فناجين صباح: الرسم بالحزن

فناجين صباح: الرسم بالحزن

16 مايو 2015
السيدة صباح خلال الرسم (تصوير: حسين بيضون)
+ الخط -
لا يشبه فنجان القهوة في منزل السيدة صباح، بمدينة طرابلس شمالي لبنان، أي فنجان آخر. قد ينجح أحدهم في العثور على تصميم مشابه للفنجان في أي سوق من أسواق لبنان، لكنه لن يعثر على الرسومات التي خطّتها السيدة بريشتها المتقنة.

ترافق الفناجين ضيوف المنزل وأهله، الذين تخصص لهم صباح فنجاناً مميزاً، يحمل قولاً مأثوراً يحبّونه، أو حتى رسمةً شخصية لهم. لقد حوّلت صباح منزلها إلى مشغل صغير للرسم على الفناجين، بعد أن استقطبت هوايتها مئات الراغبين بشراء القطع المميزة التي تصنعها.

شكّلت الهواية/الحرفة مخرجاً من حالة الحزن التي واكبت صباح بعد وفاة زوجها، وقد حظيت بدعم وتشجيع كبيرين من أولادها الذين أنشأوا صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، كما ساهمت في تحويل الهواية إلى عمل مزدحم بالطلبات والمواعيد. ورغم حرص صباح على عدم النظر إلى هوايتها كوظيفة تعود ببدل مالي لها، إلا أنّ مئات الطلبات التي تتلقّاها صفحة صباح على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، تشير إلى نجاحها الكبير في "سوق العمل".

تشكّل الفناجين البسيطة والمميزة هديةً ملائمة لأشخاص تتنوع اختياراتهم، بين تلك التي تحمل وجوه شخصيات فنية لبنانية وعربية، إلى جانب مقاطع من أغانيهم العريقة، أو رسمات للزي التقليدي اللبناني مع حكم وأمثال شعبية، أو المناسبات، ففي عيد الأم أقبل كثيرون على شراء الفناجين المزينة بأغنية فايزة أحمد "ست الحبايب"، في حين أصبحت الأغاني العربية الرومنسية التي زينت فناجين صباح وأم كلثوم وفيروز إلى "الأكثر إقبالا" في عيد الحب.

وقد ساهمت دورات الرسم على "البورسلان" ودورات تعلم الخط العربي في تطوير موهبة صباح، التي خصّصت لها حيزاً صغيراً في منزلها لتحويل الفناجين الخالية من أي علامة مميزة إلى قطعة فنية فريدة من حيث الشكل والمضمون، "دائماً ما أختلف مع أولادي حول ترك بعض التفاصيل الصغيرة غير المتقنة فنياً على الفناجين. هم يقولون إن تلك الفروقات الصغيرة تميز القطع وتجعلها فريدة وهو ما يوافق عليه عدد من المشترين"، تقول صباح لـ "العربي الجديد" أثناء وضع اللمسات الأخيرة على فنجان صغير يحمل رسمة للمغنية اللبنانية فيروز.

تستفيد صباح من تشكيلة ريش الرسم المتنوعة الموجودة أمامها لتطويع اللون كما تريده أن يكون على منحنيات الفنجان الصغير. ويستغرق إعداد كل قطعة عدة ساعات بين الرسم، ووضع الفنجان في الفرن الخاص بالقطع البورسلانية لتثبيت اللون بشكل نهائي عليه. وقد حوّلت الطلبات الكثيرة فرحة الهواية إلى ضغط وتقول: "دعم أولادي لي يشجعني على الاستمرار، وكل ما أريده من هذه الهواية هو ترك ميراث مميز لأبنائي وأحفادي".

تعود صباح إلى فنجانها، وتكمل حديثها عن عائلتها ومنزلها المزين بعدة لوحات رسمتها خلال زيارات لدول أفريقية وعربية. تقف عند لوحة مميزة رسمتها بعد وفاة زوجها، فيتوقف الحديث.

اقرأ أيضاً: "المرسم" مساحة حرية وسط الحصار

دلالات

المساهمون