علاقة مرتبكة بين السينما ومهرجان القاهرة

علاقة مرتبكة بين السينما ومهرجان القاهرة

14 نوفمبر 2016
لقطة من "آخر أيام المدينة" لتامر السعيد (فيسبوك)
+ الخط -
تبدأ الدورة الـ 38 (15 ـ 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2016) لـ "مهرجان القاهرة السينمائي الدولي"، والخلاف محتدمٌ بين إدارته والمخرج المصري تامر السعيد، حول فيلمه الروائي الطويل الأول "آخر أيام المدينة". الخلاف ناشئ منذ لحظة سحب المهرجان فيلم السعيد، بعد موافقة على إشراكه في "المسابقة العربية للمهرجان"، بحسب إدارة الأخير، أو في قسم "أفلام مصرية" كما يُردِّد المخرج وداعموه.
الروايات المتداولة شفهية، رغم عدد من المقالات التي تسردها- الشفهي لعنةٌ- يُتيح لقائله التنصّل منه في أي وقت، ولأي سبب. تقول إدارة المهرجان إن هذا معروفٌ في المهرجانات الدولية كلّها. لكن المأزق كامنٌ في أن أحداً لن يستطيع كشف حقيقة المراسلات الشفهية بين الطرفين. فالإدارة تقول إن السبب متمثلٌ في مشاركة الفيلم في مهرجانات كثيرة، وهذا ـ بالنسبة إليها ـ مخالفٌ لقانون المهرجان. والمخرج يُعلن أنه متوقّف عن إرسال الفيلم إلى أي مهرجان، وأنه لم يُوافق على عرضه في "أيام قرطاج السينمائية" و"مهرجان دبي السينمائي الدولي"، لرغبته الشديدة في عرضه في مهرجان يُقام في "بلده"، ويحمل اسم "مدينته".
لن تكون المرة الأولى التي يواجه فيها "مهرجان القاهرة السينمائي الدولي" مأزقاً متعلّقاً بالحضور السينمائي المصري الجديد. في كلّ دورة من دوراته السابقة، أقلّه في الأعوام القليلة الفائتة، يفشل في الحصول على فيلم مصري لإشراكه في المسابقة الرسمية، أو يعثر على واحد أو اثنين في اللحظات الأخيرة. في الدورة السابقة، برئاسة ماجدة واصف، للمرة الأولى بعد سمير فريد، هناك فيلمان اثنان في المسابقة المذكورة: "من ضهر راجل" لكريم السبكي، و"الليلة الكبيرة" لسامح عبد العزيز، وهما من إنتاج "شركة السبكي"، المعروفة بتمويلها أفلاماً تجارية بحتة. في حين أن الإدارة الفنية، برئاسة يوسف شريف رزق الله، اختارت "يوم للستات" لكاملة أبو ذكري (فيلم الافتتاح)، و"البرّ الثاني" لعلي إدريس، في هذه الدورة. بالإضافة إلى برنامج خاصّ بالسينما المصرية، يضمّ 8 أفلام، منها "اشتباك" لمحمد دياب، و"الماء والخُضرة والوجه الحسن" ليُسري نصر الله، إلى "قبل زحمة الصيف" للراحل محمد خان، و"نوّارة" لهالة الخليل.
مشكلة تامر السعيد تطرح سؤال العلاقة الجدّية بين مهرجان القاهرة والسينما المصرية. الارتباك سمة أساسية ومزمنة. الصدام بين المهرجان وسينمائيين مصريين كثيرين قديمٌ. هؤلاء ينفضّون عنه منذ أعوام، والجيل الشاب بينهم لا يشعر بانتماء إليه، ولا بانتماء المهرجان إلى البلد. مأزقٌ كهذا لا يُحرِّض أحداً على إعادة نظر جذرية في العلاقة، بحثاً عن سبل ترتيبها مجدّداً. لن تبخل السينما المصرية بأفضل ما لديها، إن يُحسِّن المهرجان أداءه تجاهها. فالمسؤولية الأولى يتحمّلها المهرجان، ما يعني أن عليه القيام بالخطوة التصحيحية الممكنة. أما السينمائيون المصريون، فعليهم تخفيف حدّة المواجهة معه، بانتظار أن يفتح المهرجانُ البابَ أمام نقاش جدّي وعميق، يُفترض به أن يحصل قريباً، يتناول كيفية انتشال المهرجان من ارتباك علاقته بهم، وبالسينما المصرية والبلد.

المساهمون