أطفال حلب... مغنّون رغم الحرب

أطفال حلب... مغنّون رغم الحرب

21 ديسمبر 2017
يمان قصار يتوسط الساهر وحسني (فيسبوك)
+ الخط -
تعيش مدينة حلب السورية، أجواء من الهدوء، بعد عاصفة الحرب التي دمرت لسنوات المدينة القديمة وهجّرت الآلاف من السوريين. الهجرة التي لم تقف عند حدود البحث عن مأوى أو مأكل، بل شملت أيضاً انهيار واختفاء عدد من المواهب الفنية والثقافية للكثير من أبناء المدينة.
يمان قصّار طفلٌ، من مدينة حلب السورية، يُكمل عامه الثاني عشر، تأثر دون شك بأجواء المدينة في الغناء، ويبدو أنه احترف "الطرب" وهو لا يزال في سن مُبكرة. عند البحث عن اسم يمان قصار على موقع غوغل، نجد أنه يغني ويعزف على آلة العود، واللافت أنه يفضّل أغاني كبار الملحنين أمثال محمد عبد الوهاب، وله باع في أسلوب وغناء الموشحات والمقامات والدور التي تُعرف بها مدينة حلب.

قبل أسبوع عرض برنامج "فويس كيدز" الحلقة الثالثة من تجارب الصوت، وأطل قصّار المشترك الأخير في المسابقة التي يحكم فيها ثلاثة من المغنين العرب، نانسي عجرم وكاظم الساهر وتامر حسني. لحظات قليلة فصلت بين دخول يمان قصار في قصيدة "جاءت معذبتي" كانت كافية لاستدارة المدربين الثلاثة، وذهولهم الواضح على الشاشة مباشرة أمام هذه الموهبة، قصّار الذي فضّل الطرب "الصعب" ظهر واثقًا بنفسه، طلب من المدربين الهدوء بعدما تقاتلوا على من يفوز به ويضمه إلى فريقه، فهدأ من روعهم، وعاد فشكر مساعيهم وتعاطفهم المؤثر والذي ظهر واضحاً على محيَّا نانسي عجرم لدرجة أنها أدمعت من حرفية الطفل المتقدم للمسابقة.
صورة لمواهب وأطفال سوريين أصبحت مألوفة في هذا النوع من البرامج. ورغم لعب شركات الإنتاج على عامل الحرب والهجرة، والبحث عن مُتنفس لمواهب هؤلاء عبر تصوير البرنامج بأنه مُنقذ للمواهب الشابة، وأنه سيمنح هؤلاء الفرح متحدياً العذاب الذي يعيشونه، فإن هذه الصورة تشكل نمطاً مستحدثاً مفصلاً على مقاسات الدول العربية التي تعاني الحروب والفقر والعوز. لكنها في المقابل تنقل دون شك تأثر الأطفال بمحيط هذه المدن وتاريخها وتراثها، على اعتبار أن يمان قصّار ليس أول طفل سوري يتقدم لمسابقة لمثل هذا النوع من البرامج. إذ لطالما شاهدنا في السنوات الأخيرة مواهب سورية وصلت إلى أصقاع الأرض مثل جان خليل الطفل السوري الذي تبارى أيضاً في فويس كيدز بنسخته الهولندية أدهش لجنة المدربين في هولندا واستطاع العبور الى نهائيات البرنامج، وهو من مدينة حلب أيضاً. ظواهر لا تبدو غريبة، باتت الفضائيات ومحطات التلفزيون تكشف عنها، وتحملها بكثير من الحماس والتشجيع، رغم الصيد التجاري وعامل الاستعطاف الذي يتخذ من الوضع المأساوي السوري أحياناً سبباً لمحاولة تغليب العاطفة على ما تكتنزه هذه المواهب أو باستطاعتها أن تفجره بعيداً عن أصوات المدافع والقنص والقتل والتنكيل الذي دفع ثمنها الأطفال كما الكبار.


قصة يمان قصّار، تفتح الباب أمام حرمان أطفال سورية من الكشف عن مواهبهم عبر "إعلام" سوري مسيّس بالدرجة الأولى وأسئلة كثيرة حول دور الفضاء البديل أو الآخر في الكشف عن هذه المواهب خلال دقائق معدودة، وجعلَ منهم "مشاهير" يحصدون آلاف المشاهدات ويرسمون أحلاماً لعلّها تتحقق بعد وقت.

المساهمون