أحمد مجدي: المدينة مُعطّلة

أحمد مجدي: المدينة مُعطّلة

03 ديسمبر 2018
أحمد مجدي: خطوة إخراجية أولى (فيسبوك)
+ الخط -
التجربة الأولى مُصابة بعطبٍ، لن يحول دون تنبّه إلى بعض جمالياتِ صُورٍ واشتغالات. أحمد مجدي يُقدِّم "لا أحد هناك"، فيلمه الأول كمخرج. يظهر كممثل بشكل سريع، في شخصية شابٍ يروي حكاية غريبة عن زرافتين وموت وولادة. لكن الحكاية ورمزيّتها عائقٌ أمام نصّ سينمائيّ متواضع، معنيّ برسم ملامح شبابٍ مصريين يعانون مواجع وإحباطات وخيبات وانكسارات، في لحظة سياسية ـ اجتماعية منهارة. الحكاية ورمزيّتها غير واضحتين في مسار النص، وفي علاقات الشخصيات، وفي المناخ السوداوي القاسي الذي يريده أحمد مجدي فضاءً لحبكة لا تمتلك بنيانًا تقليديًا في السرد، لكونها انعكاسًا لحالات وانفعالات، يكاد الفرح والهدوء والسكينة تنعدم منها. 

عرضه الأول في "مسابقة أسبوع النقّاد الدولي"، في الدورة الـ40 (20 ـ 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 2018) لـ"مهرجان القاهرة السينمائي الدولي"، دعوة إلى اكتشاف جديدٍ ما في السينما الشبابية المصرية. لكن الدعوة تثير خيبة بسبب تلك الرمزيّة المُعطَّلة والمُعطِّلة، رغم أن هناك إمكانية مُشاهدة أهدأ إنْ يُحرَّر النصّ من الحكاية ورمزيّتها، فتنصرف المُشاهدة كلّيًا إلى متابعة مسارات شبابٍ في ليلة واحدة، في مدينة كأنها مغيّبة، لشدّة وقوعها في الفراغ والعنف والتسلّط والصِعاب.

إمعان أحمد مجدي في تصوير قسوة ما يُعانيه هؤلاء الشباب، مدخلٌ إلى محاولة فهم حالات أولئك الشباب ومصائبهم. الذهاب معهم وبهم إلى أقصى الحافة وأعمقها، تحريضٌ على التنبّه إلى واقع مضطرب ومهترئ ومنعدم الأفق.

هذا جزءٌ من نصّ غير مترجم سينمائيًا بشكل باهر، رغم أن فيه لحظات سينمائية تعتمد الصمت أو الإيقاع المتمَهِّل في التقاط نبض فرد أو حالة أو علاقة. إصرار النص على إدخال حكاية الزرافة برمزيّتها الملتبسة والغامضة، فعلٌ سلبيّ في التجوّل مع الشباب داخل أهوال يومياتهم المختصرة في ليلة واحدة. كأنّ المدينة غارقة في سبات لن يُخلخله ـ ولو قليلاً ـ إلاّ توهان شباب في شوارعها المعتمة، ومناخها العابق بالفراغ والقسوة.

"لا أحد هناك" خطوة أولى، وإن تكن متعثرة قليلاً، لشابٍ يريد قول شيء عن لحظة مضطربة، في مدينة قلقة.

المساهمون