"ميوت".. ضحايا الحروب متشابهون

"ميوت".. ضحايا الحروب متشابهون

10 مارس 2016
صورة من مشروع “ميوت” حرب فيتنام (العربي الجديد)
+ الخط -
قد تبدو ملامح أطفالٍ خائفين، داخل حفرة ترابيّة في صورة فوتوغرافيّة تفصيلاً عادياً. إلا أنّ هذا التفصيل، ستوظّفه السورية، جولي نكازي (22 عامًا)، في مشروعها “ميوت". وسيحمّل المشهد معنى أعمق مما قد يكون في واقعه السوري. المشروع الذي مكّن الفنانة الشابة من التأثير في الجمهور على وسائل التواصل الاجتماعي، لا يزال منذ إطلاقه يحاول مقاربة الحرب، على أنها ليست هدّامة فقط، بل أيضاً، مشروع تفكيكٍ للمدنيين وحيواتهم الشخصية. ففي الاشتغال الفني/ البصري، الذي اعتمدته نكازي، محاولات بسيطة، أشبه بـ "رتوش"، تقدم فيها المدنيين كمرايا للمأساة ومادتها.

ففي "الآرت وورك" المتبع في المشروع، صور مغبشة بصرياً ذات ألوان حادة ومقلقة، تزيد من قساوة المشهد البصري، وتختصر اللون بالحركة والكلام. كما تقول جولي في حديثها لـ"العربي الجديد"، مضيفة "الحالة اللونيّة التي أضيفها على الصورة، وأرفع نسبة التشويش في التقنية الإيحائية، هي تلميح للمتلقي بلحظة سقوط الصاروخ أو القذيفة”. وتوضّح جولي، بأن "المراد من الصورة ليس فقط إبراز الحدث نفسه، وإنما أيضاً تحسّسه. بمعنى، حين تقع القذيفة، علينا أن نسمع صوت وقوعها في الصورة نفسها”.


وتتوسّط الصورة إشارة إخفاء الصوت نهائياً (ميوت)، وهذا ما يشكّل الاسم الأساسي للمشروع، الذي لاقى نقداً من البعض لسببين بارزين. الأول، يتعلق بطريقة تسميته. والثاني، باعتماده على صور التقطت في حوادث من الحربين العالميتين وحرب الفيتنام. وكأنها بذلك تتجاهل، أي نكازي، الحديث عن الحرب السورية. ولكن بالنسبة لها، هدف المشروع هو إخماد صوت الحرب وليس تجاهله. واعتماد المشروع على صور حروب قديمة، هو محاولة للقول بأن ضحايا الحرب متشابهون في كل زمان ومكان. وتؤكد نكازي بأنه لو تمعنا بصور أولئك الضحايا، فسنلاحظ أنها قريبة لصور نشاهدها اليوم في الصحف ونشرات الأخبار. وتشير، أيضًا، بأن مشروعها “واقعي"، و"غير منحاز” لمأساة إنسانيّة على حساب أخرى، فـ "المُعاناة للمدنيين عالمية في كل مكان، وكذلك يجب أن تكون الدعوة لوقف الحرب، دعوة عالميّة”.

ويعد مشروع "ميوت"، أحد المبادرات الفنية التي أطلقتها جولي، وجزءًا من مشروع أوسع تعمل عليه. وتستوحي الفنانة أعمالها الفنية من خلال عملها التطوعي والمدني مع من تسميهم “الناس العاديين”. وتشير إلى أنَّ "التعامل مع أشخاص واقعيين يعانون من أثر النزاعات والحروب، والعيش والتفاعل معهم هو ما ينتج الفكرة الفنية”. إذ أن سبب تفاعل الفنانة اليومي مع الأفراد، من خلال عملها التطوعي، ساهم في تقربها منهم، وفهم هواجسهم ورؤيتهم للمواقف، وطريقة تفاعلهم معها. وتشير، أخيرًا، بأن "الفن ليس مجرد تعبير نخبوي موجه لجمهور لديه ذائقة ما، بل إنه فكرة إنسانية جامعة تدعو الى السلام، وتساعد على فهم الآخر، ويبقى الفنان، في النهاية، وسيطاً بينها جميعاً".

إقرأ أيضاً:لاجئون سوريون في مهرجان كولن التنكري

المساهمون