دراما لبنان تتأرجح

دراما لبنان تتأرجح

22 يناير 2019
يوري مرقدي في "مجنون فيكي" (lbci)
+ الخط -
تتجاذب محطات التلفزة اللبنانية المسلسلات الدرامية المحلية. أسئلة كثيرة طُرحت في السابق ولا تزال تُطرح حول المعايير الخاصة التي يقبل بها المسؤولون عن هذه المحطات لعرض أو تبني مسلسل محلي؟ وهل يفتقد هؤلاء للخبرة؟ من المؤكد أن الإجابة تأتي "نعم"، بعيداً عن أي خلفية أو حسابات ضيقة. ثمة مشكلة تعيق تطور أو تقدم هذه الصناعة التي بدأت من بيروت منتصف الستينيات، واستطاعت أن تُصدّر للعالم العربي الخطوط العريضة لمن يريد خوضها.
موسما بعد آخر، تزدهر صناعة المسلسلات اللبنانية، لكن الواقع أن محاولة المؤسسات التلفزيونية جذب المشاهد بعد النتائج المرضية التي تحققها هذه الصناعة في لبنان تحديداً، ولو بخجل، وتلعب الإعلانات التجارية في لبنان دوراً أساسياً ضمن هذه الصناعة، ثم يأتي في المرتبة الثانية الاعتماد على البطولة والممثلين، الذين يتشاركون في سبيل تغذية هذا النجاح. والقصة التي تنتظرهم، بعض الحكايات تستنسخ عن الغرب، وبعضها الآخر مجرد "اسكتشات" لهواة في قالب يسمونه "دراما" يبتعد عن هذه الصناعة بفارق كبير.

قبل أسبوعين، بدأ عرض طائفة أخرى من المسلسلات اللبنانية، بعضها عربي مُشترك، تسبق موسم "رمضان 2019"، منها مسلسل "مجنون فيكي"، والواضح أن المحطة اللبنانية للإرسال قد تسرّعت في شراء هذا المسلسل، الذي ظهر الضعف فيه من الحلقة الأولى. المغني اللبناني يوري مرقدي، الذي حقق شهرة واسعة، قبل عشرين عاماً، في أغنية "عربي أنا"، ثم اختفى من الساحة الفنية، رغم محاولات قليلة من أغاني وأفلام لم تحظ بالقبول عند المتابعين، يحاول اليوم العبور إلى الناس من خلال "مجنون فيكي". نص متفلت، قصة ثانوية، أداء باهت للممثلين، كأن بعضهم يقف ليواجه الكاميرا للمرة الأولى.
السؤال، هنا: لماذا لا يستعين صنّاع هذا العمل ببعض الخبرات، لرسم خطة ناجحة وتقديم "وجبة" درامية تليق بالمشاهد العادي؟ لماذا لا يفعلون هذا بهدف تفادي كل هذا الضعف؟ المسؤولية تقع، بداية، على سوء اختيار المحطة التي تشتري هذه الأعمال، وعرضها من دون رأي المتخصصين. وهل بالإمكان الاستفادة من عرضه.
تبحث بعض المحطات اللبنانية عن موقع لبقائها مُتصدرة للمشهد كل مساء. الإحصاءات تتنافس طوعاً ولزاماً من أجل الفوز برقم خيالي ينقذها من الفشل، لكن بالطبع تنكسر بعض الإحصاءات رغم الأرقام أحياناً، أمام رد فعل الجمهور العادي على صفحات التواصل، أثناء عرض المسلسل، أو خلال الساعات التي تلي العرض. ردود فعل تعبر عن هذا الضعف، الذي تحول خلال سنوات قليلة إلى ميزان "حال" هذه المسلسلات، وتقييمها من خلال الآراء مجتمعة.

"مجنون فيكي"، حتى اليوم، لا يحصد إلّا ردود فعل سلبية، تتعلّق بأداء الممثلين بالدرجة الأولى، والقصة والسيناريو، وذلك بعد أيام قليلة من اجتياز المحطة التي تعرضه "امتحاناً" يُقال إنه ساهم في تقدم أو تطور صناعة الدراما اللبنانية. مسلسل "ثورة الفلاحين"، رغم بعض المغالطات التاريخية لجهة القصة، تقدّم إلى الصف الأمامي، من خلال التقنيات، والكادر الفني، لجهة التصوير والمشاهد، والأداء المقنع نوعاً ما لبعض الممثلين اللبنانيين.
فامتحان الدراما اللبنانية يختزل في كل مرة، المستوى الذي يجب أن تبنى عليه هذه الصناعة، متأرجحاً، بين نقيضين؛ النجاح والرسوب.

المساهمون