموت ولا أرهبه.. إنه قضاء الله وقدره، لكنني أخشى أن يكون للحكم الذي سوف يصدر ضدي آثار سيئة على زملائي، تصيبهم بالخوف وتقتل فيهم وطنيتهم"، قبل أن يصدر ضده حكم بحبسه 25 عامًا مع الأشغال الشاقة المؤبدة.

بعدها شاع أنه انتحر، بينما أكد أهله أنه قُتل، وخرجت مظاهرات تندد بقتله. يشار إلى أن المادة "67" من الدستور المصري "تمنع أي عقوبة سالبة للحرية ضد المبدعين بسبب علانية منتَجهم الفني".

المساهمون