الخريطة النهائية: العابرون إلى مواقع التصوير

الخريطة النهائية: العابرون إلى مواقع التصوير

23 ابريل 2020
يعود عادل إمام إلى قواعده في "فالنتينو" (فيسبوك)
+ الخط -
لم تكن الدراما العربية بمنأى عن انتكاسة انتشار فيروس كورونا بداية فبراير/شباط الماضي، لكن حال المنتجين العرب لم يأبه بداية لهذا المُستجد، الذي رمى بثقله على الصين، ثم اتخذ من العالم ساحة للقتال. في ظل غياب اللقاح الذي يوقف أو يحدّ من انتشار فيروس كورونا، لم يكن أمام السلطات إلا دعوة الناس إلى إلغاء اللقاءات الاجتماعية والتجمعات، وإقفال معظم المصالح والمشاريع، والإقامة ضمن الحجر المنزلي أو أماكن الإقامة لمدة يبدو أنها طويلة، لكنها تحدّ من انتشار المرض، ومعالجة معظم المصابين. 

ما كاد ينتهي موسم الدراما العربية 2019 حتى سارع معظم المنتجين للتوقيع على مشاريع أو مسلسلات جديدة بسرعة، لكن ما حصل في الصيف الماضي من اتفاقيات، نُسف في الخريف، وأهملت شركات الإنتاج السؤال عن المباشرة في التصوير، متخذة من السنوات السابقة دليلاً على اجتياز مرحلة التصوير في الشتاء والدخول إلى الموسم براحة. بعد انتهاء عرض الموسم الفائت، تأخر عدد كبير من الكتّاب في تسليم "الورق" أو النصوص إلى شركات الإنتاج، من دون أسباب وجيهة، وهذا ما كان سببًا رئيسيًا في الانتكاسة التي أصابت الدراما العربية المُشتركة والإعلان عن تأجيل مجموعة من المسلسلات التي وُضعت على الخارطة، ودفعت أتعابها سلفًا. في المحصلة، لم يكن أمام شركات الإنتاج بعد الأول من مارس/آذار الماضي إلا الدخول في متاهات، ودهاليز ضربت الموسم الدرامي الأقوى. المنتجون اللبنانيون كانوا الأكثر ضياعًا في البحث عن مخرج بعد إعلان الحكومة عن حالة الحظر التي منعت التجمعات، وطلبت من معظم الناس الالتزام في المنازل تفاديًا للإصابة بفيروس كورونا. صمْت وترقّب سادا في الأسبوعين الأولين.

أسبوعان كانا بمثابة "الذروة" في مرحلة التصوير التي وصلت إلى المنتصف، بعدما اعتمد عدد كبير من المخرجين على بيروت لتصوير المسلسلات هذا الموسم. أكثر من سبعة مسلسلات، عاشت أيامًا صعبة في بيروت، "الهيبة" و"الساحر" و"النحات" و"دانتيل" و"أولاد آدم" و"2020" و"سكر زيادة". جميع هذه المسلسلات كانت تصور في بيروت، واستعانت بمجموعة كبيرة من الخبرات الخارجية، لجهة المخرجين وحتى فريق العمل. دخلنا العشر الأخير من مارس/آذار الماضي، وبدأت الأخبار تتواتر على أن القاهرة تابعت تصوير مسلسلاتها الرمضانية بطريقة عادية، وقد عُقمت أماكن التصوير، وتقلص فريق العمل إلى ثلاثة أفراد، ليتم تجهيز الاستديوهات وإكمال العمل كالمعتاد. تنبه الممثلون اللبنانيون لهذا الغرض، وطالبوا في الأسبوع الأول من الشهر الحالي بالعودة إلى التصوير ومتابعة المسلسلات كالمعتاد، والأخذ بعين الاعتبار الرعاية، والعناية الطبية داخل "االلوكيشن" وصل بعضها إلى إجراء فحص كورونا قبل الدخول إلى مواقع التصوير.


وفعلاً، حاول المنتجون الاختصار من السيناريو واستبدال أحداث من دون العودة إلى الكتّاب، كما هو حال مسلسل "أولاد آدم" الذي خرج بأقل خسائر ممكنة من فكرة تأجيله، وبالتالي لم يعلق الكاتب رامي كوسا، بل كان هدفه كما المنتج الانتهاء من التصوير تفاديًا للخسارة المحتومة التي تترتب على تأجيل المسلسل للموسم المقبل، فيما وقع بعض المخرجين في أزمة حقيقية تمثلت في قلب المشاهد والأحداث، وإنعاش ذاكرة المشاهد بشيء من الواقعية كي لا تظهر أو تنعكس عملية البلبلة على المسلسل بالصورة النهائية، وهذا ما يمكننا ترقبه خلال مرحلة العرض التي تبدأ اعتباراً من اليوم.

لم يكن الموسم الدرامي الماضي ورديًا.
الدراما العربية تدور في دوامة "الريتنغ" والمصالح الضيقة. الدراما اللبنانية في حال من الركود الواضح بسبب حصر الأعمال بكاتب أو كاتبة فقط، وبالتالي أصبح في حكم المستحيل أن تخرج هذه الدراما من عالمها الخاص الذي يشبه كل شيء عدا الواقع اللبناني المفترض أن تخرج منه باتجاه أفق جديد يشد من عزيمتها ويجعلها منافسة خارجيًا. عانت الدراما اللبنانية في رمضان وخارج الموسم من حال تنميط واضح لمجموعة القصص والأحداث التي تم نقلها إلى المشاهد، والتي تكاد لا تشبه واقع المجتمع اللبناني. وجاءت انتفاضة 17 أكتوبر لتزيد الطين بلة، وتضع معظم الأعمال اللبنانية التي كانت ستعرض في الخريف في "الثلاجة" بانتظار كلمة الشارع وعودة وسائل الإعلام من التغطية اليومية لأحداث الانتفاضة ونقل المظاهرات. غابت الدراما اللبنانية محليًا واستعيض عنها ببعض الإعادات المملة التي اجتاحت تلك الفترة خصوصاً مع تراجع المظاهرات في لبنان بسبب فصل الشتاء، واستبشرت المحطات بعودة الوهج إلى رمضان على الرغم من الضائقة المالية، لكنها كانت تعول على ما تبقى من أسلحة تستقدم بها المشاهد إلى الشاشة، وليس أهم من دراما رمضان التي داهمها اجتياح فيروس كورونا، ووصلنا إلى ما نحن عليه اليوم.

في الخليج، يبدو الجدل كبيراً حول مسلسل "أم هارون" الذي تستعد محطة MBC لعرضه هذا الموسم، وهو من بطولة حياة الفهد وإنتاج شركتها إضافة إلى شركة إماراتية. ويروي العمل قصة امرأة يهودية عاشت بين العراق وإيران واستقرت في البحرين وتعمل على توليد النساء. حكاية يقال إنها حقيقية وتنقل وجود بعض الأسر اليهودية في منظقة الخليج، ما أثار جدلاً على مواقع التواصل الاجتماعي بين مرحب ورافض للفكرة.
الدراما الخليجية أنقذت نفسها من الفيروس المُستجد هذه السنة، وهناك مجموعة من الأعمال المنجزة. "مانوكان"، مثلاً، يطرح قضية اجتماعية في إطار كوميدي درامي، الثيمة الرئيسية تدور عن الصراع الأزلي بين المرأة والرجل ومدى توافقهما في الحياة. العمل من تأليف مريم نصير وإخراج هيا عبد السلام التي تلعب فيه دور البطولة أيضاً، إلى جانب أسمهان توفيق.
"جنة هلي"، عائلة تحيط بها ظروف اجتماعية، تضعها أمام امتحانات صعبة، بطولة سعاد عبد الله وإبراهيم الحربي ولمياء طارق، من إخراج أحمد المقلة. "خاشع ناشع"، من المسلسلات التراثية الكوميدية، إنتاج الإمارات، وإخراج عمر إبراهيم وبطولة عبد الله زيد وجمعة بن علي. تدور أحداثه أواخر الستينيات في قرية مطلة على البحر، وكيف تحضرت نحو التطور. "الشهد المر" صراع الزواج بأكثر من امرأة ومحاولة استمالة الزوج. تأليف إسماعيل عبد الله وإخراج أحمد المقلا وبطولة هيفاء حسين وحبيب غلوم وعبد المحسن النمر وجاسم النبهان.
يشهد هذا الموسم عودة الممثل السعودي ناصر القصبي إلى الكوميديا من خلال "مخرج 7" للكاتب خلف الحربي والمخرج أوس الشرقي.



في القاهرة، اختلف الوضع وأنقذ المنتجون المسلسلات من كورونا. تحضر يسرا في مسلسل "خيانة عهد"، ويعود عادل إمام إلى قواعده في "فالنتينو" بعد غياب له الموسم الفائت، كما يحضر محمد رمضان في "البرنس" وكذلك أمير كرارة في "الاختيار" إلى جانب نيلي كريم وآسر ياسين في "100 وش". يأتي الأخير في إطار كوميدي، ما يضع نيلي كريم أمام امتحان صعب بعد سنوات من تفردها بأدوار وحكايات معقدة أفضت بها إلى مكانة متقدمة كممثلة امتازت بخيارات نوعية على صعيد الدراما الموسمية التلفزيونية، وكذلك تحضر دينا الشربيني مجدداً "لعبة النسيان".



سورية أيضاً حاضرة ولو بخجل هذا الموسم، كان من المفترض أن تساند الأعمال الدرامية المُشتركة العنصر السوري على الحضور في البازار الرمضاني بسبب مشاركة واسعة لأبرز المخرجين السوريين والممثلين في هذا النوع من المسلسلات. يغيب تيم حسن بعد ثلاثة مواسم من "الهيبة"، حيث لم تفلت السلسلة التشويقية من كورونا.

وكذلك، يحضر المخرج الليث حجو في "أولاد آدم"؛ عمل لبناني سوري مشترك، والمثنى صبح في "دانتيل". أما على صعيد الدراما السورية، فالواضح أن تحديًا واضحًا خاضه بعض المخرجين السوريين، لكن ذلك لم يمنح المخرج محمد عبد العزيز فرصة الانتهاء من تصوير مسلسل "شيكاغو" فتأجل لما بعد رمضان، ومسلسل "ليالي الشمال" يروي معاناة اللاجئين السوريين من بطولة فراس إبراهيم. ويعود "باب الحارة" في الجزء 11 من إخراج محمد زهير رجب، فيما انتهى المخرج مؤمن الملا من تصوير مسلسل "سوق الحرير" تأليف حنان المهرجي، ويعرض "حارس القدس" إخراج باسل الخطيب، و"مقابلة مع السيد آدم" للمخرج فادي سليم ويروي حكايات عن التجارة بالأعضاء البشرية.

المساهمون