إعلاميون لبنانيون على "لنا": كيف ينخفض سقف الحرية فجأة؟

إعلاميون لبنانيون على قناة "لنا": كيف ينخفض سقف الحرية والأداء فجأة؟

20 يونيو 2020
هشام حداد في برنامج "لهون وبس" (LBCI)
+ الخط -
كيف يمكن أن يغيّر إعلامي أسلوب عمله بين قناة وأخرى، هذا إذا ما اعتبرنا أنّ من المنطقي ظهور مقدم برامج تلفزيونية في قناتين بذات الوقت؟ هذا ما فعلته قناة "لنا" السورية، حين اعتمدت للعام الثالث على التوالي على استقدام مذيعين لبنانيين إلى مساحتها البرامجية، فارضة بذلك على الجمهور السوري المحلي متابعة برامج ترفيهية يقدمها إعلاميّون لبنانيون. ورغم دفاع البعض عن خيار "لنا"، بأن الأسماء اللبنانية في التقديم أكثر كفاءة من السورية، وهذا من شأنه أن يرفع من سوية البرامج، حضر رأي آخر يرفض تعويم الإعلام السوري في المرحلة الجديدة، عبر إقصاء إعلاميين يستحقون الظهور على الشاشة. وبذلك تؤدي "لنا" دوراً سلبياً لا يقل عن دور النظام السوري في إقصاء أسماء بارزة في الإعلام، فقط لأنها عارضته.

هشام حداد: السقف المنخفض
كان قرار قناة "لنا" بتوقيع عقد مع مقدم البرامج، هشام حداد، خطوة مثيرة للجدل، لأنَّ هشام هو خارج نطاق قناة "الجديد" حيث تعاونت "لنا" مع عدة إعلاميين من القناة، كذلك فإنَّه يمتلك برنامجاً تلفزيونيّاً جماهيريّاً في لبنان، هو "لهون وبس". لكن المعادلة تغيرت حين قررت "لنا" إحضار هشام إلى شاشتها. وهنا بدا الفارق واضحاً بين سقف الرقابة الذي يطرحه هشام في برنامجه الناقد على شاشة LBCI، والبرنامج الترفيهي الحواري على "لنا" الذي يحمل اسم "راحت علينا". هشام على القناة اللبنانية سليط اللسان، يتحدَّث بنقد لاذع للوضع السياسي المحلي يرصد الفساد، يعلّق على الزعماء ويهاجم الظواهر الخاطئة في الإعلام اللبناني، ويحرج الفنانين الضيوف كثيراً، ما يصنع "ترند" على مدى طول الحلقة. أما هشام ذاته على قناة "لنا" في "راحت علينا"، فهو مذيعٌ يتّسم بالوقار، يحاور فناناً بشكل هادئ في حوار كلاسيكي، تضاف إليه "رشّة" من الكوميديا، وضمن فقرات تبتعدُ عن الصِّداميّة.

طوني بارود.. من أجل ربح أكبر
عاد الإعلامي اللبناني، طوني بارود، إلى الشاشة كمقدم برامج مسابقات ضمن "محلولة"، الذي انطلق منذ بداية رمضان الفائت كبرنامج مسابقات على الهواء مباشرة في أول تجربة حيّة للقناة. ورغم الأرقام الضخمة للجوائز التي يقدمها طوني، لكنها لم تُكسِب البرنامج جماهيرية كبيرة، خاصة مع المزاج العام السائد للجمهور السوري، والضعف الهائل في إعداد البرنامج الذي يخلو من أي محتوى منوع أو تشويق في صيغة المسابقة، بل يعتمد على الأسلوب الكلاسيكي القديم جداً لهذه النوعية من البرامج، وكأنه برنامج يُصوَّر في السبعينيات مع فارق وجود شاشات إلكترونية في الخلفية. في المُقابل، أطلّ طوني، أخيراً، عبر برنامج "كمشتك" على قناة MTV اللبنانية، الذي تأجل عرضه عدة أشهر بسبب الأوضاع في الشارع اللبناني. ويحمل البرنامج صيغة مسابقات بين فريقين من المشاهير، بطابع ينسجم مع وسائل التواصل الاجتماعي والمسابقات المبتكرة، فضلاً عن عرض بعض الرسائل الجنسية لدغدغة مشاعر المشاهدين عبر اللعب على إيحاءات مثيرة، في استنساخ واضحٍ لتجربة "نقشت" التي قدمها فؤاد يمين قبل عامين.

تمام بليق: الحديث اللائق هنا فقط
وحضر الإعلامي، تمام بليق، على "لنا" خلال الشهور الفائتة ضمن برنامج "لازم نحكي" مع مشاركة الفنانة السورية رنا شميس في التقديم. وكالعادة، ضُبِطَ أداء المقدم اللبناني، فجاء معاكساً لحضوره وبشكل كامل لبرامجه السابقة على قناة "الجديد". تمام في "لازم نحكي" هادئ يحاور بقالب كلاسيكي لا يرفع صوته ولا ينفعل، وكأنه يحضر جسداً لا صوتاً، رغم أنه كان واحداً من أكثر الأسماء جدلاً على قناة "الجديد" لجرأة حديثه، وطرحه مواضيع شائكة، واستضافته لأسماء تشكل "تريند" على مواقع التواصل بأسلوب مستفز للغاية.

رابعة الزيات تحاور من ترضى عليه "لنا"
من جهتها، قدمت رابعة الزيات ثلاثة برامج على قناة "لنا" خلال عامين في عشرات الساعات التلفزيونية التي خُصِّصَت لمقدمة البرامج اللبنانية مع نجوم في الدراما والغناء ورجال أعمال بارزين في السلطة بسورية. إذْ مُنِحت لبرنامجها الأول تصاريح للتصوير في ساحات ومناطق سياحية هامة بسورية. لكن هذا الأمر فشل فشلاً ذريعاً، من ناحية استنساخ رابعة فكرة برنامجها على "الجديد" بشكل كامل، وسط تنفيذ سيّئ للصوت ولإدارة الحوار. فيما جاء البرنامج الثاني "قصة حلم" ليحاول العبور للجانب الإنساني والتوسع تدريجياً عبر محاورة نجوم لبنانيين على الشاشة السورية، ووقع البرنامج في فخ التكرار من حيث أسماء الضيوف وعدم القدرة على الإتيان بمحتوى جديد أو صناعة "تريند" حقيقي للحلقات المنجزة بسرعة كبيرة. أما البرنامج الثالث، فكان "حكايتي"، الذي قُدّم بميزانية منخفضة وعُرض على شاشة "لنا بلس" المخصصة للبرامج المحلية. إذْ استضافت رابعة أسماء بارزة في نظام الأسد من رجال أعمال وسياسيين، السمة المشتركة بينهم تصديرهم كواجهة للمرحلة المقبلة حسب توجه النظام السوري، دون التركيز على أهمية مسيرتهم الذاتية أو إنجازاتهم الفعلية.

دلالات

المساهمون