"أنّابيل" ولعنة البُعد التجاري

"أنّابيل" ولعنة البُعد التجاري

22 يوليو 2019
أنّابيل في ليلة رعب كاملة (فيسبوك)
+ الخط -
مُثيرٌ للاهتمام أن يحقّق "الشعوذة (The Conjuring)"، الذي أنجزه جيمس وان عام 2013، قدرًا كبيرًا من النجاح، دفع منتجيه إلى التفكير في "عالم رعب واسع"، تدور أحداثه حول أرواح وقوى شريرة وظواهر خارقة للطبيعة، بشخصيات رعب تبدأ من الفيلم، ثم تتناسل في قصصٍ منفردة. 

أمر طموح ومليء بالاحتمالات. لكن أفلام السلسة أظهرت أنّ صناعها لا يبذلون أي جهد فني مناسب لفكرتهم، وأنّهم يتخذون الخيارات الأسهل والأقل جودة، اعتمادًا على نجاحٍ تجاري مضمون، نظرًا إلى شعبية السلسلة.

بعد الضعف الشديد في مستويات عديدة في The Nun، الذي أنجزه كورن هاردي عام 2018، وThe Curse Of La Llorona لمايكل تشافيز (2019)، جاء Annabelle Comes Home لغاري دوبرمان (2019)، فأكّد أن هناك دائمًا ما هو أسوأ.


نقطتان اثنتان يُفترض بهما أن تكونا لصالح "أنّابيل": الأولى أنّ الجزء السابق، Annabelle: Creation، الذي حقّقه ديفيد أف. ساندبيرغ عام 2017، جيدٌ بأفكاره المختلفة عن الرعب؛ والثانية أن أفراد عائلة وارين (أبطال Conjuring)، المستمدّين من شخصيات حقيقية، هم أبطال هنا أيضًا.

إلاّ أن هذين الأمرين غير مفيدين إطلاقًا. فبعد تقديم تقليدي لحبكة الفيلم، يضمّ الزوجان إد ولورين وارين الدمية الشريرة أنّابيل إلى قبو مقتنياتهما، الذي يحتوي على الكائنات الشيطانية التي تعاملوا معها. بعد 4 أعوام، أثناء غيابهما عن المنزل للتحقيق في إحدى القضايا، تدخل ابنتهما جودي إلى القبو، وتحرّر ـ خطأ ـ أنّابيل والكائنات الأخرى، فتبدأ ليلة كابوسية في المنزل.

هذا فيلم رعب من النوع الرديء للغاية. نوع يعتمد على الـJump Scares، كأن تنظر الشخصية إلى نقطة ما، ثم تنظر إلى شيءٍ آخر. وعندما تعود إلى النقطة الأولى، يكون هناك تغير مفاجئ وسريع، مصحوب بمؤثّر صوتي عال جدًا، لإحداث صدمة ورعب. ولا مبالغة أبدًا في قول إنّ Annabelle Comes Home سلسلة متصلة من القفزات المرعبة، المتوقعة إلى درجة الملل، من دون حبكة أو قصّة أو تطور أو شخصيات. فقط، هناك ما يحدث داخل منزلٍ مسكون، في ليلة واحدة، بالكليشيهات المتراكمة كلّها، التي يُمكن للمشاهد أنْ يتخيّلها في هذا النوع من الأفلام.

أبوابٌ تُغلق فجأة، وأصوات غريبة تقترب وتبتعد، ومشاهد طويلة في الممرات بإضاءة قليلة، وقفزة مرعبة في كلّ دقيقة، من دون أي جهد في تطوير أفكار مبتكرة، كما فعل ديفيد ساندبيرغ في الجزء السابق، أو خلق شخصيات حية، تتفاعل وتتغيّر مع تجارب تمرّ بها، كما في جزئي Conjuring. الشخصيات هنا مجرّد وعاء لقفزات الرعب، بلا أي ملمح أو حضور أو تغيير.

إلى هذا، هناك فيض من الكائنات الشريرة، الموجودة في قبو المقتنيات، تُزرع عنوة تمهيدًا لأجزاء جديدة في هذه السلسة، في الأعوام المقبلة، من دون أي أثر درامي أو منطق خارج البعد التجاري. ومع تحقيق هذا الفيلم نحو 174 مليون دولار أميركي إيرادات دولية (أضعاف ميزانيته الضئيلة)، فإنّ صنّاعه لن يتوقّفوا ثانية واحدة للتساؤل عن سبب الانحدار الفني للسلسلة. سيستمر هذا الرعب الرديء، الأقرب إلى الأفلام الرخيصة في ثمانينيات القرن الـ20، وسيُعرض في صالات السينما عامًا تلو آخر، وهذا سيء للنوع نفسه، ويُقلِّل من جرأة الابتكار واحتمالاته، طالما أن الجمهور لا يزال يحب الـJump Scares، التي يعرف أنها ستحدث على الشاشة حالاً.

المساهمون