عرض "الجوكر" مستمّرّ رغم المنع: عملٌ بلا حكاية

عرض مسلسل "الجوكر" مستمّرّ رغم قرار المنع: عملٌ بلا حكاية

18 مايو 2020
مسلسل بوليسي يكشف منذ اللحظة الأولى عن المجرم (يوتيوب)
+ الخط -
يبدو أن القرار الذي صدر في اليوم الأول من شهر رمضان، والقاضي بمنع عرض مسلسل "الجوكر"، الذي أنتجته شركة "قبنض" وأخرجه جمال الظاهر، لم يكن جدياً البتة. فالمسلسل حتى اليوم لا يزال يُعرَض على قناة "الشرقية" العراقية، وحلقاته تُبَثّ يومياً على قناة شركة قبنض على "يوتيوب"، رغم التصريحات والانتقادات التي تبادلها مالك الشركة المنتجة، عضو مجلس الشعب، محمد قبنض، مع وزارة الإعلام، والتي مرت كالزوبعة في فنجان، دون أن تترك أي أثر يذكر، باستثناء بعض الأسئلة التي بقيت معلّقة. وفتحت هذه الحادثة الأسئلة عن الأسباب وراء قرار المنع، ورافقتها تخمينات بأن تكون مسرحية حرب التصريحات جرت لأهداف ترويجية! وبعدها، بدأت الأسئلة عن سبب عرض المسلسل في نهاية المطاف، ورافقها تأييد واسع لقرار المنع الذي كان من الأجدى تطبيقه. فاليوم بعد أن وصلنا إلى الثلث الأخير من مسلسل "الجوكر"، بات بإمكاننا أن نجزم بأن مسلسل قبنض البوليسي الجديد، هو واحد من أسوأ سقطات الدراما السورية.
هناك عرف غريب كان سائداً في الدراما السورية قبل عشرة أعوام، يعاد تطبيقه اليوم في مسلسل "الجوكر"؛ حيث تشير شارة المسلسل إلى أن بطل العمل هو الممثل الأكثر شهرة ونجومية، بغضّ النظر عن عدد مَشاهده في المسلسل أو محورية دوره. وهو أمر من الممكن أن نلحظه في العديد من المسلسلات القديمة، منها "على طول الأيام" الذي يضع اسم أيمن زيدان في الواجهة على حساب بطل المسلسل الحقيقي، تيم حسن، الذي لم يكن يتمتع بذات النجومية حينها. ولكن لم يسبق أن أسندت البطولة في مسلسل بحسب شارته إلى ممثل، قبل أن نشهد هذا الأمر مع الممثل وائل رمضان في مسلسل "الجوكر". فوائل رمضان الذي يتصدر اسمه شارة "الجوكر" يلعب دوراً هامشياً في المسلسل. فهو مدرس في الجامعة التي تحولت إلى رقعةٍ، يمارس فيها قاتل متسلسل جرائمه، وليس له علاقة بالحدث، لا من قريب أو بعيد. لكن الأمر الأكثر غرابة في هذه الزاوية، تعامل صنّاع المسلسل مع وائل رمضان كنجم، وكاسمٍ قادر على التسويق للمسلسل، كما كان يجري التعامل في السابق مع جمال سليمان وأيمن زيدان وبسام كوسا.

وبعيداً عن الإطارات المحيطة بالمسلسل، فإن العمل بحدّ ذاته يعتبر كارثة بجميع المقاييس، فهو مسلسل بوليسي يكشف منذ اللحظة الأولى عن المجرم ليقتل التشويق. ويتحدث عن قاتل متسلسل لا يتمتع بأي مزايا خارقة، وتحاول مجموعة من الطلاب المندفعين والمغفلين أن يوقعوا به من خلال لعبة الجوكر، التي تُوزَّع فيها أوراق الشدة فيما بينهم، ليكون حامل ورقة الجوكر هو "الطُّعم" الذي سيجاذف بحياته لاستدراج القاتل بغية كشف الحقيقة. لكنّ تنفيذ هذه الخطة يجري بعشوائية بلهاء، تمكن القاتل في كل مرة من الوصول إلى الضحية بسهولة، دون أن يساهم تكرار مشاهد القتل وازدياد عدد الضحايا، بتكوين أي صور أو احتمالات عن القاتل.
وبالإضافة إلى ذلك، يتفنن صنّاع المسلسل بإضاعة الوقت، من خلال ملء الفراغات بقصص حب دون طعم أو لون، التي تؤديها مجموعة من الشباب الجدد، لا يتمتع أي منهم بموهبة تجعله يستحق لعب دور رئيسي في مسلسل، أياً كان نوعه. بل إن إضاعة الوقت تتعدى الهوامش لتدخل في القضية الرئيسية. فالتحقيق في كل قضية يجري من خلال مشهد صامت طويل جداً، نرى فيه المحقق (جوان خضر) يجلس في مكتبه ويستمع إلى إفادات جميع طلاب الجامعة! ولكن في الحقيقة، هذه المشاهد الصامتة لا تشكل أي فرق، فكل ما نتابعه في المسلسل لا يمكن وصفه إلا بالفراغ ومضيعة الوقت.

دلالات

المساهمون