كيف بدأت الهجرة الأولى في العالم؟

كيف بدأت الهجرة الأولى في العالم؟

01 يونيو 2015
المهاجرون الأوائل انتقلوا من أفريقيا عبر مصر إلى أوراسيا(Getty)
+ الخط -
كشفت دراسة حديثة النقاب عن مسألة شغلت العلماء لمئات السنين، وتمكّنوا أخيراً من معرفة الطريق التي سلكها المهاجرون الأوّلون، حين توجّهوا في خطواتهم الأولى من أفريقيا إلى مناطق جديدة في الشرق الأوسط وآسيا وأراض جديدة في المعمورة، بهدف استعمارها.
توصّل خبراء الدراسة، عقب إجراء فحوصات الحمض النووي على أشخاص معاصرين، إلى أنّه منذ 60 ألف عام هاجر البشر من أفريقيا عن طريق مصر، وليس عن طريق المرور بالبحر الضحل الذي يفصل إثيوبيا عن شبه الجزيرة العربية، كما أفادت دراسات سابقة.
مسألة البحث وإيجاد براهين حول أي من الطريقين سلك المهاجرون الأوائل، كانت محط جدل ونقاش بين العلماء لفترة زمنية طويلة. بيد أنّ الدراسة الحالية التي أجريت على جينات أشخاص من شمال شرق أفريقيا، أزالت الالتباس القائم، وأظهرت أنّ المهاجرين الأوائل سلكوا الطريق الشمالية عبوراً بمصر وسيناء، وأثبتوا نتائجهم بالأدلّة القاطعة.
قارنت الدراسة بين جينات 100 شخص مصري و125 شخصاً إثيوبياً، وبين جينات أشخاص يقيمون حالياً في أوراسيا (مساحة أرضية مكوّنة من قارتي آسيا وأفريقيا تقع شمال الكرة الأرضية، تشكّلت من نحو 350 مليون سنة بعد اندماج القارات) وأجزاء من أفريقيا.
أكّدت النتائج أنّ طريق الهجرة القديم عبر شبه جزيرة سيناء ومصر، ترك بصماته الجليّة على جينات الشعوب التي تقيم في مصر لغاية اليوم، وفق العلماء.
من جانبهم، قال الأوراسيون الذين يدعمون فكرة أنّ مصر وليس إثيوبيا كانت المحطّة الأخيرة للمهاجرين في القارّة الأفريقية، وذلك قبل بدء هجرة البشرية الأولى من أفريقيا لاستعمار أجزاء أخرى من العالم، إنّ جينات المصريين المعاصرين أكثر تشابهاً مع جيناتهم من جينات الشعب الإثيوبي الموجود في الوقت الراهن.
من جهته، قال الدكتور لوقا باغاني، من معهد "ويلكوم ترست سانغر" (قرب منطقة كامبريدج)، المؤلف الرئيسي للدراسة التي نشرت في مجلة" American Journal of Human Genetics"، إنّه لو افترضنا أنّ المهاجرين غادروا أفريقيا عن طريق الشمال، فينبغي أن تتشابه جينات الشعوب التي تسكن مناطق الشمال حالياً بشكل كبير مع الأوراسيين، أمّا إن غادروا عبر الجنوب عبوراً بإثيوبيا، فلا بدّ أن تتشابه جينات إثيوبيي اليوم معهم أكثر من المصريين.
أكمل باغاني أنّ العلماء احتاروا لمئات السنين بين طريقين جغرافيين معقولين، أحدهما عبر مصر الحالية وسيناء، التي تسمى بالطريق الشمالية وأخرى عبر إثيوبيا ومضيق باب المندب وشبه الجزيرة العربية. وشرح أنّهم بعد أن توصّلوا إلى جمع البيانات الأولى لجينات من أفارقة شمال شرق أفريقيا، لاحظوا بعد التدقيق والسيطرة على الهجرات الحديثة أنّ نسبة تشابه الجينات بين المصريين والأوراسيين أعلى بكثير من تلك الموجودة لدى الإثيوبيين والأوراسيين، ما أفضى إلى تأكيد أنّ مصر وليس إثيوبيا كانت نقطة الوصول الأخيرة للمهاجرين.
في السياق عينه، لفت الخبراء إلى أنّ جينات المصريين المعاصرين أكثر تشابهاً مع جينات أفارقة الشرق منها مع أفارقة الغرب، وتلك النتيجة تلغي احتمالية تأثير الهجرات الحديثة على النتائج.
واعتبر باغاني أنّ اكتشاف أي من الطرق سلك المهاجرون الأوائل مسألة مهمّة جداً، كونها كشفت عن حادثة في التاريخ ترتبط بجذور الشعوب الأوراسية، وعزّزت فهم التطوّر التاريخي لمليارات الأشخاص في العالم.
ما جاء في الدراسة أيضاً، أنّ الشعوب المقيمة خارج أفريقيا انشطرت عن الجينات المصرية منذ 55 ألف عام، أمّا الانفصال عن الجينات الإثيوبية فيعود تاريخه إلى 65 ألف عام، لذلك مصر كانت محطة الهجرة الأخيرة لتلك الشعوب.
اللافت أنّ دراسات جينية سابقة، بحثت في الحمض النووي الذي ينتقل عن طريق الأم، بيّنت أنّ المهاجرين خرجوا من أفريقيا وعبروا إثيوبيا. في المقابل، قال الدكتور باغاني، إنّ الدراسة الحالية ليست في نزاع مع تلك الدراسات، إذ إنّه من المعقول أن تكون بعض الهجرات الحديثة مرّت عن طريق مضيق باب المندب إلى شبه الجزيرة العربية، بيد أنّ الأدلة الحالية قويّة وفيها دلالات قاهرة على جذور الأوراسيين الحاليين. وختم أنّ الباب يبقى مفتوحاً للسؤال حول الهجرات التي أدّت إلى استعمار بابوا غينيا الجديدة وأستراليا منذ تاريخ البشرية القديم.



المساهمون